احتجاجات أميركا.. الجيش ينسحب من واشنطن وتوقعات بمظاهرات حاشدة اليوم

أمرت وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) أمس الجمعة بسحب قوات الجيش التي تم نشرها من قبل في محيط العاصمة واشنطن، لمواجهة الاحتجاجات التي تشهدها المدينة ومدن أميركية أخرى بسبب مقتل المواطن الأميركي من أصل أفريقي جورج فلويد منذ نحو أسبوع في مدينة مينيابوليس بولاية مينيسوتا.

ومن المتوقع أن تشهد العديد من المدن الأميركية اليوم السبت مظاهرات حاشدة نصرة لفلويد الذي قتل على أيدي رجال شرطة بيض، واحتجاجا على العنصرية وعنف الشرطة في الولايات المتحدة.

انسحاب فوري

وأصدر وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر أوامر بإعادة القوات النظامية التي تم نقلها إلى العاصمة واشنطن لمواجهة الاحتجاجات، إلى قواعدها فورا.

وأوضح وزير الجيش الأميركي رايان مكارثي أن قوات من الحرس الوطني ستبقى على أهبة الاستعداد من أجل تقديم المساعدة.

وأشار مكارثي إلى أن البنتاغون تلقى معلومات من السلطات تتوقع فيها مشاركة حوالي 100 إلى 200 ألف شخص في مسيرة اليوم السبت بالعاصمة واشنطن.

كما أكد أن طاقم المروحية العسكرية التي كانت تحوم على علو منخفض فوق المحتجين في العاصمة يوم الاثنين الماضي تم إيقافه عن العمل، بانتظار نتائج التحقيق الجاري حول الواقعة.

بدوره، قال مسؤول أميركي لوكالة رويترز إن وزارة الدفاع ستعيد ما تبقى من جنودها في محيط واشنطن -وعددهم 900 فرد- إلى قواعدهم.

وأضاف المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه أن إسبر اتخذ قرارا بذلك أمس الجمعة، وأن الجنود سيعودون إلى "فورت براج" في ولاية كارولينا الشمالية و"فورت درام" في نيويورك.

وكان البنتاغون أمر أول أمس الخميس زهاء 700 جندي من الفرقة 82 المحمولة جوا بالعودة إلى "فورت براج"، وقال المسؤول إن قرار إعادتهم اتخذ بسبب وصول عدد كاف من قوات الحرس الوطني إلى المدينة.

انتقادات للمسؤولين المحليين

من جهة أخرى، وصف الرئيس الأميركي دونالد ترامب في تغريدة على تويتر عمدة واشنطن موريل باوزر بأنها غير كفأة، وليست مؤهلة لإدارة مدينة مهمة مثل العاصمة.

وقال إنه لو لا تدخل الحرس الوطني لما كانت ستبدو أفضل من نظيرها عمدة مينيابوليس. وكانت باوزر قد أكدت أن المحتجين سلميون ولا مبرر لمظاهر الوجود العسكري في المدينة، وأن ملكية الشارع تعود لهم وحدهم.

وذكر ترامب أمس الجمعة أنه اقترح على بعض حكام الولايات استدعاء الحرس الوطني لمواجهة احتجاجات سلمية في معظمها، تشهدها معظم أنحاء البلاد احتجاجا على وفاة فلويد.

وأضاف في تصريحات بالبيت الأبيض "أقترح على بعض هؤلاء الحكام الذين يبالغون في الفخر لا تغتروا.. أنجزوا المهمة.. سيكون عملكم أفضل كثيرا في النهاية باستدعاء الحرس الوطني".

وخاطب ترامب الحكام قائلا "عليكم أن تسيطروا على الشوارع.. ما كان ينبغي لكم أن تدعوا هذا يحدث".

وفي وقت سابق، أدان الرئيس مقتل فلويد، لكنه تبنى موقفا مشددا تجاه المتظاهرين قائلا إن بينهم الكثير من "الأشرار".

حياة السود مهمة

وفي هذا السياق، أكد مسؤولون في مجلس مدينة مينيابوليس أنهم توصلوا مع ولاية مينيسوتا إلى اتفاق يمنع الشرطة من استعمال تقنية الخنق أثناء عمليات التوقيف، وقالوا إن هذا الاتفاق ينتظر موافقة القضاء في الولاية ليصبح نافذا.

