حصانة مطلقة للمحامين الأردنيين و"النقابة" هي الخصم والحكم.. "إذن المخاصمة" عدالة ناقصة (تحقيق استقصائي)

عهود محسن
تعرض خالد عبدالله (اسم مستعار) للاحتيال على يد محام أساء توظيف "وكالة" لبيع قطعة أرض مقابل 5 ملايين دينار (7 ملايين دولار)، وحين سعى هذا الخمسيني لاسترداد حقه فشل محاميه في استصدار "إذن مخاصمة" من نقابة المحامين لمقاضاة غريمه، وفوق ذلك تم سجنه بتهمة إصدار شيك بلا رصيد.

بعد أن فقد حريته وأرضه وماله، لجأ عبدالله للمحامي جورج حزبون في يناير/كانون الثاني 2019، علّه يسترد حقه، بحسب معاينة معدّة التحقيق لوثائق تثبت ادعاءات عبدالله، إلا أن المحامي المخضرم لم يستطع الترافع في هذه القضية لأن نقيب المحامين رفض منحه "إذن مخاصمة"، وفي المحصلة رضخ ذوو عبدالله لتسوية مالية كي يطلق سراحه بعد شهر على توقيفه.

اقرأ قصة خالد عبد الله كاملة

تشترط نقابة المحامين حصول أي من أعضائها على "إذن مخاصمة" في حال تخاصم في قضية ضد زميل آخر، وذلك استنادا للمادة الـ(62) من قانونها الصادر عام 1972 لتنظيم شؤون المهنة والعاملين فيها. وعلى الرغم من صدور 5 قرارات عن محكمة التمييز بين عامي 2011 و 2019، بنفي تأثير "إذن المخاصمة" على إجراءات المحاكمات تستمر النقابة في حجب الأذون.

المادة الـ(62) من قانون النقابة

"على المحامي أن لا يقبل الوكالة في دعوى ضد زميل له أو ضد مجلس النقابة قبل إجازته من قبل النقيب".

ترفض النقابة منح أذون دون أن تعلل الأسباب أو توثّق طلبات المخاصمة، بل تكتفي بردود شفاهية منسوبة إلى النقيب، حسب ما يوثق هذا التحقيق. وفي الانتظار، تتقادم الشكاوى وتهضم حقوق مقدمي طلبات إذن المخاصمة في خرق لقانوني أصول المحاكمات الجزائية والمدنية والعقوبات، خصوصا بعد انقضاء المهل القانونية للتقاضي.

تظهر قضية عبدالله وصدود النقابة -بموجب صلاحيات النقيب التقديرية- تعدّيا على ضمانات المحاكمة العادلة وخرقا لنصوص دستورية، بحسب الخبير القانوني والنقيب السابق أحمد طبيشات، وهو قاض سابق في المحكمة الدستورية.

ويؤكد طبيشات أن "وقف منح أذون المخاصمة" منذ قرابة 10 سنوات، "والتعسف في ذلك يتعارض والدستور الأردني الذي يضمن قواعد أساسية للمساواة بين الأردنيين من ناحية وضمانات المحاكمة العادلة من ناحية أخرى، كما يشكل انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان و التشريعات الدولية".

نقابة المحامين الأردنيين
صورة رسالة من نقيب الصحفيين الأردنيين يرفض بها طلب "إذن مخاصمة" من أحد المحامين (شبكة أريج)

يذهب المحامي مازن الطويل أيضا إلى توصيف حجب أذونات المخاصمة بـ"التعسف" في استخدام النصوص، وتجاوز الدستور.

وترى المحامية نور الإمام أن الاتكاء إلى نص المادة الـ(62) "ليس مبررا كافيا، ولا يعتد به قانونا لوقف منح أذون المخاصمة كليا، ودون إبداء الأسباب". على أن الإمام  تستدرك بأن صدور قرارات لمحكمة التمييز بهذا الخصوص لا يعفي مخالفي أمر النقابة من مواجهة عقوبات تأديبية تصل حدود الوقف عن العمل.

الخبير الدستوري د. محمد حمّوري، من جهته يشرح بأن قرارات التمييز لا تلغي قانون النقابة، لكنها تعد حجب أذون المخاصمة شأنا مسلكيا داخليا يفترض أن لا يؤثر على سير إجراءات المحاكمة.

