النظام الدستوري سيستمر.. قادة الجمهوريين يسعون للتهدئة بعد رد ترامب على سؤال تسليم السلطة

2020 Republican National Convention
ترامب شكك مرارا في نظام الانتخابات وإجراءاتها (رويترز)

تصدر ما يوصف بـ "كابوس تسليم السلطة" المشهد السياسي الأميركي، بعدما امتنع الرئيس دونالد ترامب عن التعهد بانتقال سلمي للسلطة إذا خسر انتخابات 3 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، معرضا نفسه لسيل من الانتقادات.

وسعى قادة حزبه الجمهوري إلى تدارك الموقف دون توجيه انتقاد مباشر إلى الرئيس، مؤكدين أن نظام الحكم الدستوري في الولايات المتحدة سيستمر.

وقال ترامب في مؤتمر صحفي بالبيت الأبيض أمس الأربعاء "يجب أن نرى ما سيحصل"، وذلك ردا على صحفي سأله إن كان يتعهد بالالتزام بأبسط قواعد الديمقراطية في الولايات المتحدة وهي النقل السلمي للسلطة حين يتغير الرئيس.

وفي معرض رده لم ير ترامب احتمالا للخسارة، وقال إن الأمر سيكون "استمرارية" للسلطة بدلا من نقلها، كما جدد انتقاده لنظام التصويت عبر البريد ووصفه بالكارثة.

تطبيع الحديث عن الأزمة

ورأى جوليان زيلزر المؤرخ بجامعة برينستون، في حديث تلفزيوني، أن ترامب يهدف إلى "تهديد العملية الانتخابية ويقول بصوت عال للجميع ما يفكر فيه، وكلما قدم هذه الحجج، قام بتطبيع حقيقة أن هذا يمكن أن يكون جزءا من النقاش السياسي الجديد".

من جانبه، رأى البروفيسور غريغور كوغر، عميد قسم العلوم السياسية بجامعة ميامي بولاية فلوريدا، أن ما يقوم به ترامب هو "غير أميركي على الإطلاق".

وقال كوغر في حديث للجزيرة نت إن "أحد المبادئ الأساسية للسياسة الأميركية أننا نختار قادتنا عن طريق الانتخاب. وإن هجمات الرئيس ترامب المستمرة على شرعية الانتخابات الأميركية ورفضه احترام نتائجها هو سلوك غير أميركي".

المرشح الديمقراطي للرئاسة جو بايدن (رويترز)

وقد سارع مرشح الحزب الديمقراطي للرئاسة جو بايدن إلى استنكار تصريحات ترامب قائلا "في أي بلد نعيش؟ إنه يقول أكثر الأمور غير العقلانية. لا أعرف ما أقول".

وأعربت الرئيسة الديمقراطية لمجلس النواب نانسي بيلوسي عن أسفها لرفض ترامب ضمان انتقال سلمي للسلطة، وقالت في مؤتمرها الصحفي الأسبوعي إنه "أمر محزن أن يطرح هذا السؤال، فهو شهادة حية على الحاجة الملحة لحماية ديمقراطيتنا… لكن التشكيك في التداول السلمي للسلطة ليس أمرا مفاجئا مع هذا الرئيس لأنه شكك في العلم وفي الحكم".

في السياق نفسه، قال السيناتور الديمقراطي بيرني ساندرز إن ترامب "مستعد لتقويض الديمقراطية الأميركية من أجل البقاء في السلطة"، مشددا على ضرورة أن يترك منصبه إذا خسر الانتخابات. وأضاف أنها "انتخابات بين دونالد ترامب والديمقراطية.. وستفوز الديمقراطية حتما".

من جهته، قال السيناتور الجمهوري ميت رومني إن إبداء أي تردد بشأن تطبيق ما يضمنه الدستور "أمر لا يعقل وغير مقبول". وكتب في تغريدة أن "النقل السلمي للسلطة أمر أساسي للديمقراطية، دون ذلك سنكون أشبه ببيلاروسيا" (روسيا البيضاء).

تعقيب البيت الأبيض

واضطرت المتحدثة باسم البيت الأبيض كايلي ماكيناني للتعقيب على الأمر عندما ألح الصحفيون عليها في مؤتمر صحفي اليوم الخميس، فقالت إن "الرئيس سيقبل بنتائج انتخابات حرة ونزيهة".

