من الصخيرات إلى بوزنيقة.. محطات الحوار بين فرقاء ليبيا خلال 5 سنوات

التقى الفرقاء الليبيون في محادثات يرعاها المغرب للسعي نحو استئناف المسار السياسي وإيجاد مخرج من حالة الصراع التي تعصف بليبيا منذ سنوات.

ويتناول الحوار الذي بدأ الأحد (6 سبتمبر/أيلول 2020) في مدينة بوزنيقة جنوب العاصمة المغربية الرباط، مسائل عدة من بينها تثبيت وقف إطلاق النار، وآليات اختيار المناصب السيادية، وتوحيد مؤسسات الدولة الليبية.

ويجري الحوار بين وفد المجلس الأعلى للدولة، ووفد آخر يمثل مجلس النواب المنعقد في طبرق، الموالي لقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر.

وجاءت هذه المحادثات بعدما أعلن المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية المعترف بها دوليا ومجلس النواب المنعقد في طبرق وقف إطلاق النار بالبلاد، في بيانين متزامنين في 21 أغسطس/آب الماضي.

وفي هذا التقرير نلقي الضوء على أبرز محطات الحوار والتوافق السياسي بين أطراف الأزمة خلال السنوات الخمس الأخيرة.

اتفاق الصخيرات

17 ديسمبر/كانون الأول 2015

اتفق خلاله وفد مجلس نواب طبرق، ووفد المؤتمر الوطني العام (المجلس التأسيسي في طرابلس) على تشكيل مجلس رئاسي يقود حكومة وفاق وطني، ومجلس أعلى للدولة (نيابي استشاري) مُشكّل من أعضاء المؤتمر الوطني العام، بالإضافة إلى تمديد ولاية مجلس النواب بعد انتهائها في العام نفسه.

رغم أن هذا الاتفاق كان برعاية الأمم المتحدة وأقرّه مجلس النواب وحظي بتأييد شعبي غير مسبوق من معظم الفرقاء الليبيين، فإن حفتر عارضه بشدة لأنه يعطي للمجلس الرئاسي صلاحية عزله.

وتحرك نواب محسوبون على حفتر لمنع المصادقة على الاتفاق وإقرار حكومة الوفاق، كما ضغط حفتر على أعضاء في المجلس الرئاسي للانسحاب منه بهدف تعطيله، حتى لم يبق منهم سوى خمسة من تسعة أعضاء.

اجتماع ضاحية باريس

25 يوليو/تموز 2017

استضاف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في إحدى ضواحي باريس، كلا من رئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج واللواء المتقاعد خليفة حفتر.

تم الاتفاق في الاجتماع على وقف إطلاق النار وتطبيق اتفاق الصخيرات. كما نصت المبادرة الفرنسية على إجراء انتخابات في ربيع 2018.

مؤتمر باريس

29 مايو/أيار 2018

بعد فشل إجراء انتخابات في ربيع 2018 كما نص عليه اجتماع باريس، عقد الرئيس الفرنسي مؤتمرا دوليا جديدا في قصر الإليزيه مع الأطراف الأربعة الرئيسية في الأزمة الليبية، وهم: السراج، وحفتر، وعقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري.

شارك في المؤتمر ممثلون من 20 دولة، بينها تركيا والجزائر وقطر وتونس، بالإضافة إلى مصر والإمارات والسعودية والكويت.

تم الاتفاق على إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية يوم 10 ديسمبر/كانون الأول 2018، ووضع الأسس الدستورية للانتخابات، واعتماد القوانين الانتخابية الضرورية بحلول 16 سبتمبر/أيلول 2018.

مؤتمر باليرمو

12 و13 نوفمبر/تشرين الثاني 2018

عقد في مدينة باليرمو بجزيرة صقلية الإيطالية برعاية رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي، ردا من روما على مؤتمر باريس، وشارك فيه السراج وحفتر.

حضرت المؤتمر وفود من 38 دولة، بينها تركيا والجزائر ومصر وروسيا والولايات المتحدة، وتم الاتفاق خلاله على إجراء انتخابات في ربيع 2019.

اجتماع أبو ظبي

27 فبراير/شباط 2019

جمع اللقاء السراج وحفتر برعاية الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي -أكبر الداعمين لحفتر- ولم يَرشح منه الكثير، كما لم يتم التوقيع فيه على أي اتفاق. إلا أن البعثة الأممية في ليبيا أعلنت أنه تم التوصل إلى اتفاق لإنهاء المرحلة الانتقالية في ليبيا من خلال انتخابات عامة، لكن دون تقديم تفاصيل أو مواعيد إجراء الانتخابات.

غير أن وسائل إعلام محلية ودولية تحدثت عن مناقشة الطرفين إمكانية إنشاء مجلس أمن قومي مصغر تتوزع فيه الصلاحيات بين حفتر والسراج، دون أن يتم تأكيد أو نفي صحة هذه التسريبات.

