في "بيت سكاريا" الفلسطيني.. إذا أردت الزواج عليك مغادرة التجمع

اطفال من تجمع بيت سكاريا يجلسون على ركام منزل مهدوم
أطفال من تجمع بيت سكاريا يجلسون على ركام منزل مهدوم (الجزيرة نت)

عندما تزوج الفلسطيني نعمان أسعد عام 1984 اضطر لعمل عريشة فوق منزل والده في تجمع بيت سكاريا جنوب بيت لحم جنوب الضفة الغربية المحتلة، لأن الاحتلال الإسرائيلي يمنع أي بناء في التجمع بحجة أنه منطقة عسكرية تتبع جيش الاحتلال.

أعداد المنازل التي تقترب من الـ 100 في خمسة تجمعات سكانية ببيت سكاريا ثابتة ولا تتغير رغم تضاعف أعداد السكان منذ احتلال "إسرائيل" الضفة الغربية عام 1967، بل إن أي توسعة لأي منزل قديم تجعله عرضة للهدم من قِبَل الاحتلال، بحجة أن أي منشأة تحتاج لرخصة من سلطة الاحتلال التي لا تعطيها أصلا للفلسطينيين.

صور تظهر الشوارع الاستيطانية التي تربط مجمع مستوطنات غوش عتصيون جنوب بيت لحم والتي أصبحت اليوم تفصل تجمع بيت سكاريا الفلسطيني
مجمع مستوطنات غوش عتصيون الذي يفصل تجمع بيت سكاريا الفلسطيني (الجزيرة نت)

12 مستوطنة محيطة
أقام الاحتلال الإسرائيلي تجمعا من المستوطنات أسماه "مجمع مستوطنات غوش عتصيون" على أراضي الفلسطينيين من قرى وبلدات جنوب بيت لحم وشمال الخليل.

وابتلع التجمع الاستيطاني أكثر من ألفي دونم من أراضي بيت سكاريا، التي أصبحت اليوم محاطة بـ 12 مستوطنة تتمدد بشكل دائم على حساب الأرض الفلسطينية المحيطة.

قبل يوم من إعدادنا لهذا التقرير، هدم الاحتلال بيتا صغيرا مبنيا من الطوب، بناه "أسعد" خلال فترة الحجر للحماية من فيروس كورونا، وكان يسعى للبقاء في أرضه مع ثمانية من أفراد أسرته من الأبناء والأحفاد في دونمين ونصف الدونم ورثها عن والده.

يقول أسعد للجزيرة نت إن ابنه الأكبر عندما تزوج اضطر للسكن في بلدة أرطاس القريبة، إذ لا منزل للعائلة كما أن الاحتلال يمنعه من البناء في أرضه، ولكن الحجر المنزلي بسبب كورونا جعله يتجه مع أبنائه إلى أرضه والبقاء فيها، فبنى هذا البيت الصغير من الطوب، إلا أنه فوجئ باقتحام الاحتلال للمنطقة وتنفيذ عملية الهدم.

صورة تظهر أحد بيوت تجمع بيت سكاريا جنوب بيت لحم المبنية قبل عام 1967 والتي يمنع الاحتلال البناء فيها بحجة أنها منطقة عسكرية
أحد بيوت تجمع بيت سكاريا جنوب بيت لحم قبل عام 1967، والذي يمنع الاحتلال البناء فيه (الجزيرة نت)

ترحيلٌ قسري
لا يختلف حال أي شاب فلسطيني من تجمع بيت سكاريا إذا أراد الزواج اليوم عن حال أسعد الذي تزوج في ثمانينيات القرن الماضي، فهو يضطر للخروج من أرض آبائه وأجداده وشراء أو استئجار شقة في المناطق القريبة.

يرى أسعد أن ما يحدث في تجمع بيت سكاريا هو ترحيل قسري للفلسطينيين باضطرارهم الخروج، ليكوّنوا أسرا ويبنوا بيوتا خارج التجمع.

أراضي بيت سكاريا الزراعية ووتظهر المستوطنات المقامة على أراضيها وأراضي القرة والبلدات الفلسطينية المجاورة
مستوطنات مقامة على أراضي بيت سكاريا الزراعية (الجزيرة)

تحدثت الجزيرة نت مع رئيس المجلس القروي لتجمع بيت سكاريا محمد إبراهيم عطا الله، والذي أكد أن مساحة التجمع كانت قبل 1967 قرابة 9 آلاف دونم وبقي اليوم 7 آلاف دونم بعد التوسع الاستيطاني على أراضيها.

كما انعدم التواصل الجغرافي لبيت سكاريا مع القرى والبلدات الفلسطينية قبل أن يفصلها الاحتلال بالوحدات الاستيطانية، ويشق الطرق التي تخدم المستوطنين حتى أنك أصبحت اليوم لا تستطيع الدخول إلى بيت سكاريا دون المرور من طرق المستوطنات، بل في بعض التجمعات لا تدخل إليها إلا بالمرور وسط المستوطنة كما يضيف عطا الله.

صورة للمشعدان اليهودي الموضوع أمام أحد تجمعات بيت سكاريا الفلسطينية
جانب من تجمعات بيت سكاريا بالقرب من المستوطنات الإسرائيلية (الجزيرة نت)

قيود وحواجز
لا توجد مواصلات عامة في بيت سكاريا ويمنع على الفلسطينيين السير مشيا في الشارع الاستيطاني أو الوقوف فيه، بل ويقوم الاحتلال بين الفينة والأخرى بوضع حواجز عسكرية ويغلق الطرق المؤدية إليه.

حاول المجلس القروي وضع مخطط هيكلي للتجمع، إلا أن الاحتلال، ومنذ سنوات طويلة، يماطل في الموافقة عليه كون هذا التجمع الفلسطيني يقع في مناطق مصنفة (ج) وفق اتفاقية أوسلو، الموقعة بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، والتي تعني السيطرة الأمنية والمدنية لإسرائيل على هذه المناطق.

هدد الاحتلال عشرات الفلسطينيين في بيت سكاريا بهدم منازلهم وعرائشهم التي يقيمونها في أراضيهم، والتي أكد رئيس المجلس القروي أنها كثيرة جدا، ورغم كل ذلك فإن أهالي بيت سكاريا ما زالوا متمسكين بأراضيهم حبا ورعاية، رغم إجبارهم على العيش خارجها.

المصدر : الجزيرة