مختلفة ولم تشهد البلاد لها مثيلا.. 3 تهديدات لانتخابات أميركا أحدها ترامب

كومبو يضم الرئيس دونالد ترامب ومنافسه المرشح الديمقراطي جو بايدن
دونالد ترامب (يمين) وجو بايدن (رويترز)

ليس لانتخابات 2020 الرئاسية مثيل في التاريخ الأميركي، فلا شيء طبيعي يرتبط بهذه الانتخابات قبل 90 يوما من موعد إجرائها في 3 نوفمبر/تشرين الثاني القادم.

وبداية، ستجرى الانتخابات بين رجلين في السبعينيات من العمر، أحدهما الرئيس الحالي دونالد ترامب (74 عاما) الذي جاء من خارج المنظومة السياسة الأميركية الحزبية التقليدية، والآخر هو جو بايدن (77 عاما) الابن البار للمنظومة السياسة الأميركية التقليدية التي قضى بين مؤسساتها نصف قرن من عمره.

وتجرى الانتخابات للمرة الأولى في التاريخ في ظل استمرار مواجهة انتشار فيروس كورونا المستجد، وهو ما دفع بإلغاء المؤتمرات القومية للحزبين الديمقراطي والجمهوري، والاقتصار على فعاليات محدودة جدا، إضافة إلى تهديد انعقاد المناظرات الرئاسية، والصراع الحاد حول طريقة التصويت بالبريد على خلفية زيادة المخاوف الصحية.

وتجيء انتخابات 2020 في ظل توتر غير مسبوق بين واشنطن وبكين، وهو ما يهدد ببدء حرب باردة بين أقوى دولتين في عالم اليوم اقتصاديا وسياسيا وتكنولوجيا، ولا يعني ذلك تجاهل التوتر الصامت بين واشنطن وموسكو على خلفية العديد من القضايا، أهمها التدخل الروسي في انتخابات 2016.

ورصدت الجزيرة نت تنامي المخاوف المجتمعية حول انتخابات 2020، في ظل ارتفاع نسبة التهديد في 3 جبهات لا تنفصل عن بعضها بعضا: التدخل الأجنبي، والتصويت بالبريد، وطبيعة الرئيس دونالد ترامب.

التهديد الأول: التدخلات الاجنبية

أكدت كل أجهزة الاستخبارات الأميركية تدخل روسيا على نطاق واسع في انتخابات عام 2016، بهدف مساعدة المرشح دونالد ترامب على الانتصار. وأجرت السلطات الأميركية تحقيقات استمرت لأكثر من عامين كاملين، وكبدت الخزانة الأميركية مئات الملايين من الدولارات.

وبرأ تقرير المحقق روبرت مولر الرئيسَ ترامب من شبهة التواطؤ مع روسيا لمساعدته في الانتخابات، لكن خلال عامي التحقيقات تم الحكم وإدانة العشرات من المسؤولين الروس بجرائم مختلفة، وتم الحكم كذلك بإدانة عدد من كبار مسؤولي حملة ترامب الرئاسية بتهم تتعلق بالتواصل غير القانوني مع روسيا والكذب على سلطات التحقيق.

ولم يمنع ما سبق أن تُقدِم روسيا والصين وإيران على محاولات جديدة للتدخل في انتخابات 2020، كما أكد مدير المركز الوطني للأمن ومكافحة التجسس وليام إيفانينا، في بيان له حول أمن وسلامة الانتخابات.

وأكد إيفانينا -في بيانه غير التقليدي- أن الدول الثلاث تستخدم التضليل الإلكتروني ووسائل أخرى، في محاولة للتأثير على الناخبين وإثارة الاضطراب وتقويض ثقة الناخبين الأميركيين في العملية الديمقراطية.

في الوقت ذاته، تضاعف الجهات الأمنية الأميركية من احتياطاتها وإجراءاتها الاحترازية، وتقدم السلطات الفدرالية الكثير من الدعم الاستخباري والأمني واللوجيستي للولايات الأميركية، حيث إنها الجهة المخولة دستوريا بإدارة العملية الانتخابية.