وفي تلك الأثناء، أطلق ناشطون وسم "انقلاب ترامب" عبر موقع تويتر، وحذروا من خلاله من نية ترامب بشأن تسليم السلطة بعد الانتخابات المرتقبة.

وعبر معلقون عن صدمتهم من تصريحات ترامب، في حين رآها آخرون متوقعة، وقال الفريق المؤيد للرئيس إن الديمقراطيين سيتلاعبون بالانتخابات ورأوا تصريحاته في محلها.

ترامب يتحكم بالأجندة السياسية

وقال دانيل آليكسي، وهو مهندس يقيم في مقاطعة مونتغومري بولاية ميريلاند، للجزيرة نت إن ترامب "يحرك أجندة البلاد السياسية كما يشاء، خدمة لتحشيد وتعبئة قواعده الانتخابية".

وتابع "للأسف يستطيع ترامب نقل الاهتمام العام، خاصة بين وسائل الإعلام، من قضية لأخرى بسرعة كبيرة. لقد نجح في وقف الحديث حول تداعيات الحكم على قتلة الشابة السوداء بريونا تايلور على يد الشرطة، وها نحن نتحدث عن قضية أخرى هو يحددها، تسليم السلطة".

دفاعا عن الدستور

في غصون ذلك، عارض قادة الجمهوريين موقف ترامب دون الإشارة إليه بشكل مباشر، مشددين على ضرورة الدفاع عن الدستور الأميركي والتداول السلمي للسلطة.

وقال السيناتور ميتش ماكونيل زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ في تغريدة على تويتر "سيتم تنصيب الفائز في انتخابات الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني في 20 يناير/كانون الثاني. وسيكون هناك انتقال منظم تماما كما كانت الحال كل 4 سنوات منذ عام 1792".

وأكد ماكونيل أن "علينا أن نثق بنظام الانتخابات الرئاسية وإجراءاتها، ولا يوجد ما يدفع للتشكيك في نتائجها".

في الاتجاه نفسه، قال زعيم الأقلية الجمهورية بمجلس النواب كيفن مكارثي "يجب أن نمضي قدما في انتخاباتنا.. لا ينبغي لنا أبدا أن نمتنع عن إجراء الانتخابات في اليوم الذي حددناه".

وأكد مكارثي في تصريحات أخرى أن البلاد ستشهد "انتقالا سلسا، وأعتقد أن الرئيس ترامب سيحظى بفرصة تنصيب جيدة جدا".

من جهتها، قالت القيادية الجمهورية بمجلس النواب ليز تشيني عبر تويتر إن "التداول السلمي للسلطة منصوص عليه في دستورنا وأساسي لبقاء جمهوريتنا. يؤدي زعماء أميركا اليمين ويقسمون على احترام الدستور. وسنلتزم بهذا القسم".

التصويت عبر البريد من أسباب الجدل الانتخابي الحاد بالولايات المتحدة (الأوروبية)

تأييد لموقف ترامب

بيد أن آخرين في معسكر ترامب سعوا للدفاع عنه وسط هذا الجدل، إذ قال دريك هانتر، الإعلامي الخبير بمؤسسة هيريتيج المحافظة، إنه "لا ينبغي لأي مرشح أن يقبل الأسئلة حول خسارته في خضم الحملة الانتخابية".

وأشار هانتر في حديث للجزيرة نت إلى أن "هيلاري كلينتون (المرشحة الديمقراطية السابقة للرئاسة) قالت لجو بايدن ألا يتنازل تحت أي ظرف من الظروف، ولكن هذا لم يسبب أي غضب".

وأضاف أن ما سماها "حقيقة" أن إدارة أوباما "تجسست على حملة ترامب، ثم فريق ترامب الانتقالي، تظهر أنه لم يكن هناك انتقال سلمي للسلطة في عام 2016، ومع ذلك يتم تجاهل هذا أيضا".

وقد سعى ترامب مرارا للتشكيك في شرعية الانتخابات، مشيرا إلى مخاوفه بشأن التصويت عبر البريد الذي يشجع عليه الديمقراطيون وسط جائحة فيروس كورونا.

ودفعت دعوات ترامب لتأجيل الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 3 نوفمبر/تشرين الثاني، وما سبق ذلك من رفضه التعهد باحترام نتائجها، الكثيرين لتوقع أزمة دستورية غير مسبوقة بسبب توقع تصويت ملايين الناخبين بالبريد والذي سيستغرق معه عد وفرز الأصوات أياما عدة أو أسابيع.

المصدر : الجزيرة + وكالات