من جانبه، يؤكد عضو اللجنة القانونية بمجلس النواب الدكتور المحامي مصطفى ياغي أن نص قانون النقابة "لا يعوق أو يمنع الحق في التقاضي، بل هو نص مقيد وغير مطلق، ويجب العمل به ضمن مقتضيات الحال للقضية".

ويرى ياغي أن قانون النقابة يمنح النقيب سلطة تقديرية في القضايا الجزائية، وهي من أعراف وأدبيات مهنة المحاماة المنصوص عليها قانونا فيما يشبه إذن المخاصمة للوزراء، بحسب الدستور الأردني.

المحكمة الدستورية الأردن
صورة لمقر المحكمة الدستورية بالأردن (شبكة اريج)

النقيب يرفض
النقيب الحالي مازن ارشيدات -في دورة ثانية منذ 2017- والذي يخالف طبيشات الرأي، يتساءل عن مغزى "صدور قانون نقابة المحامين عام 1972، إذا كان يحمل شبهات دستورية؟

ارشيدات -الذي قاد النقابة أول فترة بين عامي 2011 و 2013- يذهب لمخالفة سلفه بالقول "بناء على وجهة النظر هذه فإن قانون النقابة بحد ذاته يعد غير دستوري، وإلى أن يتغير القانون سنبقي على تطبيق ما جاء به من نصوص".

وعلى الرغم من تكرار المحاولة، ترفض النقابة ذكر عدد الطلبات أو حالات رفض "إذن المخاصمة"، لعدم تدوينها أو أرشفتها ضمن محاضر جلسات النقابة. وهي تشرح بالتالي صعوبة متابعتها أو معرفة مصيرها. كما لا يوجد كذلك نموذج معتمد على موقعها الإلكتروني، فيما يخص تقديم الأذون خطيا باسم النقيب، بحسب محامين في الميدان ومعاينة معدّة التحقيق.

تحايل بالقانون

في 2017، طلب المحامي محمد حمزة العزيزي من نقابة المحامين إذن مخاصمة لمقاضاة زميل له بتهمة تزوير وثائق موكلته، التي تحمل جنسية عربية.

وثائق الدعوى التي اطلعت عليها معدّة التحقيق، ورفض المحامي تصويرها باعتبارها جزءا من خصوصية موكلته، تفيد بأن المحامي الخصم زوّر "كمبيالة ووكالة" باسمه بالتواطؤ مع شركاء له في بلد المشتكية، ثم باعوا من خلالها شقّة تملكها في أحد أحياء عمان الغربية.

لم يطعن المحامي -من خلال الكمبيالة المزورة بصفته وكيلا عن السيدة- بإجراءات ما قبل البيع بعد تقديم شكوى بحقها بمساعدة شركاء له منعتها من دخول الأردن، على خلفية إخفاقها في تسديد الكمبيالة. ثم وافق على طرح الشقة للبيع بمزاد علني عبر دائرة التنفيذ القضائي، استكمالا لقرار بملاحقتها قضائيا، وعدم تمكنها من الحضور للوفاء بقيمة الكمبيالات، بعد التعميم عنها لدى "الإنتربول".

"الإنتربول" (Interpol)
اختصار لكبرى هيئات الشرطة الدولية (International Police)‏، أنشئت عام 1923 في ليون بفرنسا كمظلة لأجهزة الشرطة في 194 دولة.

لم تتمكن معدّة التحقيق من مضاهاة هذه المعلومات "الموثقة" مع المحامي المعني، بناء على إصرار السيدة التي أرجعت ذلك -من خلال محاميها- إلى خشيتها من ردود فعله.

نقيب المحامين ارشيدات يرفض الاستطراد لمعدّة التحقيق، ويكتفي بالتأكيد أن القانون حصر صلاحية الرد على طلبات المحامين "في شخص النقيب، و"لا يوجد ما يُلزمني بالرد عليها أو تعليلها، وهذا يتماشى مع القانون النافذ".

ويساند مقرّر لجنة الحريات العامّة وحقوق الإنسان في النقابة وليد العدوان طرح النقيب، لكنه يقرّ بصدور قرارات رفض لـ"أذون مخاصمة"، مقللا من تأثيرها على حقوق المواطنين القضائية، ويرى أن "الأضرار المترتبة على قرار النقيب في حال حدوثها تنحصر بفئة محددة من المواطنين، وهم الموظفون لحاجتهم لمن يتولى متابعة هذه القضايا".

