دحلان في الواجهة من جديد.. حملة اعتقالات ضد أنصاره بالضفة الغربية، فما خلفها؟

كومبو يجمع صورة عباس ودحلان
مراقبون يستبعدون أن تكون السلطة الفلسطينية تعيش هاجس الخشية من دحلان (يمين) وعودته بمخطط أميركي (الجزيرة)

تشن الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية بالضفة الغربية حملة اعتقالات واسعة، تستهدف نشطاء في "تيار الإصلاح الديمقراطي" التابع للقيادي المفصول من حركة "فتح" محمد دحلان المقيم في دولة الامارات.

وعلمت الجزيرة نت من مصادر مسؤولة، أن حملة الاعتقالات طالت أعضاء في المجلس الثوري للحركة، ومسؤولين أمنيين سابقين، وأساتذة جامعات.

وكشف مصدر أمني للجزيرة نت، أن المعتقلين يواجهون تهمتين أساسيتين تتعلقان بحيازة السلاح، ونقل أموال "غير مشروعة" للضفة الغربية.

ما وراء الاعتقالات
ومن بين أبرز المعتقلين، عضو المجلس الثوري لحركة فتح هيثم الحلبي، واللواء سليم أبو صفية الذي شغل مناصب أمنية رفيعة إبان تأسيس السلطة الفلسطينية عام 1993، والدكتور فراس الحلبي، والمحاضر الجامعي عبد الكريم عبيد، إضافة إلى عدد من الأكاديميين ونشطاء في الحركة الطلابية وأسرى محررين.

وبحسب مصادر في عائلة أبو صفية، فإن قوات كبيرة من أجهزة الأمن اقتحمت منزله في مدينة أريحا بالضفة الغربية، و"عاثت فيه فسادا"، واعتقلته لـ7 أيام، قبل أن تقرر المحكمة اليوم إطلاق سراحه بكفالة مالية قدرها 1500 دينار أردني، ما يعادل (2115 دولارا). ومددت المحكمة اعتقال هيثم الحلبي وابن شقيقه عميد 15 يوما على ذمة التحقيقات.

وقال مصدر قيادي في حركة فتح للجزيرة نت -فضل عدم الكشف عن هويته- إن الاعتقالات جاءت "غضبا" من السلطة على دور دحلان في الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي، وبناء على تعليمات مباشرة من الرئيس محمود عباس.

لكن الناطق باسم قوى الأمن في الضفة الغربية اللواء عدنان الضميري نفى أن تكون الاعتقالات على خلفية سياسية، وقال للجزيرة نت إن "أجهزة الأمن اعتقلت 4 أو 5 أشخاص فقط بناء على مخالفات قانونية".

وحول تركز الاعتقالات ضد قيادات ونشطاء معروفين بانتمائهم لـ"تيار دحلان"، أوضح الضميري أن السلطة لا تعترف بتيارات أو جماعات، والقانون يطبق على أفراد، وبناء على مخالفات قانونية.

U.S. Embassy Formally Opens In Jerusalem On 70th Anniversary Of State Of Israel
تصريحات السفير الأميركي لدى تل أبيب ديفيد فريدمان أثارت غضب الفلسطينيين (غيتي إيميجز)

تصريحات فريدمان
وتزامنت حملة الاعتقالات مع تصريحات للسفير الأميركي لدى إسرائيل ديفيد فريدمان، قال فيها لصحيفة "إسرائيل اليوم"، إن الإدارة الأميركية تدرس استبدال الرئيس عباس بدحلان، قبل أن تقوم الصحيفة نفسها بتعديلها لاحقا.

وقال المصدر الفتحاوي إن هذه التصريحات زادت من غضب الرئيس عباس والفريق المقرب منه تجاه الإمارات، والدور الذي وصفه بـ"المحوري" الذي أداه دحلان في الاتفاق مع إسرائيل.

من جهته، قال المتحدث الرسمي باسم "تيار الإصلاح الديمقراطي" ديمتري ديلياني للجزيرة نت، إن دحلان سبق عباس وفريقه في رفض تصريحات السفير الأميركي، وكان واضحا في رفض التطبيع ببيان رسمي أصدره من العاصمة أبو ظبي.

ورفض ديلياني الاتهامات الموجهة للمعتقلين، وأكد أن جميعهم "ليس لهم علاقة أو صلة بالمال، أو طرق تمويل التيار في الضفة الغربية".

وأوضح أن هناك "هيكلا منفصلا" متخصصا بالمال والتمويل، وطريقة إيصال المال للضفة الغربية تتم بسرية تامة، وقيادات في التيار لا تعلم عنها شيئا؛ لحمايتها من "بطش" السلطة.

وقال ديلياني إن الاعتقالات سياسية، وتباشرها "اللجنة الأمنية المشتركة" المؤلفة من جميع الأجهزة، وقد تم تكليف جهاز الاستخبارات العسكرية باعتقال ضباط في الأجهزة الأمنية، فيما يتولى جهاز الأمن الوقائي اعتقال المدنيين، وطالت هذه الحملة العشرات من أبناء حركة فتح، وعدد منهم ما يزال يتولى مناصب في الهيكل التنظيمي للحركة.

وأضاف أن "عباس وفريق المنتفعين المحيط به يخشون قوة التيار، الذي أصبح اليوم أغلبية داخل فتح، سواء في الداخل الفلسطيني أو في مصر ولبنان، ولم يتبق في هيكلية عباس سوى طبقة المنتفعين من وجوده على رأس السلطة".

وتابع أن هذا الفريق يخشى من صندوق الانتخابات، وهو يدرك أن للتيار أتباعا ومناصرين حتى داخل مكتب الرئيس؛ لكنهم يخشون الإفصاح عن آرائهم لأسباب مختلفة، وأهمها "العقاب المالي"، أو ربما يواجهون مصير هيثم الحلبي، الذي أقاله عباس من منصبه كمحافظ في الرئاسة عقب الإفصاح عن مواقفه السياسية.

شعبية دحلان
لكن هاني المصري، رئيس المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات "مسارات"، ومقره رام الله، يستبعد أن تكون السلطة تعيش هاجس الخشية من دحلان وعودته بمخطط أميركي، ويرى أن الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي أضر بدحلان ولم ينفعه، خصوصا على الصعيد الشعبي.

وأوضح للجزيرة نت أن استطلاعات الرأي تشير إلى أن شعبية دحلان منخفضة، ولا تؤهله لوراثة الرئيس عباس، وآخرها استطلاع رأي أجراه "المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية" في الضفة الغربية، وأظهر حصوله على 7% فقط في حال جرت انتخابات رئاسية اليوم، ولم يترشح فيها الرئيس عباس.

وبحسب المصري، فإن دحلان لا يمكنه -مهما تمتع بدعم خارجي- أن يتجاوز شخصيات ذات ثقل ونفوذ في النظام السياسي الفلسطيني، في سباق خلافة الرئيس عباس.

المصدر : الجزيرة