بندقية للإيجار.. تفاصيل عن تورط حركات التمرد السودانية في القتال بليبيا

A young guerrilla soldier from Sudan's western Darfur region smokes a cigarette in Kaskanita
حركة تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي هي أكبر الجماعات السودانية المقاتلة بليبيا (رويترز-أرشيف)

أحمد فضل – الخرطوم
تجذب الحرب الدائرة بين الأطراف الليبية قوات الحركات المسلحة السودانية باستمرار، مقابل الإغداق عليها بالمال والسلاح؛ مما أنعش هذه المجموعات بعد انقطاع التمويل والدعم الخارجي عنها منذ سنوات.

وتقاتل نحو 7 فصائل سودانية في ليبيا، أغلبها يساند قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، الذي يسيطر على شرق ليبيا.
وفي حديث للجزيرة نت، أكد موظف في فريق الأمم المتحدة في ليبيا أن المقاتلين السودانيين في ازدياد، بعد دخول حركات مسلحة جديدة مضمار الارتزاق في ليبيا.

وفي ظل عدم وجود إحصاءات للمقاتلين السودانيين ضمن أطراف القتال في ليبيا، يرجح الموظف أنهم حوالي ألفي مقاتل.

ويبدو أن من الصعب وقف تدفق المقاتلين السودانيين إلى ليبيا عبر الحدود المفتوحة بين البلدين، حيث ينشط تجار البشر، رغم أن قوات الدعم السريع السودانية أوقفت أخيرا 122 شخصا، بينهم 8 أطفال، بدارفور، كانوا متوجهين للعمل كمرتزقة في ليبيا.

حدود ملتهبة
وتقر الحكومة السودانية بعمل سودانيين مرتزقة في ليبيا، لكنها تقول إن يدها مغلولة لأنها لا تستطيع التدخل في ليبيا التي تعاني من وضع مربك.

وطبقا لإسماعيل تيراب نائب رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الإتجار بالبشر، فإن اللجنة تعد أعلى سلطة في هذا الملف، وهي على علم بتورط سودانيين في القتال ضمن الأطراف بليبيا، ولديها معلومات موثقة تناقشها في اجتماعاتها، لكن لا يمكنها تخطي سيادة دولة أخرى.

ويشير تيراب في حديث للجزيرة نت إلى أن الحدود السودانية الليبية كانت مرتعا للإتجار بالبشر، لكنها الآن إلى جانب ذلك بؤرة لتدفق المرتزقة.

ويستبعد تورط أفراد في الارتزاق وفقا لخبرته والمعلومات التي لديه، لكنه ينوه إلى أن التجنيد يتم عن طريق حركات مسلحة لديها اتفاقات مع أطراف الحرب في ليبيا مقابل أسلحة ورواتب.

ويضيف أن الحكومة السودانية ليست لديها الآن أي اتصالات رسمية مع حكومة الوفاق المعترف بها دوليا في ليبيا، نظرا للمشكلات التي تعاني منها الأخيرة، كما أن منظمة الهجرة الدولية التي فتحت مقرا لها بطرابلس تعاني من قيود في الحركة.

حرب مربحة
ومع توقف جبهات القتال في دارفور ومنطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق جراء تفاوض المتمردين مع الحكومة، تنشط الحركات المسلحة السودانية في القتال بليبيا، وهو ما يدر أموالا طائلة وأسلحة متطورة على هذه الحركات، التي فقدت السند من داعمين إقليميين، وتراجعت سيطرتها على الأرض بالسودان.

ويحصي الموظف الأممي بليبيا 6 مجموعات سودانية مسلحة، يقاتل أغلبها إلى جانب حفتر، لكنه نفى ثبوت اشتراك قوات تتبع الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال بقيادة عبد العزيز الحلو.

وكانت تقارير تحدثت عن أن الحلو بعد زيارة لأبو ظبي مطلع العام الحالي اتفق مع الإماراتيين على الدفع بجنود حركته للقتال في ليبيا مقابل رواتب لـ6 أشهر.

