على وقع الهرولة نحو إسرائيل.. أحزاب تونسية تطالب بسن قانون يجرم التطبيع

وقفة احتجاجية سابقة أمام سفارة الإمارات بتونس ضد التطبيع الجزيرة نت
وقفة احتجاجية سابقة أمام سفارة الإمارات بتونس ضد التطبيع (الجزيرة)

تصاعدت دعوات أحزاب تونسية إلى سن قانون يجرم التطبيع، في ظل سباق عربي نحو إسرائيل، وانتقادات طالت الموقف الدبلوماسي التونسي في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية.

ولا يوجد فصل صريح في دستور ما بعد الثورة يجرّم التطبيع مع الاحتلال، مقابل الإشارة في ديباجته لوقوف تونس مع المظلومين في كلّ مكان، وحقّ الشعوب في تقرير مصيرها.

مع وقف التنفيذ
وسبق أن طرحت أحزاب محسوبة على القوى اليسارية والقومية عامي 2012 و2015 مشاريع قوانين تجرم التطبيع مع "الكيان الصهيوني" لكنها اصطدمت، كما يقولون، بمعارضة الكتل الكبرى، وبتخاذل رئاسة الجمهورية، لتظل المشاريع حبيسة رفوف البرلمان.

وجددت حركة الشعب -في بيان رسمي منذ أيام- تمسك نوابها في البرلمان بضرورة سن قانون يجرم التطبيع بشكل مستعجل، كما أدانت ما وصفته بـ "هرولة الأنظمة العربية نحو التطبيع مع عصابات الكيان الصهيوني".

واعتبر أمين عام الحركة زهير المغزاوي -في حديثه للجزيرة نت- أن تجديد حزبه الدعوة، للتسريع في سن قانون يجرم التطبيع مع الكيان الصهيوني، يعد منسجما مع الموقف الشعبي الداعم للحق الفلسطيني الذي لا يسقط بالتقادم.

ووصف المغزاوي الموقف الرسمي والدبلوماسي من اتفاق التطبيع المعلن مع إسرائيل بالضعيف، داعيا الكتل البرلمانية لتجسيد مواقفها الرافضة للتطبيع على أرض الواقع -بعيدا عن الشعارات الرنانة- بهدف تسجيل نقاط سياسية ضد الخصوم، على حد قوله.

واستغرب، في المقابل، من إلقاء بعض الأطراف السياسية اللوم على رئيس الجمهورية قيس سعيد واتهامه بالتخاذل ونكث العهود في ما يخص قضية التطبيع، مشددا على أن المسؤولية ملقاة على عاتق البرلمان والكتل في سن قانون يجرمه.

 

 

الدبلوماسية التونسية
وسبق أن تعرض الرئيس لانتقادات شعبية وحزبية لاذعة، إثر التزامه الصمت لأيام بخصوص الخطوة غير المسبوقة التي اتخذتها الإمارات بإعلان تطبيعها مع إسرائيل، ليخرج بعدها أمام سفير فلسطين ويؤكد احترامه لإرادة الدول.

وفجر تعاطي الدبلوماسية التونسية مع هذه القضية نقاط استفهام عدة، إثر إقالتين متتاليتين، وفي غضون أشهر، لمندوبيْ تونس الدائمينْ لدى الأمم المتحدة المنصف بعتي وقيس القبطني.

وكشفت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية حينها أن أسباب إقالة بعتي تعود لتقديمه دعما أكثر من اللازم للفلسطينيين على حساب علاقة بلده بواشنطن، وخلافات بينه وبين رئيس الجمهورية في تقدير الموقف من "صفقة القرن".

ومنذ أيام خرج مندوب البلاد القبطني -الذي لم يمض على قرار تعيينه سوى 5 أشهر- ليعلن استقالته من السلك الدبلوماسي، مهاجما الرئيس، في تصريحات إعلامية لوكالة الأنباء الفرنسية، ويعلن صراحة أنه "لم يعد يثق به" بعد إنهاء مهمته الأممية بشكل فجائي.

