اليمن.. الحوثيون يسيطرون على مديرية في مأرب والأمم المتحدة تدعو لوقف القتال

قالت مصادر محلية يمنية إن جماعة الحوثيين سيطرت على مركز مديرية "العَبدية" جنوب غربي محافظة مأرب بعد انسحاب رجال القبائل بسبب نفاد الذخيرة والغذاء، في وقت دعت فيه الأمم المتحدة لوقف القتال في مأرب، قائلة إن استمراره يضع آلاف اليمنيين في وضع صعب، ويؤدي إلى انتهاكات لحقوق الإنسان.

ويحاصر الحوثيون مديرية العبدية منذ 3 أسابيع، وشنوا هجوما عنيفا ومكثفا، مما تسبب في احتراق مخازن الحبوب، ونشر ناشطون موالون للحوثيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي صورا تظهر مسلحي الجماعة ينتشرون في مركز مديرية العبدية.

ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن مصادر محلية أن الحوثيين تمكنوا من السيطرة على مركز مديرية العبدية، في وقت لا تزال فيه الاشتباكات مستمرة بشكل عنيف جنوب وشرق المديرية، وسط موجة نزوح داخلية كبيرة من قبل المدنيين جراء القصف.

وتقع مديرية العبدية جنوب غربي مدينة مأرب، ويقطنها 36 ألف شخص، وتكتسب أهمية إستراتيجية نظرا لموقعها الجغرافي الذي يجعل منها إحدى بوابات محافظة مأرب، فضلا عن ارتباطها الجغرافي بمحافظتي البيضاء وشبوة من جهتي الغرب والجنوب عبر سلسلة جبلية واسعة.

وكانت المديرية تمثل منطلقا للقوات الحكومية للتحرك نحو محافظة البيضاء لقطع خطوط الإمداد عن الحوثيين باتجاه محافظة شبوة.

قلب الموازين

وقال الصحفي اليمني أحمد عايض إن نفاد الإمدادات العسكرية والغذائية، وكثافة هجمات الحوثيين على العبدية، أسهما في قلب موازين المعركة جنوبي مأرب. وأضاف عايض في تصريحات للجزيرة أن العبدية تشهد عمليات نزوح للمدنيين، مع استمرار الهجمات عليها من أكثر من جهة.

وبهذا التقدم في العبدية يقترب الحوثيون من السيطرة على مركز مديرية الجوبة، الذي يبعد عن مدينة مأرب الغنية بالنفط بنحو 30 كيلومترا، والمدينة هي آخر معاقل الحكومة الشرعية شمالي البلاد، كما أنها معقل الجيش الوطني ومقر وزارة الدفاع.

ووصف نصر الدين عامر، وكيل وزارة الإعلام التابعة للحوثييين، سيطرة الجماعة على مديرية العبدية بأنها جزء مما وصفه بتحرير الأراضي اليمنية.

وقال عامر في مقابلة مع الجزيرة إن الهدف هو وقف سيطرة القوات الأجنبية ومنع القوات السعودية والإماراتية من احتلال أي جزء من الأراضي اليمنية، مضيفاً أن "تحرير" كل محافظة مأرب هو حجر الزاوية في ذلك، وفق تعبيره.

وقد أعلنت السلطات الصحية في مأرب مديريةَ العبدية منطقة منكوبة، وقالت إنها تعيش مأساة إنسانية نتيجة الحصار، وقصف المستشفى الوحيد فيها من طرف الحوثيين.

وذكرت مصادر محلية أن أكثر من 70 جريحا في مديرية العبدية يعانون أوضاعا حرجة في ظل استمرار منع دخول المؤن الغذائية والدوائية، وأخطرت الحكومة اليمنية يوم الثلاثاء الماضي الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بمعاناة 35 ألف محاصر من الحوثيين في العبدية، مطالبة بموقف دولي عاجل لفك الحصار.

وقال التحالف بقيادة السعودية الجمعة إنه نفذ 40 استهدافا لآليات وعناصر الحوثيين في العبدية بمأرب والقرى المحيطة خلال 24 ساعة، ولاحقا أعلن التحالف أن الدفاعات الجوية السعودية دمرت طائرة مسيرة مفخخة أطلقها الحوثيون باتجاه جازان جنوبي المملكة.

وأضافت المصادر أن تبادلا للقصف المدفعي شهدته جبهات القتال في مديرية الجوبة جنوبي محافظة مأرب بين قوات الجيش اليمني ورجال القبائل من جهة، ومقاتلي جماعة الحوثي من جهة أخرى.

الأمم المتحدة

في الأثناء، دعا مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الخاص إلى اليمن هانز غروندبيرغ الحوثيين إلى وقف التصعيد في مأرب، وأوضح أن استمرار القتال يضع آلاف اليمنيين في وضع صعب، ويؤدي إلى انتهاكات لحقوق الإنسان.

بدوره، قال منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ديفيد غريسلي، في بيان، إن من شأن اتفاق أطراف الصراع على وقف القتال في العبدية "السماح بمرور آمن للمدنيين والعاملين في المجال الإنساني وكذلك إجلاء الجرحى".

وأضاف غريسلي أن نحو 35 ألف شخص يواجهون صعوبات في دخول المديرية أو الخروج منها، بينهم 17 ألفا من الفئات الأكثر ضعفا فروا إلى العبدية بعد هربهم من القتال في أماكن أخرى.

وتابع بيان المسؤول الأممي أن الاشتباكات تعقّد أيضا إيصال المواد الأساسية والمساعدات الإنسانية، وكذلك وصول الرعاية الطبية للمرضى والجرحى. وكانت منظمة الهجرة الدولية ذكرت أنه نزح نحو 10 آلاف شخص في سبتمبر/أيلول الماضي وحده في محافظة مأرب.

المديريات الجنوبية

ومنذ أسابيع، تشهد المديريات الجنوبية من محافظة مأرب النفطية الإستراتيجية معارك هي الأعنف بين قوات الجيش اليمني مسنودة بقوات التحالف بقيادة السعودية من جهة، ومسلحي الحوثيين المتهمين بتلقي الدعم من إيران من جهة ثانية، خلفت خسائر مادية وبشرية كبيرة لدى كلا الطرفين، إلى جانب مدنيين.

وتمكن الحوثيون خلال هذه المعارك من السيطرة على مديرية حريب جنوبي مأرب، ومديريتي بيحان والعين في محافظة شبوة المحاذية لها.

ويشهد اليمن حربا منذ نحو 7 سنوات، أودت بحياة أكثر من 233 ألف شخص، وبات 80% من السكان، البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة، يعتمدون على الدعم والمساعدات، في أسوأ أزمة إنسانية بالعالم، وفق الأمم المتحدة.

وللنزاع امتدادات إقليمية منذ مارس/آذار 2015، إذ ينفذ تحالف بقيادة الجارة السعودية عمليات عسكرية دعما للقوات الحكومية، في مواجهة الحوثيين المدعومين من إيران والمسيطرين على عدة محافظات بينها العاصمة صنعاء.

المصدر : الجزيرة + وكالات