القاهرة في جمعة الغضب.. قلب بارد وأطراف ملتهبة

الشرطة استنفرت جهودها في جسور وميادين القاهرة (الجزيرة نت)

مع تصاعد الاحتجاجات في مصر لليوم السادس على التوالي استجابة لدعوات التظاهر في "جمعة الغضب"؛ ظل قلب القاهرة خامدا في حين استمرت الأطراف في الاشتعال بالمظاهرات.

وفي جولة لمراسلي الجزيرة نت بالقاهرة، لوحظت عودة القبضة الأمنية المشددة بعد يوم من تخفيف الإجراءات، وعجت الجسور برجال أمن في زي رسمي ومدني يستوقفون المارة وقائدي السيارات لاستطلاع هوياتهم واحتجاز المشتبه فيهم.

وبرزت الكمائن بشكل رئيسي عند الجسور الرابطة بين محافظتي القاهرة والجيزة، التي تعد امتدادا جغرافيا وطبيعيا لمحافظة القاهرة، وذلك لمنع وصول محتجين للميادين الكبرى وسط القاهرة، التي ظلت طويلا هدفا رئيسيا للمتظاهرين، كميداني التحرير ورمسيس.

وسيّرت الشرطة اليوم قبيل صلاة الظهر وحتى المساء مواكب من السيارات المدرعة في الشوارع، ظلت تدوي بصافرات الإنذار طوال سيرها، مما اعتبره مواطنون نوعا من التخويف لمنع الخروج من المنازل.

وفي ميدان طلعت حرب القريب من ميدان التحرير، تمركزت قوات الأمن بكثافة، وجرى توقيف مارة واستطلاع هوياتهم، أما ميدان التحرير الذي تواجدت قوات الأمن على أطرافه فقد ظل مفتوحا، إلا أنه شهد حركة محدودة من المارة والسيارات، التي تخلو منها الشوارع والميادين عادة يوم الجمعة.

وشوهدت أعداد كبيرة من راكبي الدراجات في عدد من شوارع القاهرة، يذّكر مشهدهم بمشاهد سابقة في "جمعة الغضب" إبان ثورة يناير/كانون الثاني 2011، لمتظاهرين تنقلوا في القاهرة بالدراجات بعد انقطاع سبل المواصلات وقتها وهروب الشرطة.

كمائن انتشرت على الجسور والتقاطعات لتوقيف السيارات والمارة (الجزيرة نت)

أما التفسير الآخر لهذا المشهد، فهو أن هؤلاء هم ممن يطلق عليهم "المواطنون الشرفاء"، وهم مجموعات من أصحاب السوابق الإجرامية الذين تستدعيهم الشرطة لمعاونتهم ضد المتظاهرين بالاندساس بينهم والقبض على النشطاء في المظاهرات، أو افتعال اشتباكات مع المتظاهرين حتى يظهر الأمر كأن الشعب منقسم بين مؤيد ومعارض للنظام.

ويبدو أن اسم "جمعة الغضب" استدعى لأذهان رجال الأمن ما جرى في جمعة الغضب عام 2011، حيث قام محتجون غاضبون باقتحام أقسام الشرطة، حيث شوهدت تشديدات الحراسة على أقسام الشرطة، كما لوحظت أعداد كبيرة من رجال الأمن المسلحين ببنادق آلية أمامها في استنفار واضح.

واستمر التشديد الأمني حتى مساء الجمعة، مع استمرار الدعوات على منصات التواصل الاجتماعي للتظاهر.

ورغم هذه الإجراءات المشددة، لم يبد مواطنون قاهريون اكتراثا بالأمر برمته، حسب شهود عيان، حيث خرج المصلون من صلاة الجمعة في المساجد الكبرى بالقاهرة كمسجد الفتح برمسيس ومسجد الاستقامة بالجيزة بشكل طبيعي، عكس ما شهدته الجمعة الأخيرة من سبتمبر/أيلول الماضي، حينما خرج مواطنون من هذه المساجد منتظرين من يشعل شرارة الهتاف، عقب دعوة مثيلة للمقاول والفنان المصري محمد علي.

وحسب مشاهد مصورة في مناطق بأطراف القاهرة، مثل شبرا الخيمة (شمالا) والصف وأطفيح (جنوبي الجيزة)، وكرداسة وكفر الجبل ومدينة السادس من أكتوبر (غربا)، فإن هناك تصاعدا للاحتجاج من حيث كثافة الأعداد.

وقام محتجون بقطع طريق الأوتوستراد الرئيسي الذي يقطع القاهرة طولا من الشمال للجنوب لفترة وجيزة، في حين أعلن مسؤول المحافظة إغلاق الطريق لأعمال إنشاء جسر جديد.

وكان رجل الأعمال والفنان محمد علي، الداعي لاحتجاجات سبتمبر/أيلول المستمرة لليوم السادس، حذر المتظاهرين من التوجه للميادين العامة، إلا إذا كانت الأعداد ضخمة، وفي رسالة على صفحته الشخصية بفيسبوك وعد بفكرة جديدة ستنقل الحراك لمستوى أكبر لو وجد الأمر مناسبا.

وفي مقابل احتفاء نشطاء ومعارضين للرئيس عبد الفتاح السيسي بالمظاهرات، أنكر إعلام النظام ومؤيدوه وجودها، ثم عادوا ووصفوها بثورة الأطفال، ومع اعتراف المعارضين بوجود الأطفال بكثرة في المظاهرات، فإنهم اعتبروا ذلك ظاهرة صحية تبشر بجيل واع.

واستنسخ متظاهرو الصعيد بزيهم المميز "بالجلابيب" مشاهد شهيرة لثورة يناير، فظهر محتجون وهم يعيدون قنابل الغاز الملقاة عليهم إلى قوات الشرطة مرة أخرى.

واتخذت الحكومة بالتزامن مع اندلاع الاحتجاجات عدة قرارات، رأى مراقبون أنها تستهدف نزع فتيل الغضب وتهدئة الشارع، ومنها قرار تخفيض قيمة التصالح في مخالفات البناء، ومد أجل سدادها حتى الشهر المقبل.

المصدر : الجزيرة