التهديد الثاني: مخاطر التصويت بالبريد

مع انتشار فيروس كورونا المستجد، تخطى عدد المصابين به في الولايات المتحدة 5.2 ملايين شخص، توفي منهم أكثر من 165 ألفا بنهاية يوم الأحد 9 أغسطس/آب، ودفع ذلك إلى مخاوف واسعة تتعلق بكيفية إجراء الانتخابات مع الحفاظ على معايير حماية الصحة العامة ومنع الاختلاط واتباع إجراءات التباعد الاجتماعي لعرقلة انتقال الفيروس.

وتبنت 46 ولاية -حتى الآن- سياسات تدفع في اتجاه تسهيل التصويت بالبريد، واعتبار المخاوف الصحية مبررا كافيا لعدم الذهاب للتصويت بالصورة الشخصية التقليدية.

لكن الولايات لا تزال تعاني من تحديات واسعة في توظيف عاملين في مراكز الاقتراع ومراكز فرز وعد بطاقات الاقتراع البريدية والتقليدية، ويزيد من صعوبة الموقف تأكيد استطلاعات الرأي ارتفاع نسب المشاركة في الانتخابات بسبب حالة الاستقطاب السياسي الكبيرة التي يشهدها المجتمع الأميركي، وتداعيات جائحة كورونا، والأوضاع الاقتصادية المتردية.

وسيدفع تسهيل التصويت بالبريد من ارتفاع نسبة المشاركة الانتخابية التي وصلت في انتخابات 2016 إلى 63%، إذ لا يستلزم التصويت بالبريد الوقوف ساعات طويلة في طوابير الاقتراع باللجان الانتخابية المنتشرة في مختلف أرجاء الولايات المتحدة في يوم عمل.

وكشفت تجربة التصويت بالبريد في الانتخابات التمهيدية لمجلس النواب بولاية نيويورك، عن أعداد ضخمة من المصوتين، وحتى الآن لم تعلن نتائج بعض الدوائر الانتخابية بسبب عدم الانتهاء من عمليات عدّ البطاقات البريدية.

وبلغت نسب المصوتين في مدينة نيويورك بالبريد قبل 4 سنوات 23 ألف ناخب، في حين صوت أكثر من 400 ألف في انتخابات يونيو/حزيران الماضي التمهيدية، أي أكثر من 17 ضعفا.

وربما تحتاج بعض الولايات إلى مزيد من الوقت لفرز وعد بطاقات الاقتراع البريدية، وهو ما قد يعني الحاجة لمزيد من الوقت لمعرفة الفائز في الانتخابات،‮ خاصة إذا كانت النتائج متقاربة بين المرشحين.‬

التهديد الثالث: دونالد ترامب ذاته

تعد تهنئة المرشح المهزوم لخصمه الفائز ليلة الانتخابات بمثابة العرف الديمقراطي الأفضل، لمنح الشرعية لنتيجة الانتخابات الرئاسية قبل بدء العملية القانونية التي تستكمل بعد انتهاء فرز وعد الأصوات.

وخلال عدة مقابلات صحفية، رفض الرئيس ترامب التعهد بالاعتراف بالهزيمة إذا خسر الانتخابات، وقال لشبكة فوكس "لست خاسرا جيدا، لا أحب تكبد الهزائم، لا أخسر كثيرا ولا أحب أن أخسر".

ولم يتردد ترامب كذلك في إعلان رغبته في تأجيل الانتخابات، بسبب الأوضاع المتعلقة بانتشار فيروس كورونا، وخشيته من تزوير بطاقات الاقتراع بالبريد.

ويتقدم المرشح الديمقراطي بايدن على ترامب في كل استطلاعات الرأي، وقد عبر عن مخاوفه من محاولة ترامب "سرقة الانتخابات".

وفي انتخابات عام 2000 بين جورج بوش الابن وآل غور، وبسبب قرب نتائج السباق في ولاية فلوريدا، والتي فاز بها جورج بوش بفارق 547 صوتا، تأجل إعلان نتيجة الانتخابات لأسابيع حتى تدخلت المحكمة الدستورية العليا وحكمت لصالح فوز جورج بوش.

ويأمل الديمقراطيون أن يحقق مرشحهم فوزا مريحا وبفارق واسع أمام ترامب، ولم يمنع ذلك من إعراب بايدن عن ثقته في أن جنود الجيش الأميركي سيرافقون ترامب إلى خارج البيت الأبيض إذا خسر ولم يعترف بالنتيجة.

المصدر : الجزيرة