لبنان.. انطلاق مشاورات لتكليف رئيس حكومة جديد على وقع غضب الشارع

انطلقت اليوم الثلاثاء مشاورات سياسية على مستويات عدة بهدف التوصل إلى تسمية رئيس حكومة جديد في لبنان بعد استقالة حكومة حسان دياب، على وقع غضب عارم في الشارع بعد أسبوع على انفجار ضخم جعل بيروت عاصمة منكوبة.

ولم تشف الاستقالة التي وجد دياب نفسه مرغما على تقديمها غليل المتظاهرين في الشارع الذين تضاف فاجعة الانفجار الدامي إلى معاناتهم الطويلة، في ظل أسوأ انهيار اقتصادي في تاريخ بلادهم.

ولم تسجل مظاهر احتفال بالاستقالة، في وقت استمرت فيه المطالبة بإسقاط كل الطبقة السياسية.

وقدم دياب استقالته أمس الاثنين في كلمة بثها محطات التلفزة، معلنا أنه اتخذ ووزراؤه قرار الاحتكام إلى "الناس وإلى مطالبهم بمحاسبة المسؤولين عن الكارثة" التي خلفت 160 قتيلا وأكثر من 6 آلاف جريح ودمارا هائلا.

وغالبا ما يستغرق تشكيل الحكومات في لبنان، البلد الذي يقوم نظامه السياسي على المحاصصة الطائفية ومنطق التسويات، أسابيع وحتى أشهرا.

ويتوقع أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية هلال خشان "ألا تكون هناك حكومة لأشهر طويلة"، مشيرا إلى أن "لبنان يقف على مفترق طرق مؤلم".

ولا يُعرف ما إذا كان حجم الكارثة وتبعاتها، وما تلاها من تعاطف ودعم دولي ومناشدات للإسراع في اتخاذ خطوات تريح الشعب، قد يدفع الفرقاء السياسيين هذه المرة إلى تحمل مسؤولياتهم أمام مواطنيهم.

وبدأت التكهنات باسم رئيس الحكومة المقبل، حيث عنونت صحيفة "الأخبار" المقربة من حزب الله، صفحتها الأولى الثلاثاء "توافق فرنسي أميركي سعودي: حكومة محايدة برئاسة نواف سلام".

وسلام دبلوماسي مخضرم، تولى منصب سفير لبنان في الأمم المتحدة لسنوات، وهو قاض في محكمة العدل الدولية في لاهاي، سبق أن طرح اسمه بعد استقالة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري على وقع تحركات شعبية غاضبة في خريف 2019. لكن يصعب الجزم بما إذا كان هذا الطرح جديا.

صدى الاستقالة

وكان دياب كلف في ديسمبر/كانون الأول 2019 بتشكيل حكومة قُدمت على أنها حكومة من "التكنوقراط" و"المستقلين" مع مهمة "إنقاذ" لبنان.

ومنذ اليوم الأول لتشكيلها وحتى استقالتها بعد ٧ أشهر، لم تتمكن الحكومة من اتخاذ قرار واحد "مستقل"، بل كانت خاضعة في كل القرارات الصغيرة والكبيرة من التعيينات إلى المفاوضات الفاشلة حول الإنقاذ المالي مع صندوق النقد الدولي، للطرف السياسي الذي أتى بها.

في الشارع، لم يكن للاستقالة أي صدى، ونزل المتظاهرون بعد الإعلان، إلى وسط بيروت مصرين على أن "المنظومة السياسية" المتهمة بالفساد والفشل يجب أن تحاسب بأكملها بعد كارثة المرفأ.

وقال المحامي حسين العشي، الناشط في المظاهرات، "تفعل الطبقة الحاكمة كل ما يمكنها من أجل البقاء، تشتري الوقت"، معتبرا أن "الحكومة مجرد أداة وسيحتفظون بمواقعهم".

وكتب المحامي الناشط أيضا عماد عمار على حسابه على "فيسبوك"، "مغادرة دياب وحكومته كانت ضرورية… لكن من أتى بدياب ودفعه إلى المغادرة، ومن كانوا قبل دياب وهم أخطر بكثير منهم، ما زالوا في مواقعهم".

وأضاف "الثورة لا تنتصر ولا يلوح الأمل إلا عندما يرحلون ويحاسبون جميعا، أي المنظومة كلها وتتغير ذهنية وتركيبة النظام الإقطاعي الطائفي التبعي الزبائني التحاصصي".

وما زال اللبنانيون تحت وطأة صدمة الانفجار، في حين تتواصل عمليات البحث في أنقاض المرفأ عن مفقودين.

المصدر : الفرنسية