وفي أحد الشوارع قرب البيت الأبيض، كتب متظاهرون أمس الجمعة -بدهان أصفر وحروف عملاقة- عبارة "حياة السود مهمة".

وقالت عمدة واشنطن إن الجزء الواقع أمام البيت الأبيض من شارع 16 أصبح الآن اسمه رسميا "ساحة حياة السود مهمة".

وأزاحت باوزر الستار عن الجدارية العملاقة بعد أن غردت برسالة دعت فيها ترامب إلى "سحب كل قوات الشرطة والقوات العسكرية التي نشرت بشكل استثنائي من مدينتنا".

وتشهد واشنطن ومدن أميركية أخرى احتجاجات منذ أكثر من أسبوع، بعد مقتل الأميركي من أصل أفريقي جورج فلويد على أيدي الشرطة في مدينة مينيابوليس بولاية مينيسوتا بعدما ضغط ضابط شرطة بركبته على رقبته.

حوادث أخرى

وفي مدينة بافالو بولاية نيويورك، أوقف شرطيان عن العمل بدون أجر بعدما أظهرهما مقطع فيديو يدفعان محتجا عمره 75 عاما فسقط وأصيب بجرح في رأسه.

وقال رئيس بلدية المدينة بايرون براون الذي نشر العقوبة على تويتر، إنه ومفوض الشرطة "شعرا باستياء" شديد بعد مشاهدة الفيديو.

وقال بيان للشرطة في وقت سابق إن الرجل الذي فقد وعيه ونزف بشدة من الرأس "تعثر وسقط". وعلى تويتر، وصف حاكم الولاية أندرو كومو الحادث بأنه "غير مبرر على الإطلاق ومخزٍ تماما". وكتب أن "على الشرطة تطبيق القانون لا إساءة استخدامه".

وفي إنديانابوليس فتحت الشرطة تحقيقا بعد نشر شريط فيديو يظهر أربعة من رجالها على الأقل يضربون امرأة بالهري ويرشونها بكرات الفلفل مساء الأحد الماضي.

وأفادت عدة تقارير إعلامية بأن شرطيي مدينة نيويورك انهالوا الخميس بالضرب على عشرات المتظاهرين المسالمين الذين خالفوا حظر التجول في برونكس بعد محاصرتهم، بحيث لم يتركوا لهم مكانا يهربون إليه.

مظاهرات حول العالم

من جهة أخرى، خرج متظاهرون حول العالم إلى الشوارع أمس الجمعة، في موجة من الغضب على وفاة فلويد واحتجاجا على العنصرية ضد الأقليات في بلدانهم.

وكانت أكبر المظاهرات في ألمانيا، حيث تجمع أكثر من عشرة آلاف شخص في فرانكفورت وهامبورغ، ورفع كثيرون أيديهم في الهواء وحملوا لافتات كتبت عليها شعارات مثل "مصابكم مصابنا، معركتكم معركتنا".

وحمل أحد الملصقات في تجمع فرانكفورت سؤال "كم عدد الذين لم يتم تصويرهم؟"، في إشارة إلى أن واقعة فلويد صورت بالفيديو، لكن قد تكون هناك حالات أخرى كثيرة مماثلة لم توثق.

وفي ساحة الطرف الأغر بالعاصمة البريطانية لندن، جثا العشرات على ركبة واحدة تضامنا مع فلويد وحركة الاحتجاج التي فجرها مقتله في عشرات المدن الأميركية.

وفي أستراليا، أظهرت صور نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مسيرة لمتظاهرين إلى مبنى البرلمان في كانبيرا، على الرغم من محاولات السلطات وقف التجمعات بسبب فيروس كورونا. ولفت الأستراليون الانتباه إلى سوء معاملة المواطنين الأصليين.

وتجمع متظاهرون نمساويون قرب السفارة الأميركية حاملين لافتات وشعارات مثل "لا توجد أعراق.. هناك فقط جنس بشري واحد"، بينما سمحت الشرطة في النرويج لآلاف الأشخاص بالاحتجاج على الرغم من أن السلطات قالت إن 50 فقط سيسمح لهم بذلك.

المصدر : الجزيرة + وكالات