الفخفاخ في مرمى نيران الفساد.. الحكومة على المحك وحلفاؤه جاهزون لكل السيناريوهات

بعد مفاوضات ماراثونية في تونس.. الفخفاخ أمام مأزق سياسي ودستوري
الفخفاخ له مساهمات في 5 شركات تجارية تعاملت مباشرة مع الدولة (الجزيرة)

في تطور لافت لتهمة الفساد وتضارب المصالح التي تلاحق رئيس الحكومة التونسية إلياس الفخفاخ أكد رئيس هيئة مكافحة الفساد شوقي الطبيب خلال جلسة برلمانية أن ما فعله الفخفاخ يعد مخالفا للقانون والدستور، واضعا بذلك مستقبل الحكومة برمتها على المحك.

وأشار الطبيب خلال جلسة الاستماع إلى أن الفخفاخ له مساهمات في 5 شركات تجارية تعاملت مباشرة مع الدولة لم يعلم بها الهيئة، وذلك في خرق واضح للفصل 90 من الدستور الذي يحجر على رئيس الحكومة وأعضائه ممارسة أي نشاط تجاري خلال عهدتهم.

ولفت رئيس الهيئة إلى أن الفخفاخ "بقي وكيلا لـ3 شركات بالتوازي مع توليه مهمته على رأس الحكومة، ولم يتخل عن مساهمته فيها إلا خلال وقت قريب"، مشددا على ضرورة فسخ الدولة العقود التي أبرمتها مع هذه الشركات.

وسبق أن أعلن رئيس الحكومة خلال جلسة برلمانية أنه مستعد لتقديم استقالته في حال وجود أي إثباتات بشأن مخالفته للقانون.

 

دعم مشروط
وأقر رئيس مجلس شورى حركة النهضة عبد الكريم الهاروني في تصريح صحفي بأن الحركة تتابع باهتمام مآلات التحقيق في ملف الفخفاخ، وأنها ستحدد على ضوء ذلك موقفها من الحكومة.

وشدد على أنه "لا أحد فوق القانون، وأن النهضة لا يمكن أن تشارك مع طرف تشوبه شبهات فساد في ذات الحكومة" حسب تعبيره.

وفي سياق متصل، أقر الهاروني صراحة بأن توسيع الائتلاف الحكومي، وإشراك قلب تونس باتا شرطين بالنسبة للحركة وليسا اختيارا، على حد قوله.

وقال القيادي في النهضة خليل برعومي للجزيرة نت إن الحركة تنتظر نتائج التحقيقات الموكولة للجهات القضائية والبرلمانية لأخذ القرار المناسب بشأن الاستمرار في دعم حكومة الفخفاخ من عدمه.

ورفض المتحدث الاتهامات التي طالت الحركة باستغلال شبهات الفساد التي تحوم حول الفخفاخ ومقايضته عبر دفعه نحو توسيع الائتلاف الحكومي.

وشدد برعومي في ختام حديثه على أن النهضة حريصة على مبدأ الاستقرار الحكومي، في ظل رهانات اجتماعية واقتصادية ملحة رغم عدم رضاها عن التركيبة الحالية للائتلاف الحكومي، وغياب مبدأ التضامن والانسجام بين مكوناتها.

ويرى مراقبون أن تهمة "تضارب المصالح" التي تحوم حول رئيس الحكومة أصابت في مقتل ثقة التونسيين في حكومتهم، وأحرجت أحزبا داعمة له، بعد تبنيها شعارات مثل مقاومة الفساد والشفافية وإعادة الثقة في الطبقة السياسية الحاكمة.

وقال النائب عن حركة الشعب بدر الدين القمودي -وأحد الأطراف الداعمة والمكونة للحكومة الحالية- في تصريح إعلامي إن حزبه سيراجع علاقته مع رئيس الحكومة في حال ثبتت تهمة تضارب المصالح، وأنه سيكون في حل من أي مسار حكومي ملوث بالفساد.

واعتبر النائب عن التيار الديمقراطي -وهو أحد مكونات الائتلاف الحكومي- محمد عمار أن رئيس الحكومة كان واضحا حين أقر باستعداده لتقديم استقالته في حال ثبتت قضائيا التهم التي تلاحقه.

 

ابتزاز سياسي
واستغرب عمار في حديثه للجزيرة نت صمت رئيس هيئة مكافحة الفساد طوال تلك المدة عن إثارة ملف تضارب المصالح على الرغم من أن الهيئة كانت تمتلك كل المعطيات المتعلقة بوضعية شركات الفخفاخ إبان تصريحه بممتلكاته منذ سنة 2018، على حد قوله.

ولم يستبعد النائب محاولة بعض الأطراف "ابتزاز" رئيس الحكومة بمثل هذه الملفات، بهدف تحقير سياسة مكافحة الفساد التي انطلق فيها الفخفاخ وفريقه الوزاري، وطَرْقهم ملفات حارقة لرجال أعمال لم يجرؤ غيرهم على فتحها، حسب تقديره.

وشدد على أن تصريحات رئيس هيئة مكافحة الفساد لا تعد مقياسا لاتخاذ التيار الديمقراطي موقفا حاسما من الفخفاخ، وأن الحزب سيحدد مصير الحكومة ورئيسها على ضوء نتائج التحقيقات القضائية.

وجدد بيان صدر اليوم الثلاثاء عن حزب التيار الديمقراطي ثقته في رئيس الحكومة، بانتظار ما ستفضي إليه أعمال المؤسسات الرقابية المكلفة بالتحقيق في شبهة الفساد، مؤكدا التزام الحزب بمبادئه فيما يتعلق بمكافحة الفساد بغض النظر عن الأشخاص.

يشار إلى أن لجنة تحقيق برلمانية دعت لها كتلتا "قلب تونس" و"ائتلاف الكرامة" المعارضة ستباشر أعمالها للتحقيق في ملف شبهة الفساد وتضارب المصالح التي تحوم حول رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ، فيما لم يصدر أي موقف أو تعليق من رئاسة الجمهورية بشأن القضية.

المصدر : الجزيرة