وسط دعوات لمقاطعته وأخرى لاستقباله.. شاهد وصول البطريرك ثيوفيلوس الثالث إلى بيت لحم

وسط حراسة أمنية فلسطينية مشددة، وصل بطريرك الروم الأرثوذكس ثيوفيلوس الثالث إلى بلاط ساحة كنيسة المهد (وسط مدينة بيت لحم جنوب الضفة الغربية المحتلة) ظهر الأربعاء، استعدادا لإقامة قداس منتصف الليل، في ظل احتفالات الطوائف المسيحية الشرقية بأعياد الميلاد.

ويأتي وصول ثيوفيلوس الثالث في ظل جدل في الشارع المسيحي بشكل خاص والفلسطيني بشكل عام؛ بعد معلومات عن تسهيله تسريب أراض تتبع البطريركية في فلسطين إلى الاحتلال الإسرائيلي، ووسط دعوات لمقاطعته وعزله، مقابل دعوات أخرى تدعو إلى عدم جعل أي خلافات أخرى تعكر فرحة العيد.

استقبال البطريارك ثيوفولس الثالث المتهم بتسريب أراضٍ وقفية للكنيسة للاحتلال
البطريرك ثيوفيلوس الثالث بعد وصوله بيت لحم (الجزيرة نت)


تسريب للاحتلال
عضو المجلس المركزي الأرثوذكسي في فلسطين والأردن جلال برهم كشف حديثا عن تسريب ثيوفيلوس نحو 110 دونمات من أراضي دير "مار إلياس" في بيت جالا (غرب بيت لحم) لصالح مشاريع استيطانية ستخدم مخططات الاحتلال، فيما يعرف إسرائيليا "بالقدس الكبرى" التي ستضم مئات الدونمات من أراضي بيت لحم المجاورة.

ويقول برهم للجزيرة نت إنه بات من الواضح والجلي رغم الشكاوى الجزائية التي قُدمت للنائب العام الفلسطيني حول مخالفات البطريرك وتسريب الأرض، أنه لم يرتدع ويسير بذات الطريقة والنهج على تسريب الأراضي الوقفية للطائفة.

استقبال البطريارك ثيوفولس الثالث المتهم بتسريب أراضٍ وقفية للكنيسة للاحتلال
فلسطينيون يصطفون لاستقبال البطريرك ثيوفيلوس ببيت لحم (الجزيرة نت)

وتهدف العملية -حسب برهم- إلى استكمال حلقة الحزام الاستيطاني الذي يبتلع أراض في بيت لحم لصالح المشاريع الاستيطانية المعروفة "جفعات همتوس واحد واثنان"، وهو حزام استيطاني في وحدات سكنية ومرافق عامة، ستضرب الاقتصاد السياحي في بيت لحم، وتؤثر على الحالة السياسية والجغرافية للمحافظة، وكذلك ستسلخ القدس عن امتدادها الجغرافي جنوبا نحو بيت لحم، وستعزل أحياء مقدسية عن بعضها بشكل كامل.

ويؤكد برهم للجزيرة نت أنه خلال عهد ثيوفيلوس وفي السنوات القليلة الماضية تم الكشف عن 25 صفقة تسريب داخل القدس وحدها بشرقها وغربها والقدس القديمة، وهذا يعني إسهام الرجل بشكل واضح ومباشر في تغيير هوية القدس لصالح التهويد والأسرلة.

وكشف برهم للجزيرة نت عن أن الرئيس محمود عباس أعطى الضوء الأخضر للنائب العام في فلسطين للسير بالقضية المرفوعة ضد ثيوفيلوس الثالث، وكشف كل تفاصيل تسريبات الأراضي، مؤكدا أن المجلس المركزي جسم قانوني ومعترف به وله قوانينه العادلة، وهو هيئة وطنية معروفة وتصريحاتها بالعلن.

