وول ستريت: انفجار مرفأ بيروت يكشف غضبا شعبيا من حزب الله

A man rides a motorbike past a picture of Lebanon's Hezbollah leader Sayyed Hassan Nasrallah, near Sidon
ناشطون اعتبروا حزب الله "أكبر عقبة" أمام مشروع إقامة الدولة بلبنان (رويترز)

ركزت حشود المتظاهرين المناهضين للسلطة -الذين خرجوا في مسيرة في بيروت بعد الانفجار المدمر الأسبوع الماضي- أنظارهم إلى مجموعة واحدة فقط: حزب الله، السياسي، والمليشيا الشيعية القوية المدعومة من إيران والتي أصبحت السنوات الأخيرة قوة لا يمكن المساس بها تقريبا في لبنان، بحسب مقال لصحيفة "وول ستريت جورنال" (WALL STREET JOURNAL) الأميركية.

ويتابع المقال أن حزب الله -الذي وصف نفسه منذ ولادته بأنه حصن ضد إسرائيل والقوى الأجنبية الأخرى وحامي الشيعة في لبنان- يواجه انتقادات علنية جديدة باعتباره عائقا أمام الإصلاح السياسي.

ويقول النقاد إن هذه الجماعة تساعد في التستر على الفساد المنهجي، وركزت اهتمامها في الخارج بدلا من التعامل مع الوضع الاقتصادي المتدهور داخليا.

وقال نزار حسن (27 عاما) وهو ناشط في الجماعة الحقوقية اللبنانية (لحقي) إن حزب الله "أكبر عقبة أمام مشروع إقامة دولة قوية بمؤسسات عاملة.. هم المسؤولون عن الكثير من هذا".

ووجه المتظاهرون غضبهم على نطاق واسع إلى النظام السياسي بأكمله الذي نشأ من الحرب الأهلية التي استمرت 15 عاما في البلاد، مع وجود فروع للحكومة مخصصة للمسيحيين والمسلمين التي يقول النقاد إنها أدت إلى الفساد وعدم الكفاءة.

وفي حالة حزب الله -تضيف الصحيفة- فقد أدار شبكة من الجمعيات الخيرية ومنظمات الرعاية الموازية للدولة، لخدمة المجتمع الشيعي، وغالبا ما كانت أكثر كفاءة من تلك التابعة للدولة، ويرجع الفضل في ذلك إلى حد كبير للتمويل الإيراني.

Car drives past a poster depicting Lebanon's Hezbollah leader Sayyed Hassan Nasrallah in Adaisseh village, near the Lebanese-Israeli border
أدار الحزب شبكة من الجمعيات الخيرية ومنظمات الرعاية الموازية للدولة لخدمة المجتمع الشيعي (رويترز)

حزب الله -الذي يحتفظ بمليشيا كبيرة ويُلقى باللوم عليه في عدد من الهجمات الإرهابية في أنحاء من العالم- يُصنف رسميا على أنه منظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة وعدة دول أوروبية.

وتُظهر الهياكل الطائفية في لبنان تصدعات، ليس فقط في بيروت الكبرى حيث اندلعت حركة احتجاجية بقيادة الشباب العام الماضي، فحتى في المجتمع الشيعي لحزب الله، من جنوب بيروت إلى سهل البقاع في لبنان، هناك معارضة لأدائه.

وقال شريف سليمان، الناشط في مكافحة الفساد من البقاع "حزب الله جزء من الفساد الذي أدى إلى الانفجار" مضيفا أنه نفسه يدعم بقوة مقاومة الحركة ضد إسرائيل، وليس سياساتها فـ "ليس لديك فكرة عن مدى غضبنا".

وأدى انفجار أطنان من نترات الأمونيوم تم تخزينها في مستودع بمرفأ بيروت منذ 2013 إلى مقتل أكثر من 170 شخصا وإصابة الآلاف، وتمزيق الأحياء السكنية والتجارية الأكثر حيوية في بيروت.

في المقابل نفى حسن نصر الله الأمين العام للحزب "بشكل قاطع" الادعاء بأن حزب الله لديه مخبأ للأسلحة أو ذخيرة أو أي شيء آخر في الميناء". وأضاف أن حزب الله يركز على الخارج "كمقاومة.. من واجبنا أن نعرف ما يجري في ميناء حيفا" في إسرائيل "ولكن ليس ميناء بيروت".

ودعا إلى فتح تحقيق في الحادث. وقال إن الحزب ليس لديه علم بنترات الأمونيوم.

