قالت صحيفة نيويورك تايمز إن شهادات بعض من أنصار الرئيس ترامب تورطوا في أحداث الشغب في مبنى الكابيتول قد تلعب دورا في إجراءات محاكمته الثانية.
مع تحول قلب واشنطن إلى ثكنة عسكرية مع نشر البنتاغون 25 ألف جندي لتأمين حفل تنصيب الرئيس المنتخب جو بايدن، تغيرت حياة 701 ألف أميركي يعيشون في العاصمة.
واعتبر الكثير من سكان العاصمة أن ما تمر به مدينتهم يشير إلى أهميتها على خريطة الأحداث العالمية، إذ تتوجه إليها أنظار العالم لترقب ما ستحمله الساعات والأيام القادمة.
الجزيرة نت تجولت في واشنطن بعيدا عن المنطقة التي حُظر دخولها وأُغلقت أمام السيارات والمارة وأصبحت شبة خاوية، كما تجولت في المناطق المغلقة القريبة من البيت البيض ومباني الكونغرس.
بعيدا عن قلب العاصمة، وفي متجر "هول فود" (Whole Food) لاحظت الجزيرة نت عدم تغيير أي شيء سواء درجة ازدحام المتجر برواده يوم الأحد، أو فيما يتعلق بتوافر كافة أنواع الطعام والشراب والخضراوات والفواكه المعتادة.
وبسبب احترازات انتشار فيروس كورونا، لا يسمح إلا بدخول أعداد محددة من الزبائن بحيث لا تتجاوز نسبة معينة ضمانا للتباعد الاجتماعي والتزاما بتعليمات حكومة المدينة.
واعتبرت إليشا جاكسون (بائعة من أصل أفريقي) أن ما تمر به واشنطن "فصل جديد من التاريخ المستمر في كفاح الأقلية السوداء ضد رفض فئات من البيض كل الحقوق السياسية التي حصلوا عليها في كفاحهم من أجل المساواة، خاصة حق الانتخاب".
وأشارت إلى أن "اقتحام الكابيتول في إحدى صوره يعبر عن رفض البيض خاصة من ولايات الجنوب أن يفوز مرشح بأصوات السود. هم يرون أن بايدن فاز بسبب ضخامة تصويت السود لذا يدعون أنها مزورة وأن ترامب فاز بالأصوات القانونية".
ولم تعبر إليشا -في حديثها للجزيرة نت- عن أي مخاوف، وذكرت أنه "مع انتشار قوات الجيش والشرطة بهذه الكثافة، لن يجرؤ أحد على تعكير صفو عملية تنصيب بايدن..".
ويبعد متجر "هول فود" حوالي 7 كيلومترات عن وسط واشنطن المغلق، ولا تبدو هناك أي آثار على المناطق المأهولة بالسكان مثل تانلي تاون أو جورج تاون أو أدمز مورجان ومونت بلاسنت. وتفتح المحال أبوابها كالمعتاد مع اتباع احترازات انتشار فيروس كورونا المستجد.
وفي منطقة فريندشيب هايتس، الواقعة شمال غرب واشنطن بالمحاذاة لحدود المدينة مع ولاية ميريلاند المجاورة، تحدثت الجزيرة نت مع عدد من سكان الحي الذين اختلفت تقييماتهم لما تشهد مدينتهم من مظاهر عسكرية غير مسبوقة.
وقد عبرت مارجريت هانت، التي تعمل بإحدى المنظمات غير الحكومية، عن قلقها مما تشهده واشنطن، وقالت إنه يثير فزعها وخوفها، وتعتبره انتصارا بالفعل للجماعات المتطرفة البيضاء، وكون (عناصر) الجيش والشرطة ينتشرون في شوارع واشنطن بهذه الصورة فإنه يعني أن "أنصار ترامب نجحوا في إرهاب بقية الأميركيين".
لكن المحللة الاقتصادية بوزارة العمل ليزا ماكوفسكي والتي تقطن في نفس الشارع، تقول "انتشار قوات الأمن بهذه الصورة يمنحني الطمأنينة ويعكس استعداد الحكومة لأي سيناريوهات حتى لا تتكرر مشاهد 6 يناير".
قريبا من المناطق المغلقة
واتجهت الجزيرة نت إلى المناطق المغلقة بقلب العاصمة، وتحديدا المحيطة بالبيت الأبيض.
وبدا واضحا اتجاه العشرات من سكان العاصمة لاستغلال غلق الكثير من الشوارع لممارسة الجري أو المشي منتصف الشوارع وركوب الدراجات الهوائية، والمركبات الشخصية الحديثة (سكوتر).
وكان لافتا تحليق طائرات درون تستخدم للمراقبة من الجو فوق المنطقة القريبة والمحيطة بالبيت الأبيض.
وفي أحد المطاعم التي يمكن تناول الطعام فيها فقط في الهواء الطلق، تحدثت الجزيرة نت إلى عدد من طلاب جامعة جورج واشنطن المجاورة.
ويقع الكثير من مباني الجامعة المجاورة لشارع الدستور في محيط مناطق الغلق وحظر التجول، إلا أنه يسمح لمواطني العاصمة وطلاب الجامعة بالمرور الشخصي من البوابات الحديدية المنتشرة حول الجامعة، في حين يحظر مرور السيارات.
مشهد صادم
واعتبر أحد الطلاب أنه "بعد ما اتخذته الحكومة من تدابير استباقية رادعة بهذه الصورة، لن يجرؤ (أحد) على القدوم لواشنطن. لو جاء أنصار ترامب لما استطاعوا الاقتراب من المباني والمعالم الهامة في العاصمة".
واعتبر طالب آخر أن عائلته التي جاءت من الهند واستقرت ولاية فيرجينيا المجاورة "مصدومة بشدة مما شاهدناه يوم السادس من يناير. من كان يتخيل أن نشهد هذا السلوك في أميركا، هذا لا يمكن حتى تخيله في دكتاتوريات العالم الثالث".
واتفق أغلب من تحدثت إليهم الجزيرة نت على عدم خوفهم من انتشار أعمال العنف بواشنطن يوم تنصيب بايدن رئيسا، إلا أنهم اتفقوا على القلق مما قد تشهد عواصم بعض الولايات من مظاهرات واسعة مؤيدة لترامب. كما عبر الكثير منهم على القلق مما قد يقدم عليه الرئيس المنصرف خلال ساعات حكمه الأخيرة.