إعلام السيسي في ورطة.. أراد إيقاع خصومه فاعترف بالفبركة

الحراك في مصر
مظاهرات بمدن وقرى مصرية تتواصل ضد السيسي منذ أسبوع (الجزيرة)

حاول إعلام السيسي إيقاع خصومه في حفرة فسقط فيها، ربما يكون هذا أقرب وصف لما قام به إعلام السلطة في مصر عندما أراد التقليل من شأن المظاهرات التي تخرج ضده منذ أيام والتشكيك في القنوات التي تنقلها، فانقلب الأمر عليه بعد أن سخر ناشطون في مواقع التواصل مما أعلنه هذا الإعلام عن قيامه بـ"فبركة" مظاهرة، واعتبروا هذا دليلا ضده لا لصالحه. 

وبدأت القصة بحالة من النشوة لعدد من  إعلاميي السلطة في مصر، وهم يفتخرون بعرض مظاهرة قالوا إنها ليست حقيقية ولم تكن في منطقة نزلة السمان بالهرم غربي القاهرة فعلا، وإنما مجرد عمل تمثيلي من إنتاج الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية التي باتت تعد بمثابة الذراع الإعلامي للمخابرات المصرية، وتسيطر على عدة صحف وقنوات بينها صحف اليوم السابع والوطن والدستور وصوت الأمة، وقنوات "أون تي في" (On TV)، والحياة، و"إكسترا نيوز" (Extra news)، و"دي ام سي" (DMC).

ووفقا لهؤلاء الإعلاميين، فقد تم إنتاج هذه المظاهرة  التمثيلية وإرسالها إلى بعض القنوات المصرية المعارضة التي تبث من الخارج وإلى قناة الجزيرة، بهدف الإيقاع بهم وإقناع متابعي الإعلام المصري أن هذه القنوات تقوم ببث تظاهرات وهمية بمصر.

لكن الأمر لقي انتقادا وسخرية كبيرين على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اعتبر مغردون أن الأمر يعكس انزعاج النظام المصري من المظاهرات وقلة حيلته تجاهها، كما يعكس اعترافا من هذا النظام بأنه يختلق وقائع غير صحيحة، مما يطعن في مصداقيته لدى متابعيه لأن من  يعترف باختلاق واقعة، فهو  يثير الشكوك حول احتمال قيامه بهذا في أحداث سابقة.

وذهب بعض النشطاء إلى أن هذه الواقعة تعد أهم اعتراف عملي من وسائل إعلام السلطة بمصر على نفسها باختلاق مشاهد تثبت وجهة نظر النظام، مما يعد دليلا جديدا على  صحة اتهامات معارضي النظام للإعلام باختلاق تظاهرات 30 يونيو/حزيران2013، التي مهدت الطريق للرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي للقيام بانقلاب عسكري في صيف 2013 عندما كان وزيرا للدفاع، حيث قام بتعطيل الدستور وعزل الرئيس المنتخب محمد مرسي، الذي كان أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر.

كما يطعن الفيديو المفبرك، وفقا لناشطين، في صدقية مشاهد طوابير الانتخابات التي اعتاد الإعلام التابع للنظام بثها، للتدليل على وجود إقبال من الناخبين.

وأذاعت الفضائيات الرسمية والمقربة من النظام أمس الفيديو المختلق، مصحوبا بلقطات قالت إنه تم بثها في قنوات معارضة و"معادية"، مع حالة انتشاء بـ"سقوط" هذه القنوات فيما أسماه مذيعو تلك الفضائيات بـ"الفخ".

وثارت موجة من السخرية على منصات التواصل الاجتماعي من إقدام أقدم جهاز مخابرات عربي وصاحب صولات وجولات مع الموساد الإسرائيلي قبل سنوات بعيدة، على الاحتفاء بالنجاح في الإيقاع بصحفيين ومذيعين يقتصر دورهم على بث الحدث مباشرة على مسؤولية أصحابه ومرسليه.

وقال مغردون إن الجهاز تفرغ للإيقاع بفضائيات خارجية ومعارضة، تاركا مهامه في مكافحة كارثة سد النهضة الإثيوبي المهدد لمصر بالعطش، وعبث إسرائيل بموارد قناة السويس عبر إنشاء خط لنقل النفط من الخليج للبحر المتوسط مباشرة دون المرور على القناة.

وتساءل مغردون: ما موقفه من قضايا قومية كبرى كبيع جزيرتي تيران وصنافير الإستراتيجيتين للأمن القومي المصري إلى السعودية؟ وكيف يُترَك الرئيس عبد الفتاح السيسي يهين الأجهزة السيادية بقراراته وتصريحاته المتتابعة ومنها قوله إن الأجهزة "قبّلت يديه لكي لا يتكلم في قضية بناء القصور الرئاسية"؟

 

 

 

واعتبر مغردون أن الأمر يمثل محاولة لإيهام المصريين بأن كل التظاهرات التي عمت عشرات القرى وأطراف القاهرة هي مظاهرات وهمية مختلقة، فيما قال آخرون إن إعلام السلطة أثبت من حيث أراد النفي أن تلك القنوات تذيع ما يصلها ولا تختلقه كما روّج مذيعو فضائيات النظام طوال الأسبوع الماضي، في سعيهم لإنكار وجود احتجاجات عادوا واعترفوا بوجودها لاحقا.

وقال مغردون إن ما فعله إعلام السيسي ينبئ عن أن المواد المذاعة على شاشاته حول طوابير الناخبين مختلقة هي الأخرى على الأرجح، حيث أثبتوا إمكانية اختلاقها بسهولة في ستوديوهات مدينة الإنتاج الإعلامي كما حدث في الفيديو الأخير، وتساءلوا: هل كانت "ثورة الـ30 من يونيو/حزيران 2013 مختلقة بذات الطريقة هي الأخرى؟

وانتقد أساتذة إعلام اختلاق الفيديو، معتبرين أنه يضرب مصداقية فضائيات الشركة المتحدة، متسائلين: هل كل ما شاهده المصريون على شاشاتها إثباتا لتهم على المعارضين، يمكن أن يحظى بالثقة بعد هذه الفبركة؟"

 

 

 

بالمقابل، احتفى مؤيدون للنظام وأفراد اللجان الإلكترونية في مجموعات الفيسبوك بالقصة، واعتبروها ضربة مخابراتية قوية لمصداقية القنوات المصرية بالخارج، وأكدوا أن ذلك يعني أن كل التظاهرات في مختلف مناطق مصر مختلقة هي الأخرى، وعمّت السخرية من مذيعي الفضائيات المصرية بالخارج لأنهم "شربوا المقلب"، على حد تعبير المغردين.

وانتشرت على منصات التواصل صورة للقطة من مسلسل "دموع في عيون وقحة" الذي يجسد بطولة مصري خدع إسرائيل إبان حرب 1973، للتدليل على مدى قوة "الضربة الخداعية" لفضائيات الخارج، ومقارنتها بما جرى في حرب مصر مع عدوها المحتل لسيناء حينذاك، على اعتبار أن معارضي النظام هم "أعداء مصر المطلوب خداعهم".

 

المصدر : الإعلام المصري + الجزيرة + مواقع التواصل الاجتماعي