ويبرّر العدوان تمسك النقيب بموقفه المدافع عن المحامين استنادا لنص المادة الـ(62) من قانون النقابة منعا لتعرضهم للابتزاز وتشويه صورتهم، مجادلا بأن 90% من "هذه القضايا كيدية"، لكنه لم يشرح كيف بنى استنتاجه أو يحدد عدد الطلبات التي تصل النقابة وتلك المرفوضة.

المحامون وليد عبد الهادي، وجورج حزبون، وحازم شخاتره، وأحمد طبيشات يخالفون العدوان في الرأي، بتأكيدهم أن سلطة النقيب تقديرية ولا يوجد ما يبرر وقف منح أذونات المخاصمة بالمطلق.

ويرفض هؤلاء المحامون استغلال "إذن المخاصمة" لجعله "سيفا مسلطا" في وجه طالبي الحقوق القضائية عبر منح حصانة لمن لا يستحقها ودون ضوابط. ويرون أن المشرّع قصد من طلب "إذن النقيب" الحفاظ على سمعة المهنة واحترام القيّمين عليها عبر ضوابط للتعامل بين المحامين، و للإبقاء على أواصر المودة والاحترام والزمالة بينهم.

انفراد أردني
حصر صلاحية منح الإذن بالنقيب في الأردن يتناقض مع الحال في دول مجاورة، حيث تمنح هذه الصلاحية لمجلس النقابة.

ففي فلسطين وسوريا، ينظم قانون نقابات المحامين آليات التعاطي مع الشكاوى ومنح الأذونات ضد منتسبيها، ويضع مهلا زمنية للرد على الشكاوى وتحويلها للقضاء في حال صحتها. وفي مصر تذهب المنظومة التشريعية نحو وضع تعليمات للنيابة العامة بالتعامل مع الشكاوى ضد المحامين والتحقيق معهم.

بخلاف دينامية التشريعات في الدول الثلاث، ظلّ نص المادة الـ(62) من قانون نقابة المحامين الأردنيين منذ صدوره قبل نصف قرن بعد 23 عاما على تأسيسها عام 1950، دون أن تشمله التعديلات الخمسة في الأعوام 1973، و1976، و1985، و2014، و2019 التي أدخلت على قانون النقابة.

  • تأسست نقابة المحامين الأردنيين سنة 1950.
  • تعد أولى النقابات المهنية في الأردن.
  • تضم الهيئة العامة 13 ألف محام/ية.
  • يتكون مجلس النقابة من نقيب و10 أعضاء ينتخبون كل 3 سنوات.
  • تقع تحت مظلة مجلس النقباء الذي يمثّل قيادات 14 نقابة تضم في مجملها قرابة 500 ألف منتسب/ـة.
  • تنتخب هذه الهيئات لجنة تنفيذية لمدة عامين.

تقديرات في غياب البيانات
تظهر القضايا التي تتبعتّها معدّة التحقيق على مدى 6 أشهر ممارسات لمحامين تتعارض وأحكام قانون العقوبات النافذ منذ 1961.

وفي غياب البيانات النقابية وصمْت النقابة عن تحديد أرقام الطلبات المقدمة والأذونات الممنوحة، نفّذت معدّة التحقيق مسحا إلكترونيا غير علمي لقياس آراء محامين منضوين ضمن مجموعات فيسبوكية وواتس آب. وأجاب 15 محاميا/ـة فقط بخبرات متفاوتة يصل بعضها إلى 20 عاما عن أسئلة معدّة التحقيق.

وأكد اثنان من كل 3 محامين -10 من المستجيبين- أنهما قدّما بين طلب و3 طلبات للحصول على "إذن مخاصمة"، رفضت جميعها دون أن تقدّم النقابة ردّا أو تعليلا بالرفض.

خصومة مع النقابة
بالرجوع لمحرك البحث القانوني "قسطاس"، اطلعت معدّة التحقيق على 20 قضية تطلبت الحصول على أذونات مخاصمة.

إحدى تلك القضايا ذات صلة بامتناع نقابة المحامين عام 2019، عن الإيفاء باتفاق تعاقدي مع المحامي وائل الشلودي. وحين سعى لمقاضاتها، رفضت النقابة 13 طلبا بمنحه إذن مخاصمة، مما أفقده حقّه في استرداد مستحقاته، حسب قوله.