استقبال البطريارك ثيوفولس الثالث المتهم بتسريب أراضٍ وقفية للكنيسة للاحتلال
ثيوفيلوس الثالث وصل بيت لحم في ظل إجراءات أمنية مشددة (الجزيرة نت)


الاحتفاء بالعيد عام وليس شخصيا
ورغم دعوات مقاطعة استقباله عند وصوله بيت لحم، فإن مئات من الفلسطينيين ومن طائفة الروم الأرثوذكس استقبلوا الرجل، وأحدهم جريس قنواتي عضو مجلس شورى في كشافة الروم الأرثوذكس في بيت لحم، الذي قال للجزيرة نت إن استقبال البطريرك يجب ألا يتأثر، ويجب الحفاظ على" الستاتيكو" المتبع، لأن الاحتفالية عامة وليست شخصية، مؤكدا أن كل رعية الروم الأرثوذكس ضد التسريب أو البيع لمؤسسات صهيونية واحتلالية.

أما أحد الشبان الرافضين لاستقباله، والذي رفض الكشف عن هويته، فيقول للجزيرة نت إن حساسية القضية الأرثوذكسية تكمن في تعامل بعض أبناء الطائفة معها كمحاولة تشويه للدين المسيحي وشخوصه في فلسطين، لكنها على العكس من ذلك فهي محاولة للنضال ضد سياسة عامة للبطريركية تنتهجها منذ عشرات السنين تشوه صورة المسيحيين في فلسطين باعتبارهم مسربين للأراضي.

ويتابع أنه ورغم معارضة العديد من أبناء الطائفة لطريقة النضال، فإن الأغلبية العظمى منها ترفض رفضا قاطعا أي سياسة تهدف إلى تحييد الصوت العربي داخل الكنيسة الشرقية ومطالباته بتغيير السياسة القائمة.

البطريركية ترد
لم نستطع الوصول إلى المتحدث باسم البطريركية بسبب انشغاله بتحضيرات العيد، ولكن البطريركية كانت أصدرت بيانا اتهمت فيه جهات استيطانية بترويج مدفوع الأموال لتشويه صورتها أمام رعيتها وأمام الفلسطينيين بشكل عام.

وأكدت البطريركية أنها لم تقم بتسريب أي أرض وقفية لها، وأن أي أراض قام الاحتلال بالسيطرة عليها فهي بحكم أوامره العسكرية، مؤكدة أنها تتابع القضايا في المحاكم الإسرائيلية.

واتهمت البطريركية أشخاصا بإيجاد مناصب وهمية للهجوم عليها، ويتم تمويلها لنشر الأكاذيب ضدها، مؤكدة أنها تضاف لضغوط جمعية "عطيرت كوهانيم" الاستيطانية ضد البطريرك ثيوفيلوس الثالث والكنيسة الأرثوذكسية؛ لإجبارها على تسليم عقارات تتبع لها في باب الخليل (أحد أبواب القدس القديمة) للجمعية الاستيطانية المتطرفة.

استقبال البطريارك ثيوفولس الثالث المتهم بتسريب أراضٍ وقفية للكنيسة للاحتلال
مئات الفلسطينيين ومن طائفة الروم الأرثوذكس استقبلوا ثيوفيلوس الثالث رغم الدعوات لمقاطعته (الجزيرة نت)

وحول دير "مار إلياس" قالت البطريركية -في بيانها- إنها تخطط لترميم الدير التاريخي المهم، نافية أي ادعاءات لتأجير الدير؛ "لأن الأديرة لا تؤجر أو تباع".

وبخصوص الأراضي التي سيقام عليها التجمع الاستيطاني حول القدس، أكدت البطريركية أن الأرض المستولى عليها إسرائيليا، والتي تتبع الدير يستولي الاحتلال عليها منذ عام 1974، وكانت بلدية الاحتلال في القدس أعلنت منذ عام 2009 أنها المتصرف الوحيد فيها، بهدف استخدامها في مرافق عامة، مؤكدة أنها ستحاكم كل شخص يقوم بتشويه صورتها.

وتملك بطريركية الروم الأرثوذكس في فلسطين مساحات تقدر بـ7% من مساحتها التاريخية، إضافة إلى عقارات ممتدة في القدس تقدر بـ27% من مساحتها، ومن هذه العقارات أديرة ومدارس وساحات ومساحات زراعية واسعة.

المصدر : الجزيرة