لقاءات نائب الأمير و"وثيقة الكويت" تثيران حالة من التفاؤل في الشارع الكويتي

نائب أمير الكويت ولي العهد الشيخ نواف الأحمد الصباح أجرى عددا من اللقاءات المهمة (الأوروبية)

الكويت- خاص

على مدى الأيام العشرة الماضية، انشغلت الساحة السياسية الكويتية باللقاءات التي أجراها نائب أمير الكويت ولي العهد الشيخ نواف الأحمد الصباح والتي شملت عددا من الشخصيات السياسية والرموز البارزة.

اللقاءات التي حظيت باهتمام خاص من المراقبين والمهتمين بالشأن السياسي، بدأها نائب الأمير يوم 14 سبتمبر/أيلول الجاري بلقاء القطب السياسي البارز أحمد الخطيب نائب رئيس المجلس التأسيسي، وهو أحد من ساهموا في وضع دستور البلاد الحالي عام 1962 والشخصية الوحيدة التي لا تزال على قيد الحياة حاليا من أعضاء المجلس التأسيسي.

وعقب لقاء الخطيب التقى نائب الأمير برئيس مجلس الأمة الأسبق أحمد السعدون، أحد أبرز أقطاب المعارضة في الكويت خلال السنوات الماضية وأحد المقاطعين للانتخابات البرلمانية منذ إقرار قانون الصوت الواحد.

حالة تفاؤل

وأعلن كل من المفكر عبد الله النفيسي والنائب السابق أستاذ القانون الدستوري بجامعة الكويت عبيد الوسمي أمس لقاءهما سويا بنائب الأمير، وتسليمها إياه ما أطلق عليها "وثيقة الكويت"، وهو ما زاد من حالة التفاؤل في الأوساط السياسية الكويتية.

وعلى الرغم من عدم إعلان الوسمي والنفيسي أي تفاصيل بشأن الوثيقة والاكتفاء بالإعلان عن تسليمها، فإنه جرى تسريب ما قيل إنها مسودة لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي التي شهدت احتفاء كبيرا بالحدث وتصدر وسم "وثيقة _الكويت" موقع تويتر.

وفي اليوم الثاني رد معارضو الوثيقة بوسم مضاد حمل عنوان "وثيقة_الكويت_ لا تمثلني"، إذ اعتبر معارضوها أنها فصّلت لخدمة أطراف في المعارضة الكويتية ممن صدرت بحقهم أحكام نهائية.

لقاءات معتادة

ويرى مراقبون أن اللقاءات الأخيرة ليست غريبة في السياق التاريخي للكويت، إذ عادة ما يتداعى الكويتيون وقت الأزمات للالتفاف حول القيادة السياسية متمثلة في أمير البلاد وولي عهده.

ويجمع المراقبون على أن مبعث التفاؤل من تلك اللقاءات أنها تأتي في ظل الأوضاع التي تسيطر على المشهد السياسي والاقتصادي والتي تحتاج إلى إعادة النظر بشأنها، ومن ذلك وجود أزمة اقتصادية بفعل تداعيات فيروس كورونا المستجد، وصولا إلى تخفيض تصنيف الكويت الائتماني لأول مرة إلى "إيه 1" (A1)، والكشف عن عدد من قضايا الفساد وغسل الأموال، إضافة إلى ما تشهده الساحة الإقليمية من تطورات متعلقة بالتطبيع مع إسرائيل.

علاوة على الأوضاع السابقة، تتجهز الساحة الكويتية حاليا للانتخابات البرلمانية المنتظر إجراؤها نهاية نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، وهو ما انعكس على استعدادات أغلب القبائل التي أجرت مؤخرا انتخاباتها التشاورية الداخلية للاستقرار على مرشحيها وسط توقعات بوجود مشاركة أوسع من بعض الأقطاب ممن قاطعوا الانتخابات الأخيرة.

قانون انتخابي

ومن أبرز ما تضمنته "وثيقة الكويت"، بحسب المراقبين، دعوتها لضرورة وضع قانون انتخابي جديد يساعد على وجود تمثيل حقيقي ويتلافى سلبيات قانون الصوت الواحد الذي أقرّ في العام 2012 والذي يرى الكثيرون أنه ساهم في تعظيم دور المال السياسي وشراء الأصوات وتغذية النعرات الطائفية، فضلا عن المآخذ الخاصة.

ويثمن أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت عبد الله الشايجي فكرة الوثيقة في حد ذاتها، واعتبر أن مقدميها "قرعوا الجرس"، وأنها خطوة على الطريق الصحيح، معبرا عن أمله في أن يتبعها سبر للآراء ينتهي بعقد مؤتمر وطني شامل.

وفي حديث للجزيرة نت، رأى الشايجي أن مبادرة لقاء نائب الأمير بالشخصيات الوطنية جيدة، لكن الشعب يتطلع لما بعدها من خطوات سواء على مستوى فتح صفحة جديدة مع مختلف القوى السياسية أو اتخاذ خطوات إصلاحية.

واعتبر الشايجي أن الوثيقة وإن كانت هناك بعض الانتقادات حولها أبرزها أنه من غير المعروف حتى الآن المشاركون في صياغتها، وما إذا كانوا يمثلون الأطياف السياسية المختلفة، ووجود بعض المطالب التي لا تحظى بإجماع عليها، لكن يبقى أن النسخة التي جرى تسريبها ليست نهائية، وهي في جميع الأحوال تضم ما يمكن أن نسميه أرضية مشتركة يمكن البناء عليها في الفترة المقبلة.

البرلمان الكويتي
وثيقة الكويت تهدف إلى تغيير النظام الانتخابي (الجزيرة)

حرص وتغيير

ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت عبد الله سهر أن أهم ما ميز لقاءات نائب الأمير بعدد من الشخصيات مؤخرا هو أنها تأتي في إطار حرص القيادة السياسية على الاستماع لكافة أطياف المجتمع الكويتي والتمسك بالتعددية، متوقعا أن تستمر تلك اللقاءات في الفترة المقبلة.

وأكد سهر في حديثه أن الكويت تواجه تحديات سياسية واقتصادية اجتمعت في اللحظة الراهنة وجميعها أمور تستدعي أن يلتحم الكويتيون شعبا وقيادة في لقاءات تشاورية، وهو أمر تحرص عليه القيادة السياسية التي تستمع لرأي الشعب عبر القنوات الرسمية وغير الرسمية لا سيما وأن التحديات تحتاج إلى قرارات جريئة للمعالجة.

وبحسب سهر فإن وثيقة الكويت ضمت العديد من النقاط المهمة أبرزها ما يتعلق بالنظام الانتخابي الذي هو أساس الخلاف بين القوى السياسية في الفترة الأخيرة، وهناك طموح لنظام يتفق عليه جميع الكويتيين بما يشجع المشاركة الكبيرة في الانتخابات.

من جانبه، يذهب المحامي فيصل الفهد إلى القول بأن لقاءات نائب الأمير بالشخصيات الوطنية المختلفة لا تعكس بالضرورة تغيرا في النهج كما يصور البعض، إذ إنها أمر جبل عليه أهل الكويت والأسرة الحاكمة على السواء.

ويضيف الفهد للجزيرة نت أن بإمكان أي شخص طلب لقاء أمير البلاد أو نائبه، وتقديم ما لديه من مقترحات وتصورات، وهي أمور تتم بشكل يومي.

المصدر : الجزيرة