ففي عام 2017، اتفق الشلودي مع النقابة على تمثيلها لتحصيل مستحقات مالية لها على شكل "غرامات"، في ذمّة شركات لم تلتزم بتعيين مستشار قانوني بموجب المادة الـ43 من قانون النقابة، فضلا عن بدل عطل وضرر نتيجة تأخير دفعها.

وبعد أن أنجز مهمته من خلال تسويات وبطرق ودية "امتنعت النقابة عن دفع أتعابي على مدى سنتين، كما رفض النقيب منحي إذن مخاصمة للسير بالإجراءات القانونية لتحصيلها، مما تسبب لي بأضرار مادية كبيرة".

بعد تكرار رفض النقيب ارشيدات، لجأ المحامي الشلودي لرفع دعوى شخصية أمام الادعاء العام في التفاف على القانون. ويشكو الشلودي من أن ارشيدات "تعسّف" في استخدام المادة الـ(62)، إذ تعامل مع "طلباتي كجزء من البريد الوارد، وليس باعتبارها طلبا منفصلا ومصنفا"، كما ينتقد "ضبابية آلية التعاطي مع هذا الطلب من الناحيتين القانونية والإدارية خلال انتظاري للرد عليه".

بعد سجال مع النقيب، طلب الشلودي ردا مكتوبا، بيد أن النقيب رفض ذلك، كما أحجم عن تعليل الرفض أو الرد على استفسارات الشلودي. ويستغرب المحامي أن تعطى لنقيب المحامين صلاحيات مطلقة دون وجود أي ضوابط لضمان الشفافية والنزاهة في اتخاذ القرارات.

المحامية الإمام تلفت إلى غياب توثيق طلبات الحصول على "إذن" في سجلات خاصة داخل النقابة، وبالتالي رد النقيب عليها، وترى أن قانون النقابة كان مناسبا قبل 5 عقود، ولا يتناسب مع ازدياد أعداد المحامين والمحاميات إلى 13 ألفا و711.

المميز لا يميز
في تعقيبه على موقف النقابة من هذه القضية، يرى طبيشات أن التعاطي مع هكذا قضايا يجب أن يتساوق والمصلحة العامة والقوانين النافذة حرصا على نزاهة المحامين وحفظا للحقوق، ويؤيده النقيب الأسبق وليد عبد الهادي في هذا الطرح.

ويؤكد طبيشات أنه منح أذونات مخاصمة في قضايا رفعت ضد مجلس النقابة عندما تولى منصب النقيب، ووثّق التحقيق قرارا قضائيا من التي رفعت ضد المجلس.

ويقول: "لو عرضت هذه المادة عليّ حين كنت عضوا في المحكمة الدستورية (2012-2018)، لنسّبت بإلغائها دون الرجوع للنقابة حفظا للحقوق".

محكمة التمييز
هي أعلى هيئة قضائية في المملكة الأردنية، تختص بنظر الطعون المقدمة في الأحكام والقرارات الصادرة عن المحاكم الاستئنافية، ورئيسها بحكم المنصب هو رئيس المجلس القضائي الأردني.

اطلعت معدّة التحقيق على 5 قرارات قضائية صدرت بين عامي 2011، و2019  عن محكمة التمييز -أعلى سلطة قضائية- تؤكد فيها أن عدم حصول المحامي على إذن مخاصمة "لا يبطل الدعوى ولا يؤثر على صحة الخصومة، إذ لا بطلان إلا بنص".

وحصرت "التمييز" تأثير عدم حصول المحامي على الإذن المسبق بكونه مخالفة مسلكية يحكمها قانون نقابة المحامين، ولا تأثير لها على صحّة الخصومة في الدعوى أو على الإجراءات فيها.

نقابة المحامين الأردنيين2
صورة رسالة من نقيب الصحفيين الأردنيين يرفض فيها طلب "إذن مخاصمة" قدمه المحامي وائل الشلودي (شبكة أريج)

مخرج قانوني معقّد
حين يفشل محام/ية في استحصال إذن مخاصمة، يبقى أمام المشتكي/ـة مخرج قانوني عبر تسجيل القضية باسمه/ـا مباشرة ثم توكيل المحامي/ـة في مرحلة لاحقة. على أن محامين يؤكدون أن هذا المخرج معقّد، ويحمل في طياته تبعات تأديبية ضدهم.