ويقول الموظف أن رسالة فريق الخبراء المعني بالسودان الموجهة لمجلس الأمن الدولي في يناير/كانون الثاني الماضي نبهت إلى أن الجماعات الدارفورية زادت قدرتها العسكرية في ليبيا، "عبر معدات جديدة من الجيش الوطني والتجنيد على نطاق واسع".

ولاءات متباينة
ووفقا لرسالة فريق الخبراء المعني بالسودان، فإن حركة تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي هي أكبر الجماعات السودانية بليبيا، بقوة تصل إلى ألف مقاتل ما بين 250 و300 سيارة دفع رباعي.

وتقاتل هناك أيضا قوات لحركة جيش تحرير السودان (جناح عبد الواحد نور) تحت إمرة يوسف كرجكولا، الذي يقود قوة في ازدياد على 90 مركبة، إضافة إلى قوات تابعة للمجلس الانتقالي، وهم منشقون عن حركة عبد الواحد، بقيادة صالح جبل سي.

وتشير الرسالة إلى قوة لتجمع قوى تحرير السودان تتكون من 100 مركبة بقيادة عبود آدم خاطر، وتساند جميع هذه الجماعات قوات حفتر.

وحددت الرسالة قوة صغيرة لحركة العدل والمساواة في القطرون (جنوبي ليبيا) بقيادة عبد الكريم تشولوي تنشط ضد حفتر.

أما أنصار موسى هلال زعيم قبيلة المحاميد الدارفورية فيتمركزون أيضا في الجنوب الليبي، لكنهم منقسمون في الولاء بين حفتر وحكومة الوفاق.

وفرّ أنصار هلال إلى ليبيا عقب اعتقاله على يد قوات منافسه محمد حمدان دقلو (حميدتي) قائد قوات الدعم السريع، ونقله من منطقة نفوذه بـ"مستريحة" في شمال دارفور إلى الخرطوم في نوفمبر/تشرين الثاني 2017.

طبخة حميدتي
ونفى مجلس الصحوة الثوري -الذي يضم أنصار موسى هلال- أي وجود لعناصره في ليبيا أو غيرها، إثر توقيف قوات الدعم السريع هذا الأسبوع 122 شخصا قالت إنهم يتبعون المجلس وكانوا في طريقهم للعمل كمرتزقة في ليبيا.

وحسب بيان لمجلس الصحوة الاثنين الماضي، فإن قوات الدعم السريع أرادت من خلال هذه "الطبخة" تحسين صورتها أمام السودانيين.

وأبلغ مقربون من موسى هلال الجزيرة نت أن قوات الدعم السريع التي فرضت سيطرتها على "مستريحة" نشطت العام الماضي في تجنيد شباب، بينهم قصر، للقتال في ليبيا مقابل إغرائهم بالمال.

لكن حملات التجنيد توقفت بسبب تقرير دولي في نوفمبر/تشرين الثاني 2019، حيث اتهم حميدتي بإرسال قواته للقتال إلى جانب حفتر بليبيا، مما اضطر الأول لسحب قواته بسرعة والهبوط بها تحت جنح الليل بمطار الخرطوم.

وينفي ناشط سوداني يعمل في ليبيا أن يكون الأشخاص الذين أوقفهم الدعم السريع بمدينة الجنينة بغرب دارفور مرتزقة. ويقول للجزيرة نت "بالفعل هناك مرتزقة سودانيون تابعون للحركات المسلحة، ونحن نتواصل معهم أحيانا للاستفادة من علاقتهم بحفتر لإطلاق ضحايا من سجون تجار البشر".

ويقول إنه رأى قاعدة تضم مرتزقة سودانيين بمنطقة "الجغبوب" (جنوبي ليبيا)، وجرى نقلهم غربا إلى تخوم طرابلس للقتال إلى جانب حفتر، وبعد هزيمته انتقل قادة هؤلاء المرتزقة شرقا إلى بنغازي ومطار الخروقة قبل شهر.

المصدر : الجزيرة