كلمة حسن نصر الله اليوم
نصر الله نفى وجود مخزن أسلحة أو ذخيرة تابع للحزب بالمرفأ (الجزيرة)

وتشير الصحيفة إلى أن زعيم حزب الله بكى علنا على مصرع الجنرال الإيراني قاسم سليماني، الذي قُتل في غارة أميركية بطائرة بدون طيار في يناير/كانون الثاني الماضي، لكنه لم يُظهر علانية مثل هذه المشاعر تجاه المذبحة التي سببها انفجار الأسبوع الماضي، على الرغم من أسفه لوفاة العشرات وإصابة الآلاف.

وقال جينو رعيدي، المدون المخضرم المناهض للنظام والذي شارك بالاحتجاجات "إنه يبكي على الهواء مباشرة عندما يقتلون زعيما إيرانيا، لكنه يضحك ويبتسم في مواجهة كارثة لبنانية". ولم يرد حزب الله على عدة طلبات للتعليق.

وبالمقارنة مع الاحتجاجات التي انبثقت عن المظالم الاقتصادية العام الماضي، كانت المظاهرات الأخيرة أكثر غضبا. لقد أطلقوا هتافات تندد بحزب الله كحركة إرهابية. وعلق بعض المتظاهرين دمى لنصر الله على حبل المشنقة.

وهذه المعارضة العلنية نادرة في لبنان، حيث يقول كثيرون إنهم يخشون الانتقام العنيف على مثل هذه الانتقادات.

وأدى الغضب الشعبي والاحتجاجات إلى انهيار الحكومة الاثنين الماضي. وكان المتظاهرون يطالبون بإسقاط الطبقة السياسية بأكملها، وليس فقط الحكومة التي تولت السلطة في يناير/كانون الثاني الماضي. وهم يرون بشكل متزايد أن حزب الله جزء لا يتجزأ من الخلل الوظيفي.

ويقول إميل حكيم، الباحث اللبناني البارز بالمعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية ومقره لندن "مشكلة حزب الله أنه ليس لديه إجابة واحدة لأي من مآزق لبنان اليوم".

وخلال مظاهرات العام الماضي، طارد أنصار حزب الله المتظاهرين في بيروت وضربوهم بالهراوات. وفي خطابه الأسبوع الماضي، حذر نصر الله المتظاهرين من تحدي حزب الله مرة أخرى.

مشانق للساسة في لبنان
علق بعض المتظاهرين دمى لنصر الله على حبل المشنقة (مواقع التواصل)

ويتمتع الحزب بدعم قوي من مكوناته الرئيسية. حتى الشيعة الذين ينتقدون سياسة الحركة يقولون إن حزب الله هو الفصيل الوحيد القادر على حمايتهم.

وقالت أمل سعد، أستاذة العلوم السياسية بالجامعة اللبنانية في بيروت ومؤلفة كتاب عن حزب الله "عندما يشعر الشيعة بأنهم مستهدفون كمجتمع، فإنهم يتحدون خلف حزب الله". وأضافت "إنها فترة خطيرة للغاية".

ورغم عدم ظهور أي دليل على أن حزب الله كان له يد في الاحتفاظ بـ 2750 طنا من نترات الأمونيوم في الميناء، يفترض العديد من النقاد اللبنانيين أن الحزب كان على علم بالمخزون لأن أعضاءه متمترسون بعمق في جهاز الأمن بالبلاد.

وقال عباس زهري، الناشط الذي قُتل شقيقه وأربعة من أفراد عائلته وهم يقاتلون مع حزب الله "أنا مؤيد بشدة لحزب الله في نضاله وجهاده ضد إسرائيل، لكنني أعتقد أنه ارتكب أخطاء بتحالفه مع المسؤولين الفاسدين والتغطية على فسادهم".

وركز منتقدون آخرون على تورط حزب الله في الحرب السورية حيث كان حليفا أساسيا في جهود إيران لإنقاذ نظام الرئيس السوري بشار الأسد.

وتحدث مهرب أسلحة كبير قاتل لسنوات في سوريا واشترى أسلحة لحزب الله بقوله إنه سئم من فقدان أصدقاء ينفذون أهدافا إستراتيجية لإيران ودول أخرى.

وقال مهرب السلاح الذي طلب عدم ذكر اسمه تجنبا لإغضاب قيادة الحزب "نريد أن يقاتل أطفالنا للدفاع عن منازلنا من إسرائيل وليس لخدمة إيران".

المصدر : وول ستريت جورنال