انتخابات "تنفيذي" النهضة.. هل خسر الغنوشي نفوذه أم عززه داخل الحركة؟

قال رئيس حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي، صباح اليوم الأربعاء، إنّ حكومة إلياس الفخفاخ، لن تمر ولن تنال ثقة البرلمان في حال تم إقصاء حزب قلب تونس من تشكيلتها، معتبرا أن الرئيس قيس سعيّد لم يختر الشخصية الأفضل.
نتائج المكتب التنفيذي لحركة النهضة محل جدل حول نفوذ رئيس الحركة راشد الغنوشي في المرحلة المقبلة (مواقع التواصل)

خلّفت النتائج التي أفرزتها انتخابات المكتب التنفيذي الجديد لحركة النهضة جدلا واسعا، حول أسماء الذين صعدوا والذين خسروا مقاعدهم، على الرغم من عرض رئيس الحركة قائمة توافقية على التصويت، تجمع داعميه ومعارضيه.

وأعلنت النهضة في بلاغ رسمي عن تركيبة مكتبها التنفيذي -17 عضوا- بعد نحو 8 أشهر من حل رئيسها المكتب السابق، وتحويله لتصريف الأعمال، بررته حينها بأنه "استجابة لمتطلبات واستحقاقات المرحلة".

وشهدت نتائج الانتخابات، التي جرت السبت الماضي، صعود أسماء محسوبة على الشق المعارض للتمديد للغنوشي على رأس الحركة، أو ما يعرف بـ "مجموعة المئة" على غرار القيادي عبداللطيف المكي ونور الدين العرباوي، مقابل خسارة مبدئية لمقربين منه كأنور معروف ورفيق عبدالسلام.

وسبق أن وجّه 100 قيادي في الحركة رسالة لرئيسها راشد الغنوشي تطالبه خلالها بعدم الترشح لعهدة جديدة، احتراما للقانون الداخلي الذي يكرّس مبدأ التداول، ويقضي بانتخاب رئيس جديد خلافا للغنوشي خلال المؤتمر المقبل.

وبالمقابل، دافع شق آخر مقرب من رئيسها على بقائه رئيسا للحركة، وحجتهم في ذلك حاجة الحزب والبلاد له كشخصية اعتبارية لها من الرصيد السياسي والنضالي والخبرة في إدارة الشأن العام.

جدد مجلس شورى حزب حركة النهضة في تونس تمسكه بقرار ترشيح رئيس للحكومة الجديدة من داخل الحركة، ورشح زعيمه راشد الغنوشي لرئاسة البرلمان.
حركة النهضة تشهد جدلا منذ أشهر حول التجديد لقيادة راشد الغنوشي للحركة بعد المؤتمر المقبل (مواقع التواصل الاجتماعي)

تدارك للقائمة التوافقية

وتأتي انتخابات المكتب التنفيذي لحركة النهضة -بحسب متابعين- على وقع أزمة داخلية حادة، أفضت لجملة من الاستقالات الوازنة من الغاضبين على سياسات رئيسها في علاقة بتأجيل المؤتمر الـ11 للحركة، والتمديد لولاية الغنوشي، على غرار مستشاره السابق لطفي زيتون والقيادي المؤسس عبدالحميد الجلاصي.

ويؤكد عضو شورى النهضة وأحد المحسوبين على مجموعة المئة، محسن السوداني للجزيرة نت أن الغنوشي سيعيد خلال هذا الأسبوع عرض القائمة التوافقية على التصويت مجددا، بهدف استكمال انتخاب بقية الأسماء التي سقطت بسبب إخلالات تنظيمية شابت التصويت.

وشدد على وجود مساعي حثيثة صلب قيادات النهضة على طي صفحة الخلافات، والتوجه نحو التوافق والإعداد للمؤتمر الانتخابي المقبل في ظروف ملائمة واستعادة الحركة لوحدة صفها.

وعلّق القيادي في النهضة رفيق عبدالسلام على نتائج انتخابات المكتب التنفيذي الجديد في تدوينة عبر حسابه الشخصي بالقول، "يشرفني اليوم الانتقال من موقع القيادي إلى العضو المنتسب والفاعل، رغم أنني ما زلت أحمل صفة عضو مجلس الشورى..".

صفعة لأعداء النهضة

ويشدد القيادي في الحركة نور الدين البحيري على أنه لا يوجد رابحون أو خاسرون في انتخابات المكتب التنفيذي للحركة، مضيفا "التوافق وصوت الحكمة هو الذي انتصر بعد تقديم قائمة توافقية تجمع المعارضين والمؤيدين للغنوشي".

ويؤكد أنه على عكس ما تروج بعض الأصوات المدفوعة بعماها الأيديولوجي، فقد نجح الغنوشي في تطويق الخلافات الداخلية وتقريب وجهات النظر بين قيادات الحركة وتقديم قائمة اسمية توافقية لا تقصي أحدا، وفق تعبيره.

ويضيف البحيري في حديثه للجزيرة نت، "الغنوشي لم يخسر نفوذه ولا مكانته داخل الحركة، بل عززها في قلوب أبنائها، بعد ظهوره بمظهر الزعيم المتعالي عن الحسابات الشخصية والحسابات الفئوية، ومواصلته في نهج التوافق كخيار لا غنى عنه".

ويعتبر البحيري أن من راهن على الانشقاقات داخل الحركة، وسوّق لانفراط عقدها، خاب مسعاه وتلقى "صفعة مدوية"، بعد التوافق الحاصل الذي أفرزته نتائج انتخابات المكتب التنفيذي.

ويلفت إلى أن انتخابات المكتب الجديد وما أفرزته من تنوع في الأسماء محسوبة على الغنوشي وأخرى ضده، يعد حجر أساس للانطلاق نحو الإعداد للمؤتمر الـ11 للنهضة.

يشار إلى أن الغنوشي كان قد حسم في حوار سابق للجزيرة قراره بعدم الترشح لولاية جديدة على رأس النهضة، التزاما منه باحترام قانونها الداخلي، لينهي جدلا تواصل لأشهر داخل الحركة وخارجها.

المصدر : الجزيرة