ماذا سيتغير في السياسة الخارجية الأميركية مع سيطرة الديمقراطيين على البيت الأبيض والكونغرس؟

حاول الرئيس المنتخب جو بايدن رسم الملامح العريضة للسياسة الخارجية التي ستنتهجها إدارته مستقبلا في عبارتين "أميركا عادت"، و"سنعمل في ملفات عدة على التنسيق مع حلفائنا".

وهذه السياسة عززتها سيطرة الديمقراطيين على الكونغرس بغرفتيه النواب والشيوخ، مما يجعلهم في شبه طريق مفتوح للابتعاد عن إرث الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب وإدارته، ومعالجة ما أثرت به في سياسات الولايات المتحدة وصورتها.

ورغم أن السياسة الخارجية الأميركية تصوغها مؤسسة الرئاسة فإن الدستور منح الكونغرس نفوذا، ولا سيما في بنود الموازنة والتصديق على ترشيحات الرئيس والمعاهدات الدولية ومراجعة مبيعات السلاح.

كما يلعب الكونغرس دورا في التجارة والمعونات الدولية والتشريعات المتعلقة بحقوق الإنسان والعقوبات.

ولا تعني سيطرة حزب الرئيس على الكونغرس أن المؤسسة التشريعية تنساق بالكامل وراء أولويات السياسة الخارجية للبيت الأبيض، كما أنها لا تتحول تلقائيا في حال الخلاف إلى كابح لهذه الأولويات.

فالرئيس الأميركي يمتلك صلاحيات تنفيذية تمكنه من تجاوز الكونغرس أحيانا كما فعل الرئيس دونالد ترامب في ملفات الهجرة واللجوء والإجراءات المالية والسياسية التي اتخذها بحق الفلسطينيين وصفقات السلاح مع السعودية والإمارات.

كما أن الرئيس يمتلك حق الفيتو، وقد استخدمه ترامب عام 2019 ضد قرار تبناه الكونغرس بوقف الدعم الأميركي للتحالف في حرب اليمن.

وعليه، فإن من المتوقع أن يجدد الديمقراطيون -وقد سيطروا على الكونغرس- المسعى لوقف حرب اليمن.

كما أن الديمقراطيين -من خلال سيطرتهم على اللجان المعنية بالمخصصات المالية والسياستين الخارجية والدفاعية- قد يعززون معايير حقوق الإنسان والحريات السياسية، وهي المعايير التي تعاملت معها إدارة ترامب بانتقائية وفق تصنيفها للخصوم والحلفاء.

نفوذ تيار اليسار

ويتسم الكونغرس الحالي بنفوذ غير مسبوق لتيار اليسار في الحزب الديمقراطي، وقد أعرب رموزه عن رغبتهم بتبني سياسة خارجية أكثر تقدمية.

ومع السيطرة على الكونغرس فإن من المتوقع أن يمارس هذا التيار ضغوطا على إدارة بايدن لاتخاذ مواقف أكثر حزما حيال انتهاكات الحكومات التي تعد حليفة أو شريكة لواشنطن، ولا سيما أن الرئيس المنتخب صرح مرارا بنيته انتهاج سياسة خارجية تقوم على المثل لا المصالح فقط.

كما أن مطلب تيار اليسار بخفض موازنة الدفاع قد يفتح الباب أمام إعادة النظر في الشراكات الأمنية للولايات المتحدة حول العالم، والأهم هو إثارة نقاش يتعلق بدور واشنطن على الساحة الدولية.

المصدر : الجزيرة