كاتب بريطاني: هكذا يخطط تنظيم الدولة لاستعادة قوته القتالية في العراق

Members of the Iraqi security forces and Shi'ite fighters fire a rocket, during clashes with Islamic State militants in the town of Tal Ksaiba, near the town of al-Alam
قوات عراقية أثناء معارك سابقة مع تنظيم الدولة (رويترز)

في ظل تركيز إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الوقت الحالي على عدد من القضايا الداخلية الملحة، تتراوح ما بين حملة الانتخابات الرئاسية المقبلة ومواجهة جائحة كورونا، يتزايد القلق إزاء سعي عناصر من تنظيم الدولة الإسلامية لاستغلال الموقف وإعادة بناء هياكلهم الأساسية في أنحاء الشرق الأوسط.

ويقول الكاتب البريطاني كون كوفلين إن هناك دلائل متزايدة في دول مثل العراق وأفغانستان وليبيا، على أن قيادة تنظيم الدولة تسعى لأن تنهض مما وصفها بهزائمها الكارثية التي واجهتها في السنوات الأخيرة، وتعيد من جديد بناء قوتها القتالية.

وأضاف كوفلين محرر الشؤون العسكرية والخارجية في صحيفة تليغراف البريطانية وزميل معهد جيتستون الأميركي، أن القلق الأكبر بالنسبة للمسؤولين الأمنيين الغربيين هو احتمال قيام تنظيم الدولة بإعادة بناء هيكله الأساسي في العراق، الدولة التي أعلن فيها زعيم التنظيم السابق أبو بكر البغدادي على الملأ إقامة ما يسمى بخلافته في يونيو/حزيران 2014.

وبحلول الوقت الذي لقي فيه البغدادي حتفه أثناء عملية للقوات الخاصة الأميركية شمال غرب سوريا في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كان قد تم القضاء على تنظيم الدولة نتيجة الحملة العسكرية الفعالة للغاية للقوات العراقية المدعومة من قوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، والتي أسفرت عن تدمير "خلافة" التنظيم.

ومنذ ذلك الوضع السيئ للغاية لتنظيم الدولة، رصد مسؤولو الأمن العراقيون عودة ظهور نشاط له في العراق في الشهور الأخيرة، مع تركيز معظم النشاط في المحافظات الواقعة شرق وشمال بغداد. وفي أبريل/نيسان فقط، نجح التنظيم في القيام بــ108هجمات في العراق، بما في ذلك هجوم على مقر للمخابرات في كركوك.

وفي مطلع مايو/أيار الماضي، قتل مسلحو تنظيم الدولة ما لا يقل عن 10 من عناصر الحشد الشعبي العراقي، في هجوم منسق على قاعدتهم في مدينة سامراء وسط البلاد.

ويعتقد مسؤولو التحالف أن هناك أوجه شبه بين الأساليب التي يستخدمها التنظيم في نشاطه الحالي في العراق وتلك التي استخدمها أثناء بداية حملته في شمال العراق عام 2013، والتي أسفرت في نهاية الأمر عن سيطرته على مساحات كبيرة من البلاد.

epa03037147 An image made available on 18 December 2011 shows US soldiers from the 3rd Brigade, 1st Cavalry Division depart a mission brief on their way to perform perimeter security at Camp Adder, now known as Imam Ali Base near Nasiriyah, Iraq on 16 December 2011 Around 500 troops from the 3rd Brigade, 1st Cavalry Division ended their presence on Camp Adder, the last remaining American base, and departed in the final American military convoy out of Iraq, arriving into Kuwait in the early morning hours of 18 December 2011. All U.S. troops were scheduled to have departed Iraq by 31 December 2011. At least 4,485 U.S. military personnel died in service in Iraq. According to the Iraq Body Count, more than 100,000 Iraqi civilians have died from war-related violence. EPA/MARIO TAMA / POOL (وكالة الأنباء الأوروبية)
الكاتب يرى أن عودة ظهور تنظيم الدولة في العراق هي بمثابة جرس إنذار لإدارة ترامب (الأوروبية)

ثقة متزايدة

وتظهر الثقة المتزايدة لدى قيادة تنظيم الدولة في العراق في رسالة عبر الانترنت نشرها القائد الجديد للجماعة أبو ابراهيم القرشي في نهاية مارس/آذار الماضي، والتي قال فيها "ما تشاهدونه هذه الأيام في المنطقة مجرد دلالات على التغيرات الكبيرة التي سوف توفر لنا فرصا أكبر مما كان لدينا في العقد الماضي".

ويقول مسؤولو الأمن العراقيون إن عدد مقاتلي تنظيم الدولة في العراق يتراوح الآن ما بين ألفين و3 آلاف، من بينهم حوالي 500 من المسلحين الذين شقوا طريقهم إلى العراق بعد هروبهم من السجون في سوريا.

وبالإضافة إلى ذلك، تواجه مقدرة قوات الأمن العراقية على التعامل مع تهديد تنظيم الدولة صعوبات، بعد انخفاض قوة الجيش العراقي بنسبة 50% في عدد العسكريين المتاحين نتيجة لجائحة كورونا.

وقد وفر هذا لتنظيم الدولة القدرة على تغيير مسار تركيز هجماته من القيام بأعمال ترهيب محلية ضد مسؤولي الحكومة إلى القيام بمهام أكثر تعقيدا، من بينها شنّ هجمات بعبوات ناسفة بدائية الصنع، والقيام بعمليات إطلاق نار ونصب كمائن ضد عناصر الشرطة والجيش .

وأدت قوة تنظيم الدولة المتزايدة في العراق إلى أن تستأنف قوات التحالف الهجمات الجوية ضد أهداف التنظيم في البلاد. وفي الشهر الماضي نفذت الطائرات الحربية الأميركية والبريطانية سلسلة هجمات ضد شبكة من الكهوف في شمال العراق، كان مقاتلو تنظيم الدولة يستخدمونها قاعدة لهم، وأسفرت الهجمات عن مقتل ما بين 5 و10 منهم.

و يقول كوفلين إن مصادر الأمن الغربية تعتقد أن هناك عددا من العوامل تفسر عودة ظهور تنظيم الدولة في العراق. فبغض النظر عن استغلال نقص القوة العاملة في صفوف قوات الأمن العراقية بسبب جائحة كورونا، استغل قادة التنظيم أيضا الشلل السياسي الذي شهدته البلاد في أعقاب موجات الاحتجاجات الأخيرة ضد الحكومة.

ومن المؤكد أنه ينبغي أن تكون عودة ظهور تنظيم الدولة في العراق بمثابة جرس إنذار لإدارة ترامب، وهي تراجع الالتزام العسكري الأميركي تجاه العراق في أعقاب تعيين رئيس المخابرات العراقية السابق مصطفى الكاظمي رئيسا للوزراء.

ويؤكد كوفلين أن سبب قدرة العراق على إجراء الانتخابات يرجع في المقام الأول للتضحيات الهائلة من جانب القوات الأميركية وغيرها من قوات التحالف بعد غزو العراق عام 2003، وهو إنجاز لا يمكن أن تسمح إدارة ترامب بالمساس به من خلال عودة ظهور تنظيم الدولة.

المصدر : وكالة الأنباء الألمانية