ذلك أن النقابة تنظر إلى تكليف محام/ية بالترافع في قضايا سجّلت بشكل شخصي على أنه تجاوز على القانون، حسبما يشرح المحامي والناشط الحقوقي حازم الشخاترة. ويؤكد الشخاترة أن سير الإجراءات الطبيعية "يتطلب الحصول على الإذن، وفي حال عدم نيله يتعرض المحامي لعقوبات نقابية تصل حد وقف مزاولة المهنة".

ويؤكد وليد العدوان -مقرر لجنة الحريات وحقوق الإنسان في النقابة- هذه الشكوى ويصر "على ضرورة التزام المحامين بقانون النقابة"، لكنه أحجم عن ذكر أمثلة عن محامين تعرضوا لعقوبات.

قيد أم حصانة؟
مصدر رفيع في وزارة العدل طلب عدم الكشف عن هويته يرى أن نص المادة الـ(62) "يعرقل الوصول للحق في التقاضي"، مؤكدا أن "المحاكم مفتوحة للجميع" بموجب الدستور، خصوصا في ظل وجود جرائم مستحدثة تحتاج لتوكيل محام.

وينحصر إذن المخاصمة بكونه "قيدا وحصانة من نوع خاص"، بحسب المصدر ذاته، وبالتالي "لا يجوز التوسع في منح الحصانات، لأن إعطاء نقيب المحامين هذه الصلاحية وفقا لنص المادة مخالف للدستور والقوانين التي تنظم الحصانات المقررة بموجب هذه القوانين".

شبكة إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية
صورة لمبنى قصر العدل (شبكة أريج)

ويشدّد المصدر على أن "القضاء هو الحامي للحقوق والحريات، ولا يجوز منح حصانة لمن لا يستحقها"، ويدعو إلى تعديل النص بالطرق التشريعية المنصوص عليها قانونا من خلال تقديم مشروع قانون نيابي للتعديل، أو من خلال رئاسة الوزراء أو نقابة المحامين، لوضع ضوابط منح الأذونات وحجبها مع بيان أسباب الرفض ومدى قانونيتها وحفاظها على حقوق المحامين والأفراد.

من جانبه، يوضح مقرّر لجنة الشؤون القانونية في مجلس النواب مصطفى ياغي، أن تعديل القانون يتطلب "تقديم مشروع قرار حكومي بالتعديل، أو أن يتقدم 10 نواب وأزيد باقتراح لتعديل نصوص القانون أو اقتراح بقانون كامل".

مخالفات مركبة
في عام 2018، اصطدم المحامي فارس عشّا بالمادة الـ(62)، حين رفض النقيب منحه إذنا للمخاصمة في قضية بطلها محام متدرب. وكان العشّا سعى لرفع شكوى جزائية في قضية معزّزة ببيانات ووثائق تثبت صحة الشكوى، إلا أن نقيب المحامين رفض منح الإذن لتقديم الشكوى بشقّها الجزائي ومنحه الإذن لتقديمها بشقّها الحقوقي.

حجب "إذن المخاصمة" حسب العشاّ "أفقد القضية جوهرها وأضعفها، لتؤول إلى تسوية مالية هزيلة لم تتجاوز ربع قيمة المطالبة الحقيقية"، مضيفا أنه فوق ذلك "أفلت الجاني من العقاب، وتم منحه حصانة للمضي في طريق الباطل، مما يشكّل إهانة للمحامين وتعديا على الدستور".

وتظهر وقائع القضية بأن المحامي المتدرب خالف نص المادة الـ33 من قانون نقابة المحامين المتعلقة بالمحامي المتدرب.

اقرأ قصة المحامي المتدرب

مظالم وحقوق ضائعة وضعت ملفاتها بأيدي رجال "القضاء الواقف"، جعلت العديدين رهن ضمائر محامين أتقنوا تطويع القانون وفقا لمصالحهم، وتحولت العديد من القضايا إلى صفحات عالقة على رفوف نقابة المحامين تحت سيف مادة في قانونها وضعت لتنظيم أخلاقيات المهنة وسلوكات أفرادها، مما يحيلنا هنا على مقولة القاضي والفيلسوف مونتسكيو "القانون مثل الموت الذي لا يستثني أحدا".

  • أنجز هذا التحقيق من قبل شبكة إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية (أريج)
المصدر : الجزيرة