مخاوف من إعادة إنتاج الواقع.. هكذا علّق فلسطينيون على تحديد موعد الانتخابات

Palestinians announce first elections in 15 years, on eve of Biden era
رئيس لجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية حنا ناصر يعلن الجدول الزمني للانتخابات الرئاسية والتشريعية (رويترز)

على صفحته بالفيسبوك، يكتب الناشط السياسي الفلسطيني محمود نواجعة، وهو أيضا منسق الحملة الوطنية لمقاطعة إسرائيل، معلّقا على المراسيم الرئاسية التي دعت الفلسطينيين إلى المشاركة في انتخابات تشريعية ورئاسية أثناء شهري مايو/أيار ويوليو/تموز المقبلين، قائلا "إذا كانت الانتخابات ستكون نهاية للفساد والتفرّد وإنهاء حالة الإحباط.. فهي خطوة بالاتجاه الصحيح".

لكنه استدرك قائلا "أما إذا كانت لإعطاء شرعية للفاسدين والمرتزقة.. وأصحاب مشاريع التطبيع، فهي خطوة باتجاه النهاية".

إذا الانتخابات رح تكون نهاية مسلسل الفساد والتفرد، وضياع الوطن وسرقة ونهب موارده الطبيعية، وإنهاء حالة الاحباط العامة…

تم النشر بواسطة ‏‎Mahmoud Nawajaa‎‏ في الاثنين، ١٨ يناير ٢٠٢١

وفي منشور آخر، يعلّق الناشط إياس سليمان "الشعب ينبغي أن يختار من يقوم على تسيير أموره لكن الطريقة التي ستتم بها الانتخابات التشريعية أولا ثم الرئاسية تاليا توحي أن الانقسام سيبقى".

وبهذه الآراء وغيرها، يعبر الجمهور الفلسطيني-منذ صدور مرسوم رئاسي فلسطيني يحدد موعد الانتخابات التشريعية والرئاسية على التوالي يومي 22 أيار/مايو و31 تموز/يوليو القادمين- عن مخاوفه من أي انتخابات مقبلة قد تتم دون إتمام المصالحة الفلسطينية وبضغوط دولية وتماشيا مع انتخابات إدارة أميركية جديدة، وقد تؤدي إلى تجديد شرعية النظام القائم دون تغيير حقيقي في قيادته وممثليه.

وشكل قرار الرئيس محمود عباس في الـ12 من الشهر الجاري بتعيين مجلس القضاء الأعلى برئاسة القاضي عيسى أبو شرار، وهو المخول بتشكيل محكمة قضايا الانتخابات، تعزيزا لمخاوف الجمهور الفلسطيني من تدخل السلطة التنفيذية في عمل القضاء الذي عليه تلقى مسؤولية حماية العملية الانتخابية ونتائجها.

22 فلسطين-القاضي أحمد الأشقر (أرسلها للجزيرة نت في وقت سابق)
القاضي أحمد الأشقر: لا يحق لأي جهة تشكيل القضاء إلا عن طريق برلمان منتخب (الجزيرة نت)

تعيين القضاة ونزاهة الانتخابات
ووفق القاضي أحمد الأشقر وهو واحد من قضاة عدة أحيلوا إلى التقاعد بسبب مواقفهم الرافضة لتدخل السلطة التنفيذية في تعيينات القضاء كما قال، فإن إصدار القرارات بقانون من الرئيس لتعيين السلطة القضائية وإحالة عدد من القضاة إلى التقاعد بمنزلة مؤشر على عدم جدية الحفاظ على سلامة ونزاهة العملية الانتخابية.

كما أن تعيين مجلس القضاء الأعلى مع صدور المراسيم الرئاسية التي تحدد موعد الانتخابات التشريعية والرئاسية، وبقانون يفتقر إلى ضمانات استقلال السلطة القضائية -يضيف الأشقر- يعزز من فكرة أن الانتخابات قد لا تكون نزيهة وقد يُستخدم القضاء بشكل أو بآخر للتأثير في مسارها.

وحسب القاضي، فإن القضاء الفلسطيني لا يحق لأي جهة تشكيله إلا عن طريق برلمان منتخب، وإصدار قرار بقانون من الرئيس لإعادة تشكيله قبيل الانتخابات دون مشاورات مجتمعية وحقوقية ووطنية يجعل من هذا المجلس أداة لسلب إرادة الناس.

ويحق للقضاء الفلسطيني تشكيل هيئة للبتّ في أي من الطعون ضد أي قائمة انتخابية أو مرشّح، وهي قادرة على إلغاء أو استبعاد أي جهة بناء على طعون قدّمت بحقها.

لذلك، يقول الأشقر إن التغيير الذي حدث ينبغي أن يكون على مائدة الحوار الوطني التي من المفترض أن تناقش قضايا الانتخابات في لقاء يجمع الفصائل الفلسطينية في القاهرة في غضون أيام.

