نيويورك تايمز: مصر نفت أن يكون نقص الأكسجين تسبب بمقتل مصابين بكورونا.. لكنه وقع بالفعل

صورة محزنة جدا لممرضة تجلس في زاوية غرفة بالعناية المركزة في مستشفى الحسينية المركزي - مصر، بعد انقطاع الأكسجين عن مصابي كورونا ولا تجد ما تفعله لهم وسط حالة فزع كبيرة
ممرضة أصيبت بحالة هلع خلال حادث انقطاع الأكسجين بمستشفى الحسينية (مواقع التواصل)

كذبت صحيفة نيويورك تايمز (The New York Times) رواية السلطات المصرية بأن وفاة عدد من المصابين بفيروس كورونا، في أحد المستشفيات الحكومية بمحافظة الشرقية مطلع يناير/كانون الثاني الجاري، لم يكن بسبب نقص إمدادات الأكسجين.

وكان مقطع مصور مدته 47 ثانية تم تداوله بشكل واسع -ويعتقد أنه صوّر داخل وحدة العناية الفائقة بمستشفى الحسينية الحكومي- قد أظهر حالة من الهلع والفوضى بسبب ما قال إنه "نقص حاد في الأكسجين" تسبب في مقتل 4 أشخاص على الأقل.

وقد نفت السلطات هذه الرواية مؤكدة أن من ماتوا داخل المستشفى "كانوا على أجهزة تنفس اصطناعي وأن وفاتهم طبيعية نتيجة لتدهور حالتهم بسبب الإصابة بفيروس كورونا ولأنهم أصحاب أمراض مزمنة."

وذكرت الصحيفة الأميركية -في تحقيق للمراسلتين في الحسينية ونيويورك، منى النجار ويسر الحلو- أن مقطع الفيديو الذي كشف بعضا من تفاصيل الحادثة قدم بالنسبة للعديد من المصريين عرضا نادرا وغير خاضع للرقابة لحجم الخسائر الحقيقية التي تتكبدها مصر في ذروة الموجة الثانية من الوباء.

وأكدت المراسلتان -نقلا عن شهود عيان بعضهم من أعضاء الطاقم الطبي وأقارب المتوفين- أن ضغط الأكسجين وقت الحادثة انخفض إلى مستويات متدنية للغاية مما تسبب في وفاة المرضى الأربعة.

كما أكد تحليل دقيق لمقطع الفيديو -أجراه أطباء في مصر والولايات المتحدة- أن المشهد الفوضوي الذي ساد حينئذ في وحدة العناية المركزة يشير بوضوح إلى انقطاع في إمدادات الأكسجين.

وكشف التحقيق أيضا أن نقص الأكسجين "القاتل" كان نتيجة حتمية لسلسلة من المشاكل في المستشفى، حيث ثبت أنه بحلول الوقت الذي كان فيه المرضى يختنقون ويفقدون أرواحهم في وحدة العناية المركزة، تأخر لساعات وصول شحنة من الأكسجين تم طلبها في وقت سابق، كما كان نظام الأكسجين الاحتياطي خارج الخدمة.

وقال طبيب في المستشفى تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته مخافة الاعتقال "لن ندفن رؤوسنا في الرمال ونتظاهر بأن كل شيء على ما يرام.. العالم بأسره يمكنه الاعتراف بأنه كانت هناك مشكلة إلا نحن!".

وتؤكد الصحيفة أن اندفاع الحكومة لإنكار حقيقة ما جرى ليس سوى أحدث مثال على انعدام الشفافية في تعاطيها مع أزمة فيروس كورونا، مما أدى إلى التشكيك وغياب الثقة في أي من تأكيداتها.

وقد كشف خبراء طبيون حللوا مقطع الفيديو -من بينهم 6 أطباء في الولايات المتحدة ومصر- تفاصيل تدعم بوضوح فرضية نقص الأكسجين.

وظهر في الفيديو ألا أحد من المرضى كان متصلا بخط الأكسجين المركزي، كما ظهر أحد الأطباء داخل غرفة العناية المركزة يستخدم خزانا محمولا، وعادةً ما يستخدم هذا النوع من الخزانات فقط في حالات الطوارئ وبشكل مؤقت. وعلى بعد أمتار قليلة منه، شوهدت مجموعة من الممرضات يحاولن إنعاش مريض بمضخة يدوية لا يبدو أنها متصلة بمصدر أكسجين.

هذا مستحيل

وقال الدكتور هشام النشواتي، طبيب الرعاية العاجلة في نيويورك والذي عمل في وحدات العناية المركزة بعدة مستشفيات معلقا على (حالة) أحد المصابين الذين ظهروا في الفيديو "لا يوجد أي أنبوب أكسجين متصل بالوسادة الهوائية.. لقد حصل على هواء عادي على ما يبدو.. هذا لا يحدث.. إنه أمر مستحيل إلا إذا لم يكن لديك أكسجين".

طبيبة أخرى أميركية من أصول مصرية شاهدت الفيديو، هي بشرى مينا رئيسة قسم أمراض الرئة في مستشفى لينوكس هيل التي تكفلت برعاية ومتابعة حالة مئات المصابين بكورونا في نيويورك، قالت إن استنفار الطبيب والممرضات في الفيديو يظهر "محاولتهم توفير إمدادات الأكسجين الطارئة أو المكملة للمرضى".

وأضافت مينا "يمكن أن يكون الأمر مربكا جدا حتى في الولايات المتحدة حيث لديك الكثير من الموارد.. تخيل إذن مصر حيث الموارد محدودة والمستشفى يتجاوز طاقته الاستيعابية".

وكشف التحقيق أيضا أن أزمة الأكسجين في مستشفى الحسينية المركزي قد لا تكون الوحيدة، فقد انتشرت عبر مواقع التواصل مؤشرات على وجود نقص إمدادات في مستشفيات أخرى، حيث أصدر مدير مستشفى آخر نداءً على مواقع التواصل للتبرع بخزانات الأكسجين المحمولة بسبب ما قال إنها "حاجة ماسة".

كما قام مريض في مستشفى ثالث بتصوير نفسه في جناح العزل قائلاً "ليس لدينا ما يكفي من الأكسجين" وتم تداول مقطع فيديو آخر لمشهد مشابه لما شهده مستشفى الحسينية، وكلها مقاطع لم يتم التأكد من دقتها بشكل مستقل.

المصدر : نيويورك تايمز