مهارة تفاوضية وخلفية مخابراتية.. هل يقلب الكاظمي موازين المظاهرات في العراق؟

الكاظمي يسعي لأن يخرج العراق من أزماته في ظل تنافس أميركي إيراني على بلاده (رويترز)
الكاظمي شكّل فريقا من الناشطين للتفاوض مع ساحات الاحتجاج

منذ أسابيع، وفريق خاص يعمل مع رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، ويقود حراكا تفاوضيا سريا مع ممثلي المحتجين في بغداد وعدد من المحافظات الجنوبية من أجل التهدئة وإطفاء نيران التصعيد التي توعدت بها بعض ساحات التظاهر، في حين يمضي هذا الفريق لإقناع الجميع بعدم إحراج رئيس الحكومة مقابل العمل على تحقيق مطالبهم.

لم تجر الأمور بسهولة بعد أن تحرك فريق الكاظمي حول ساحات التظاهر، وهذه المرة لم يكن الفريق سياسيا، لكنه مؤلف من ناشطين ومتظاهرين انطلقوا معه بعد أيام من تصويت البرلمان على حكومته.

وتمكن هذا الفريق من إقناع بعض الناشطين والخيم في ساحات التظاهر بالوقوف إلى جانب رئيس الحكومة على أقل تقدير في المرحلة المقبلة، مع الاستمرار في الاحتجاج والتأكيد على رفع مطالبهم الإصلاحية.

الفارس رأى أن تمتع الكاظمي بعلاقات جيدة مع جميع الأطراف تصب في صالحه (مواقع التواصل)

خطة الكاظمي
ومما يصب في صالح الكاظمي تمتعه بعلاقات جيدة مع الجميع، مما مكنه من فتح أكثر من نافذة، وإغلاق جبهات المعارضة قدر المستطاع في جهة الشارع المحتج، ومواجهة الكتل السياسية عن طريق شبكة العلاقات التي حصدها خلال فترة توليه رئاسة جهاز المخابرات، كما يقول الناشط والمدون مصطفى الفارس.

ويتابع الفارس -خلال حديثه للجزيرة نت- أن الكاظمي لديه علاقات موسعة عندما كان صحفيا أيضا، وهذه جعلته يعرف الكثير من التفاصيل، ويفتح خطوطا كثيرة مع ساحات الاحتجاج، إضافة إلى عدم انتمائه لأي حزب أو كتلة.

ويضيف أن هذه النقاط جعلته يتحرك في مساحة واسعة في ساحات التظاهر، فضلا عن ميزة أنه لم يكن مرشحا مدعوما من إيران، وهذه نقطة إيجابية تحسب له، لا سيما أن هناك مواقف سلبية من المحتجين تجاه الدور الإيراني في العراق، ولا أستغرب أن الكاظمي يتحرك في اتجاه التهدئة لحين استتباب الأمور لفترة معينة، حسب قول الفارس.

ويقول ناشط بارز في مظاهرات محافظة واسط (جنوب بغداد) -فضل عدم ذكر اسمه- إن الهدف من حراك فريق المدونين والناشطين هو تخفيف الضغط على الحكومة، وفتح قنوات حوار مع الحراك الاحتجاجي.

ويؤكد أن المهمة كانت صعبة بالنسبة للفريق في إقناع الجميع، ولكن الناشطين المكلفين بالتهدئة كانوا مؤثرين في تخفيف حدة الاحتجاج والاتفاق مع خيم الاعتصام في المساهمة بتجنب التصعيد، ليتفرغ الكاظمي للكتل السياسية.

كما تمكن الكاظمي، كما يوضح الناشط، من شراء الكثير من الصفحات النشطة المؤثرة على الرأي العام في مواقع التواصل الاجتماعي لتلميع صورته ونشر أخباره وأنشطته المستمرة، مثل ما فعله رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي.

الحبوبي حيث تحيط به خيم المعتصمين
فريق الكاظمي تمكن من إقناع عدد من الناشطين بالوقوف إلى جانب رئيس الحكومة في المرحلة المقبلة (الجزيرة)

موقف المتظاهرين
يقول الناشط البارز بمظاهرات الناصرية حسين الغرابي للجزيرة نت إن فريق الكاظمي يعمل بأربعة اتجاهات لتهدئة ساحات الاحتجاج والتفاوض مع بعض خيم الاعتصام، وحصلت لقاءات بين الكاظمي وشخصيات احتجاجية معروفة بساحة التحرير ببغداد وغيرها من المناطق.

هذا ما يتداول اليوم، لكن في الواقع -كما يؤكد الغرابي- أن عددا من ساحات الاحتجاج أصدرت بيانات وأعلنت مواقفها بشأن الكاظمي، وطالبته بتنفيذ برنامجه الحكومي خلال مدة محددة، والكشف عن الجناة الذين قتلوا المتظاهرين وعن نتائج التحقيقات السابقة، والمطالبة بإجراءات واقعية بشأن إجراء الانتخابات المبكرة.

علي حسين جابر حقوقي وناشط
الناشط علي حسين جابر اعتبر أن العديد من التهم الموجهة للمحتجين كيدية (الجزيرة)

مطالب المحتجين
ومنذ الأيام الأولى لبدء مهامها، حاولت حكومة الكاظمي كسب ود الجماهير المنتفضة بإصدار بعض القرارات المتعلقة بالكشف عن المعتقلين المغيبين قسرا، أو إطلاق سراح المتظاهرين الموقوفين أو المحكومين، أو تلك المتعلقة بالمطالب الجماهيرية الخاصة بالإصلاح السياسي، كما يقول الحقوقي والناشط علي حسين جابر للجزيرة نت.

لكن حتى اليوم -حسب جابر- لم تجد القرارات سبيلا للتطبيق، حيث أعلن مجلس القضاء عدم وجود متظاهرين معتقلين في ذمة القضاء، منطلقا من مبدأ أن التظاهر ليس جريمة، في حين أن التهم التي ألصقت بالمتظاهرين كانت إما أنها كيدية من قبل بعض المخبرين، أو متعلقة بتورط أو تجاوز بعض المتظاهرين لحقهم الدستوري في الاحتجاج.

ويعتقد جابر أن تحرك الكاظمي تجاه ساحات الاحتجاج ينبغي أن يتوافق مع إجراءات تشريعية وقانونية منسجمة مع أهداف الإصلاح السياسي، ولا تسمح للجناة بالإفلات من العقاب، ودون ذلك فإنها لا تعد سوى جرعة مسكنة صورية تغطي على مكامن الخلل وتؤجل المعضلة لينتهي بها المطاف إلى وقت تنقطع فيه آخر فرصة وكل وشائج الثقة في النظام السياسي ككل.

ورغم الجدل والفوضى السياسية القائمة، فلا تزال الحكومة والمتظاهرون في تقاطعات مستمرة في بعض المواقف، ومنذ أيام تشهد بعض الساحات حراكا مغايرا وعودة للعنف ببعض الأماكن، كما حصل في البصرة وبابل والناصرية، وهو ما يسبب إرباكا وإحراجا للكاظمي.

المصدر : الجزيرة