وأثار تبرير نشرته الخارجية -بشأن رفض اعتماد الدول العربية قرارا يتعلق بفلسطين، خلال اجتماع مجلس جامعة الدول العربية- غضب الأوساط الشعبية والسياسية التي وصفته بـ "المخزي والعار على تونس وثورتها".

إدانة ورفض
وجاء في البيان أن سحب المشروع الفلسطيني الذي يدين التطبيع الإماراتي الإسرائيلي جاء "بطلب ملح من وفد دولة فلسطين نتيجة عدم التوصّل إلى توافق بشأنه".

وأكدت الخارجية دعم تونس الثابت للقضية الفلسطينية ومساندتها المطلقة للشعب الفلسطيني، ووقوفها الدّائم معه في نضاله من أجل نيل حقوقه المشروعة في تقرير المصير.

وعبرت أحزاب أخرى عن رفضها لقرار التطبيع الإماراتي والبحريني، إذ أدان الحزب الجمهوري ما وصفه بـ "الموقف العربي الرسمي المائع تجاه الخطوة التي قطعها حكام الإمارات للتطبيع مع الكيان الصهيوني وإفشال المشروع الفلسطيني الرافض للتطبيع في جامعة الدول العربية".

وطالب "الجمهوري" البرلمان بالإسراع في سن قانون يجرم التطبيع، داعيا رئيس الجمهورية "للإعلان دون تأخير، عن موقف رسمي تونسي واضح يدين كل خطوات التطبيع مع دولة الاحتلال".

من جانبها، دعت "حركة تونس إلى الأمام" في بيان رسمي كلا من رئاسة الحكومة والجمهورية إلى عدم الانخراط بشكل أو باَخر "في المخطط الخياني الذي تقوده الجامعة العربية" وتكريس ما وصفه سعيد -إبان حملته الانتخابية- بأن "التطبيع خيانة عظمى".

القضية العادلة
وشدد رفيق عبد السلام وزير الخارجية السابق والقيادي بحركة النهضة -في حديثه للجزيرة نت- على أن قضية فلسطين والتطبيع مع الاحتلال لا تقبل الحياد، ولا المساومة، وفق قوله.

ورفض الاتهامات التي تطال حزبه بعرقلة تمرير مشروع يجرم التطبيع مع الكيان الصهيوني في البرلمان، مشددا على تفرد دستور تونس بالتنصيص خلال التوطئة على حق الشعوب في التحرر، ومساندة القضايا العادلة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.

ولفت إلى أن مشروع تجريم التطبيع المؤجل في البرلمان دخلت فيه حسابات سياسية، ولا تتحمل حركة النهضة بمفردها وزر عدم تمريره، داعيا الكتل إلى تجاوز الخلافات والتشاور من جديد وطرح المشروع في البرلمان.

وذكر عبد السلام بدعوة حزبه لرئيس الجمهورية بالتعبير عن موقف رسمي من التطبيع، وبأن "يكون منسجما مع نفسه ومع خطابه حين صرح سابقا بأن التطبيع خيانة" لافتا إلى أن الموقف من القضية الفلسطينية ليس شأنا داخليا تقرره الدول بل يحتاج إلى إجماع عربي وإسلامي.

وفي السياق ذاته، سخر وزير الخارجية الأسبق مما وصفها بالتبريرات التي قدمتها حكومتا البحرين والإمارات في الذهاب نحو التطبيع بحجة تحقيق الأمن القومي العربي، في مواجهة النظام التركي والإيراني.

يُشار إلى أن نشطاء ومنظمات حقوقية وقيادات حزبية تواصل، منذ أسابيع، تنظيم وقفات احتجاجية، للتنديد بالتطبيع العربي مع إسرائيل، آخرها مساء أمس وسط العاصمة.

المصدر : الجزيرة