موقع بريطاني: تركيا أصبحت لاعبا سياسيا مهما في غرب أفريقيا

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان (الجزيرة)

حول سبب إقامة تركيا صداقات في غرب أفريقيا كتب محمد أوزكان يبدو أن الرئيس رجب طيب أردوغان يعتقد أن الوقت قد حان لتكون بلاده لاعبا سياسيا في القارة الأفريقية.

وأشار أوزكان في مقاله بموقع "ميدل إيست آي" (Middle East Eye) إلى أنه في الوقت الذي زار فيه وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو السودان مؤخرا؛ لحث المزيد من الدول العربية على تطبيع العلاقات مع إسرائيل بعد اتفاق الإمارات بهدف خلق تمحور جغرافي سياسي جديد في الشرق الأوسط، تعمل تركيا على تحقيق تحالف جديد في غرب أفريقيا يعد بتوسيع تنافسها الاستراتيجي مع فرنسا.

ويرى الكاتب أن الدور التركي أصبح أكثر وضوحا في وقت سابق من هذا الشهر مع زيارة وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو لكل من مالي وغينيا بيساو والسنغال، ورغم أن الانقلاب العسكري في مالي الشهر الماضي لم يكن ذا صلة خاصة بتركيا؛ لكنه قدم دافعا قويا لأنقرة لتوسيع أنشطتها في غرب القارة.

وذكر الكاتب، وهو زميل في مركز السياسة العالمية في واشنطن العاصمة، أن تركيا ظلت تراقب مالي منذ الانقلاب السابق في عام 2012، وأقامت اتصالات مع مختلف الجهات الفاعلة في المجتمع المدني، وأردف بأنه قبل أن تتصرف أنقرة بشأن مالي أو أي أزمة أخرى في غرب القارة، يجب عليها أولا الانتهاء من وضع الأساس الإقليمي؛ لأنه في خضم التنافس المتزايد بين تركيا وفرنسا حول ليبيا وأزمة شرق البحر المتوسط، فقد تمتد التوترات قريبا، وتتعمق في غرب أفريقيا حيث توسع أنقرة نفوذها السياسي والعسكري.

تأمين حلفاء
وألمح الكاتب إلى زيارة وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو للنيجر وتوقيع تعاون عسكري واتفاقيات أخرى، واحتمال أن يمهد هذا الأمر الطريق لأنقرة لفتح قاعدة عسكرية في البلاد، ويضيف الكاتب أن الأمر الثاني هو أن هذا التعاون العسكري والقاعدة العسكرية المحتملة يعززان مشاركة تركيا في ليبيا، ويعملان كعازل ضد التهديد المصري المحتمل لتركيا في ليبيا. وإقليميا هو مكسب للجميع، حيث أن الاتفاق بين تركيا والنيجر سيعزز نفوذ أنقرة في غرب أفريقيا، وفي المقابل ستتلقى الدول الأفريقية دعم تركيا للمساعدة في حل الأزمة الليبية.

اهتمام تركيا بالنيجر له بعدان: أولهما أن هناك شبكات دينية في البلاد تميل نحو تركيا، وهذا الدعم الاجتماعي، إلى جانب التعاون السياسي، يجعل النيجر حليفا جديرا بالثقة في بيئة تعمل فيها العديد من البلدان، مثل مصر، بنشاط ضد تركيا

كما أن اهتمام تركيا بالنيجر له بعدان: أولهما أن هناك شبكات دينية في البلاد تميل نحو تركيا. وهذا الدعم الاجتماعي، إلى جانب التعاون السياسي، يجعل النيجر حليفا جديرا بالثقة في بيئة تعمل فيها العديد من البلدان، مثل مصر، بنشاط ضد تركيا.

وذكر الكاتب أن سياسة تركيا تجاه أفريقيا لا تستند إلى حسابات قصيرة المدى فحسب، وأن مصالحها فيها تضمنت عناصر القوة الناعمة وأدوات القوة الصلبة بشكل متزايد. ففي الصومال في أوائل عام 2010 قدمت أنقرة مبادرات إنسانية، ومنذ ذلك الحين عمقت العلاقة، واكتسبت قوة عسكرية وسياسية في المنطقة، وقد تؤدي مشاركة أنقرة في النيجر ومالي إلى تكرار سياسة تركيا في شرق أفريقيا.

كما أن سياستها تجاه غرب أفريقيا لها أيضا تداعيات على التنافس بين تركيا وفرنسا، فبينما انفتحت تركيا في الماضي على أفريقيا من خلال سياسات القوة الناعمة، فإنها تنظر الآن إليها على أنها ساحة تمحور جغرافي سياسي تستطيع من خلالها مواجهة فرنسا أو أي دولة أخرى، ويبدو أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يعتقد أن الوقت قد حان لتكون تركيا لاعبا سياسيا في أفريقيا.

القوة الناعمة والصلبة
ومن أمثلة القوة الناعمة التركية في غرب أفريقيا أشار الكاتب إلى وكالة التعاون والتنسيق التركية، التي تدعم العديد من مشروعات التنمية والخطوط الجوية التركية التي تربط المنطقة بالعالم، والجمعيات ذات الصلة التي جلبت ألف طالب في منح دراسة كاملة إلى تركيا من المنطقة.

ويرى أوزكان أن نهج أردوغان تجاه غرب أفريقيا في النهاية له عدة آثار؛ فمن المرجح أن يعمق التنافس بين تركيا وفرنسا، وربما يؤثر على العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي، وقد يخلق أيضا فرصة للتعاون المحتمل مع القوى الأوروبية الأخرى مثل إيطاليا أو إسبانيا، خاصة في قضايا الأمن والهجرة وكسر احتكار فرنسا كمرساة للاتحاد الأوروبي في المنطقة.

وبالنسبة للولايات المتحدة يمكن أن يعمل الوجود المتزايد لأنقرة في غرب أفريقيا، إلى حد ما، كقوة موازنة ضد النفوذ الصيني المتزايد، فقد شجع السيناتور الأميركي ليندسي غراهام فكرة أن تصبح تركيا بديلا عن النفوذ الصيني في أفريقيا، مضيفا أنها قد تفتح أيضا مجالات جديدة للتعاون بين تركيا والولايات المتحدة.

وختم الكاتب بأنه مع تشكيل إستراتيجية تركيا النامية حديثا في غرب أفريقيا ستجذب السياسة الخارجية للبلاد بالتأكيد المزيد من الاهتمام والنقاش في السنوات المقبلة.

المصدر : ميدل إيست آي