مخاوف مشروعة
ومن جهته يعتقد النائب السابق في المجلس التشريعي عن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عبد الرحمن زيدان أن تخوفات الفلسطينيين حيال الانتخابات المعلنة لها ما يسوّغها بسبب عدم وضوح الظروف التي أفضت إليها، وكذلك بسبب التجربة السابقة من حوارات طويلة فشلت في الوصول إلى توافق على الانتخابات.

ويقول زيدان إن "هناك سلقا سريعا للأحداث، واتفاقات تحت الطاولة لم يطلع عليها الجميع على ما يبدو، ومن بينهم نواب حماس في الضفة، إلى جانب السرعة في إصدار المراسيم الخاصة بالانتخابات في غضون شهرين، دون التوصل إلى اتفاق مصالحة حقيقي".

وفي حين يجري الحديث عن إمكانية خوض الخصمين، حركتي التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) وحماس الانتخابات في قائمة واحدة، يقول زيدان "لا أحد يأخذ قضية خوض الانتخابات في قوائم مشتركة على محمل الجد حتى الآن، بسبب الهوة الواسعة التي خلفها الانقسام الفلسطيني على مدى 13 عاما مضت، إلى جانب كون حماس وفتح ضدّين سياسيين ولكل منهما رؤى مختلفة في معالجة القضية الفلسطينية".

ويتابع زيدان "يبدو أن هناك مصالح لأشخاص وفئات ومجموعات لا تلبي المصالحة الحقيقية منافعها، ولذلك فإن مخاوف الناس مشروعة من أن تكون الانتخابات مصلحة لبقاء هذه الفئات".

وحسب النائب، فقد كان على الجميع "أن يتوافقوا على إجراء انتخابات المجلس الوطني لكل الفلسطينيين في الوطن والشتات، وهو الذي يقوم بترتيب كل خطوات إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية".

ويضيف "ندرك وجود ضغوط دولية أوروبية وأميركية لتجديد شرعية النظام الفلسطيني القادم خاصة مع زيارات وفود المخابرات العربية أيضا إلى السلطة الفلسطينية، وكل هذا يشير إلى أن الحافز لإجراء الانتخابات ليس ذاتيا، وهذا أيضا يزيد من تشكك الناس وريبتهم في غاية الانتخابات المقبلة".

ويعتقد زيدان أن الانتخابات المقبلة، إن تمت، ستؤدي إلى تعزيز سلطة الرئيس عباس والمجموعة المحيطة به "وليس بالضرورة حركة فتح" كما قال، وهذا لا يعطي أملا في التغيير السياسي.

جهاد حرب محلل سياسي فلسطيني
جهاد حرب: الانتخابات ستكون مدخلا لإنهاء الانقسام (الجزيرة نت)

ضرورات محلية ودولية
بدوره يقول الكاتب والمحلل جهاد حرب إن غياب الثقة بالانتخابات وإجرائها وغاياتها مسوّغ، إذ لا يوجد اتفاق حتى الآن بشأن كيفية التصدي لإمكانية منع إجرائها في القدس، وكيفية تعيين محكمة الانتخابات مع الخلاف على تشكيلة مجلس القضاء الأعلى الجديد والتشكيك فيه، وأيضا جهة الإشراف على الانتخابات في قطاع غزة إن كان جهاز الشرطة التابع لحماس الذي سيقوم بحماية مراكز الاقتراع، وضرورة عدم الطعن في شرعيته.

ويضيف حرب إلى ذلك كون الانتخابات لم تأتِ في إطار المصالحة الفلسطينية وأن هذا يشكك في إجراء الانتخابات في بيئة من الحريات التي افتقدها الفلسطينيون منذ الانقسام الفلسطيني.

غير أن حرب يرى أنه ما زال من المبكر الحديث عما ستفرزه الانتخابات المقبلة، ويرى أن الانتخابات حاليا خطوة ضرورية باتجاه إنهاء الانقسام، وهي أيضا في جزء منها وسيلة للحفاظ على النظام السياسي وتحاشي حدوث مشكلة دستورية في حال شغور منصب الرئيس عباس مع عدم وجود مجلس تشريعي يوفر قواعد دستورية تؤمن عملية انتقال سلس للسلطة.

ومن الناحية الدولية، يقول حرب "صحيح أن هناك ضغوطا دولية لكن القيادة الفلسطينية أيضا مهتمة بتجديد شرعيتها بالانتخابات التي ستؤكد تمثيل الرئيس عباس لكل الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، وستؤدي إلى تشكيل حكومة واحدة لهما، وهو ما يسقط الانتقادات التي كان يتعرض لها بعدم تمثيله للفلسطينيين عامة".

وحسب المحلل حرب، فالانتخابات ستعزز شرعية النظام السياسي الفلسطيني وستكون مدخلا لإنهاء الانقسام كما أنها أحد متطلبات العمل السياسي الخارجي بالنسبة للقيادة الفلسطينية في المرحلة المقبلة خاصة مع الإدارة الأميركية الجديدة وإمكانية إطلاق عملية السلام من جديد مع إسرائيل.

المصدر : الجزيرة