بعد التضييق عليه في الإنترنت.. فورين بوليسي: الصين وروسيا تفتحان أحضانهما لليمين المتطرف الأميركي

"Proud Boys" and Antifa fight in Washington, D.C.
أعضاء من جماعة "براود بويز" اليمينية المتطرفة في مسيرة بواشنطن (الأناضول)

قالت مجلة فورين بوليسي (Foreign Policy) إن جماعات اليمين المتطرف الأميركية التي تم التضييق عليها بشكل كبير في مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة بعد أحداث الشغب بمبنى الكابيتول، باتت الآن تلجأ لمقدمي خدمات الإنترنت في دول استبدادية -مثل الصين وروسيا- لا تخفي غبطتها بلعب هذا الدور.

وذكرت المجلة -في تقرير لفيرغيس رايان الباحث بالمركز الدولي للسياسات الإلكترونية في أستراليا- أن كلا من روسيا والصين اللتين تملكان قدرة عالية على فرض الرقابة على أي محتوى "غير مقبول"، خاصة بكين التي تمتلك جهاز الرقابة الأكثر شمولا وتطورا في العالم، أصبحتا على ما يبدو ملاذا آمنا للمحتوى الغربي المتطرف، مما يعكس تحالفا مقلقا يزداد اتساعا بين جماعات اليمين المتطرف والأنظمة الشمولية.

وأشارت إلى أن منصات ومواقع اليمين المتطرف الأميركي على الإنترنت -مثل موقع "ديلي ستورمر" (Daily Stormer) الإخباري الذي يروّج لخطابات سمو العرق الأبيض والنازيين الجدد- تسعى لوقف الاعتماد على الخدمات التي تقدمها الشركات الكبرى لاستضافة وحماية المواقع، مما يجعل من الصعب مراقبتها وحظرها من قبل السلطات.

ويُظهر بحث في موقع "هويس" (Whois) المختص في نطاقات المواقع (الدومين) أن اسم النطاق الذي يستخدمه موقع "ديلي ستورمر" تم تسجيله من خلال شركة يقع مقرها في مقاطعة غوانغدونغ الصينية تأسست عام 2000، وهي مسجلة ومعتمدة لدى كل من شركة الإنترنت للأسماء والأرقام المخصصة المسجلة في كاليفورنيا، ومركز معلومات شبكة الإنترنت الصيني أكبر وكالة لإدارة خدمات الإنترنت في الصين.

ويؤكد أندرو أنغلين مؤسس موقع "ديلي ستورمر" أن البحث عن بديل لاستضافة موقعه كان "أمرا سهلا" بالنسبة له، مشيرا إلى أنه "كان دائما مؤيدا نسبيا لجمهورية الصين الشعبية أو على الأقل ليس ضدها"، لكنه شدد على أن أي مواقع يمينية تستمر في انتقاد بكين "ستقابل بقدر أقل بكثير من الود مما لقيه هو".

وتظهر مراجعة أرشيف الموقع أن هذا الأمر فعلا صحيح، حيث يكتب أنغلين كثيرا عن دعمه لسياسات بكين ضد مسلمي الإيغور، ويؤكد أن الصين تتمتع بحرية تعبير أكثر من الولايات المتحدة، حتى إنه دافع عن خيار "احتلال صيني للغرب" بديلا عن "حكم يهود" مفترض، كما دعا اليمينيين المتطرفين إلى استخدام تطبيق المراسلة الصيني "وي تشات" باعتباره بديلا "أكثر أمانا" من تطبيقات المراسلة الفورية الأخرى.

الخيار الروسي

وتقدم شركات خدمات الإنترنت الروسية -بحسب المجلة- خيارا آخر للمواقع المتطرفة الأميركية، فبعد استخدام اسم نطاق مستضاف في الصين، تحوَّل موقع "ديلي ستورمر" إلى نطاق بديل ينتهي بحرفي "إس يو" (.su)، وهو أعلى نطاق مستوًى لما عرف في السابق بالاتحاد السوفياتي.

وحتى وقت قريب، كانت شركة "دي دوس غارد" (DDoS-Guard) المملوكة لروسيا توفر حماية ضد هجمات رفض الخدمة لشركة "فانوا تيك" (VanwaTech) المضيفة التي تتخذ من ولاية واشنطن مقرا لها، والتي كانت بدورها تقدم خدمات الاستضافة لموقع "ديلي ستورمر" ومنتدى "8كون" (8kun) المرتبط بجماعات تفوق العرق الأبيض والنازيين الجدد ومعاداة السامية وعمليات إطلاق نار جماعية متعددة واستغلال الأطفال.

وتختم المجلة بأن "الضبط القانوني" لهذه المواقع والمنصات المتطرفة قادم لحسن الحظ مع إدارة الرئيس جو بايدن الحالية. لكن حتى في حال إقرار ضوابط لاحتواء الخطاب والأيديولوجيا اليمينية، فمن المرجح أن تواصل هذه المواقع الإلكترونية المتطرفة بحثها عن ملاذات آمنة مثل روسيا والصين، حيث يمكنها بسهولة التخلص من الضغوط الدبلوماسية والسياسية والقانونية.

المصدر : فورين بوليسي