لكن المؤكد أن اللقاء جرى في الوقت الذي كانت قوات حفتر خلاله ماضية في السيطرة على جميع المدن والبلدات الرئيسية في إقليم فزان جنوبي البلاد.

مؤتمر غدامس

14 أبريل/نيسان 2019

كانت الأمم المتحدة تعول عليه لإنهاء الأزمة الليبية في إطار خريطة طريق طرحها المبعوث الأممي السابق غسان سلامة، وتهدف إلى تعديل الاتفاق السياسي وعقد مؤتمر بين الليبيين فقط قبل إجراء انتخابات.

تم خلال هذه المرحلة تعديل الإعلان الدستوري على مستوى البرلمان، ومناقشة القوانين الانتخابية، رغم أن اجتماعات النواب لم تبلغ النصاب الدستوري حينها. كما شرعت لجنة الانتخابات في إعداد قوائم الناخبين.

ألقت الأمم المتحدة بثقلها في هذا المؤتمر بعدما أرسلت أمينها العام أنطونيو غوتيريش إلى ليبيا يوم 4 أبريل/نيسان 2019 لدعم فرص النجاح.

لكن في ظل تلك الأجواء السياسية شن حفتر في ذلك اليوم هجوما مباغتا على العاصمة، لينسف بذلك جهودا أممية ودولية لوضع حد للأزمة، مما استحال بعده عقد مؤتمر غدامس.

اجتماع موسكو

13 يناير/كانون الثاني 2020

نجحت مبادرة تركية روسية في إقناع طرفي النزاع بوقف إطلاق النار يوم 12 يناير/كانون الثاني.

في اليوم التالي، جرى عقد اجتماعات منفصلة في العاصمة الروسية موسكو برعاية الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين، ضمت حفتر وعقيلة صالح من جهة، والسراج والمشري من جهة ثانية.

كان مقررا التوقيع على اتفاق دائم لوقف إطلاق النار، لكن حفتر غادر إلى مدينة بنغازي دون التوقيع على الاتفاق.

مؤتمر برلين

19 يناير/كانون الثاني 2020

نظمته ألمانيا بالتنسيق مع الأمم المتحدة وحضرته 11 دولة، بينها الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن (الولايات المتحدة، روسيا، بريطانيا، فرنسا، الصين) وتركيا وإيطاليا والجزائر ومصر والإمارات، بالإضافة إلى البلد المضيف، وأربع منظمات دولية (الأمم المتحدة، الاتحاد الأوروبي، الاتحاد الأفريقي، الجامعة العربية).

حضر حفتر والسراج المؤتمر لكنهما لم يتقابلا، ولم يوقع الأول على البيان الختامي الذي كان من أبرز بنوده التأكيد على وقف إطلاق النار، كما قصفت قواته العاصمة الليبية طرابلس بعد يوم واحد فقط من انعقاد المؤتمر.

محادثات لجنة "5+5" العسكرية

فبراير/شباط 2020

انطلقت يوم 18 فبراير/شباط الماضي في مدينة جنيف السويسرية برعاية أممية، وشارك فيها خمسة ضباط من القوات التابعة لحكومة الوفاق المعترف بها دوليا، وخمسة عسكريين تابعين لقوات حفتر، ضمن ثلاثة مسارات (عسكري، سياسي، اقتصادي) اقترحتها الأمم المتحدة وتبناها مؤتمر برلين لحل الأزمة الليبية.

لكن حكومة الوفاق علقت مشاركتها في المحادثات في اليوم التالي بعد قصف قوات حفتر ميناء طرابلس لأول مرة منذ بداية هجومها على العاصمة، خارقة بذلك الهدنة المعلنة بينهما.

أمام تكرار تلك المواقف أعلنت حكومة الوفاق الوطني عدة مرات رفضها المطلق للتحاور مع حفتر، أو أن يكون له أي دور في مستقبل ليبيا.

زيارة المشري وصالح للمغرب

يوليو/تموز 2020

بعد تغير موازين القوى العسكرية وتوالي الهزائم لقوات حفتر في المنطقة الغربية، دعا اللواء المتقاعد إلى وقف إطلاق النار وفق ما عرف بإعلان القاهرة في 6 يونيو/حزيران. وبعد أسابيع قالت حكومة الوفاق التي كانت قد دفعت بقواتها نحو مدينة سرت لاستعادتها إنها ستعطي فرصة للحلول السلمية.

وفي نهاية يوليو/تموز زار رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، ورئيس مجلس النواب المنعقد في طبرق عقيلة صالح، العاصمة المغربية الرباط في اليوم نفسه، وعقدا لقاءات منفصلة مع مسؤولين مغاربة دون أن يلتقيا.

وفي الشهر التالي، أعلن المشري في تصريحات لقناة مغربية أنه مستعد للقاء صالح بالمغرب "علنيا وبضمانات دولية"، وأشار آنذاك إلى أن جهودا تبذل من قبل المغرب للدفع بالجهود الدبلوماسية من أجل حل الأزمة الليبية.

المصدر : الجزيرة + وكالة الأناضول