تونس.. من يقف وراء "حراك 14 يونيو" ولماذا آل للفشل؟

Police intervene sit-in protest in Tunis
رجل أمن وسط مجموعة من محتجي ما أطلق عليه "حراك 14 يونيو" (الأناضول)

تحدّث مراقبون في تونس عن فشل تنظيم احتجاجات في العاصمة التونسية، دعا لها نشطاء في المجتمع المدني للمطالبة بإسقاط الحكومة وحل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة.

وتجمّع بضع عشرات من المتظاهرين بالقرب من محيط مقرّ البرلمان في جهة باردو، رافعين شعارات مناوئة لحركة النهضة وأخرى تدعو لتغيير النظام السياسي، فيما أغلقت قوات الأمن المنافذ المؤدية إلى مجلس نواب الشعب، كإجراء احترازي.

واتهم الناطق الرسمي باسم ما أطلق عليه "حراك 14 جون" (يونيو/حزيران) فتحي الورفلي، حركة النهضة ورئيس الحكومة إلياس الفخفاخ، بعرقلة الاحتجاجات عبر الاستعانة بالأمن وإغلاق الطرق المؤدية لساحة باردو، حيث مقر البرلمان.

وفي حديثه للجزيرة نت، شدد على أن أبرز أهداف هذا الحراك تتلخص في الإطاحة بالبرلمان والذهاب إلى انتخابات مبكرة وتنقيح القانون الانتخابي وتغيير النظام السياسي.

وحمّل الورفلي جميع النخب السياسية التي تداولت على السلطة منذ 2011 مسؤولية الفشل السياسي في إدارة الأزمات الاجتماعية والاقتصادية، متوعدا رئيس الجمهورية قيس سعيّد ورئيس الحكومة، بالتصعيد من خلال الدعوة للعصيان المدني.

ورفض الناشط في الحراك الاتهامات التي تطالهم بالسعي نحو بث الفوضى خدمة لأجندات خارجية وبتمويل من دول معادية للثورات العربية، مؤكدا أن حراكهم تلقائي ونابع من "غيرتهم على البلاد وحس وطني عال"، وفق تعبيره.

وكان المجلس البلدي لمدينة باردو -حيث مقر البرلمان- اتخذ منذ يومين خلال اجتماع طارئ قرارا يقضي بغلق ساحة باردو ومحيطها أمام التجمعات والأنشطة بكل أنواعها، لحين انتهاء الحجر الصحي الموجه الذي اتخذته السلطات ضمن خطة حكومية للوقاية من جائحة كورونا.

 

تحريض مصري وإماراتي

واتهمت شخصيات سياسية وإعلامية قوى أجنبية وخليجية معادية للثورة التونسية، باستهداف التجربة الديمقراطية في البلاد، عبر أذرعها الإعلامية المصرية والإماراتية خصوصا.

وأقر أمين عام الحزب الجمهوري عصام الشابي -في تدوينة له- بفشل دعوات الانقلاب على الشرعية في تونس للمرة الثانية على التوالي، متهما الإمارات بدعم التحركات المشبوهة، ومحذرا السلطات من مخطط طويل الأمد.

وأضاف في تدوينة أخرى "لم يعد مقبولا ولا مبررا سكوت السلط العمومية في تونس على التجاوزات الخطيرة التي يأتيها الإعلام المصري الموجه من قبل الطغمة العسكرية والممول إماراتيا في حق تونس وثورتها".

 

وفجّرت دعوات للانقلاب على مؤسسات الدولة السيادية وعلى الشرعية في تونس أطلقها الإعلامي الموالي لنظام العسكر في مصر أحمد موسى عبر قناة "صدى البلد"، موجة غضب شعبية، وسط دعوات لرئيس الجمهورية للتدخل.

واتهم رئيس كتلة حركة النهضة بالبرلمان نور الدين البحيري من وصفهم بأعداء الثورة في الداخل والخارج باستهداف التجربة التونسية، واتخاذ حركة النهضة شماعة لتحقيق ذلك.

وفي حديثه للجزيرة نت، ندد البحيري بالتحريض المفضوح الذي تقوم به قنوات ممولة من النظام الإماراتي والمصري، مذكرا بأن أسس العلاقات الدبلوماسية بين الدول مبنية على الاحترام المتبادل وعدم التدخل في السيادة الوطنية.

وحذر القيادي في النهضة من أن التدخل الإماراتي والمصري السافر في تونس له ما بعده، ومن شأنه أن يؤثر على العلاقات الأخوية مع هذه الدول.

وتابع ساخرا "أدعو النظام المصري والإماراتي إلى الانصراف لشأنه الداخلي واسترجاع الجزر والصحاري المحتلة".

وخلص إلى أن فشل ما بات يسمى بـ"حراك 14 يونيو"، ورفض التونسيين الاستجابة لدعوات التظاهر، "أكبر صفعة يتلقاها النظام الإماراتي والمصري وأذياله في تونس"، وفق قوله.

حوار وطني

ويرى مراقبون أن الصراع والتجاذبات السياسية التي ارتفعت حدتها خلال الأيام القليلة الماضية، سواء بين أحزاب الحكم والمعارضة أو حتى ما بين الحلفاء في الحكومة الواحدة، شكل أرضية خصبة لتعميق الأزمة السياسية والاجتماعية والاقتصادية.

وأطلقت بعض الشخصيات السياسية في البلاد دعوات للحوار الوطني بهدف إنقاذ البلاد التي باتت قاب قوسين أو أدنى من انفجار اجتماعي، بالتزامن مع تصاعد وتيرة الاحتجاجات والمطلبية الاجتماعية.

وتوجّه رئيس المجلس التأسيسي (البرلمان المؤقت بعد الثورة) سابقا مصطفى بن جعفر، في فيديو نشره عبر صفحته على فيسبوك، بنداء لرئيس الجمهورية ولباقي القيادات السياسية، من أجل تنظيم حوار وطني يجمع الفرقاء ويهدف لمصالحة وطنية تنقذ البلاد.

وأكد بن جعفر -في حديثه للجزيرة نت- أن دعوة الحوار التي أطلقها هي بمثابة "صرخة فزع" نابعة من خوفه على مستقبل البلاد، في ظل التناحر السياسي وارتفاع حدة الاستقطاب الأيديولوجي وبلوغه مستويات خطيرة تذكر بأجواء 2013.

 

وشدد على أن المسار الديمقراطي في تونس بات مهددا أكثر من أي وقت مضى، داعيا جميع الفرقاء السياسيين لتغليب مصلحة الوطن وعدم ترك الفرصة لأعداء الداخل والخارج للاستثمار في أجواء الفوضى والتناحر السياسي.

المصدر : الجزيرة