إبقاء نتنياهو برئاسة الوزراء.. طوق نجاة مؤقت لزعيم الليكود وترحيل سيناريو الانتخابات

تكليف نتنياهو تشكيل الحكومة.. أزمة سياسية ودستورية تبقي على سيناريو الانتخابات
الاتفاق بين نتنياهو وغانتس ينص على التناوب على رئاسة الوزراء (مكتب الصحافة الإسرائيلي)
محمد محسن وتد-القدس المحتلة
 
زاد قرار المحكمة العليا الإسرائيلية الإبقاء على مهمة تشكيل الحكومة بيد بنيامين نتنياهو المتهم بالفساد، وعدم التدخل ببنود اتفاق تشكيل حكومة الطوارئ المبرم بين حزبه الليكود وحزب أزرق أبيض بزعامة بيني غانتس، ضبابية المشهد السياسي في إسرائيل.
 
وعقب قرار المحكمة العليا الذي أتى قبل 24 ساعة من انتهاء مهلة الكنيست لتسمية أحد الأعضاء لتشكيل الحكومة، أعلن نتنياهو وغانتس تنصيب حكومة الوحدة الوطنية لمدة أربع سنوات، والتصويت عليها ليؤدي الوزراء اليمين الأربعاء المقبل، على أن يكون نتنياهو أولا بالتناوب على رئاسة الوزراء، وغانتس وزيرا للدفاع وقائما بأعمال رئيس الحكومة.
 
ونأت المحكمة بنفسها عن حسم مصير مستقبل نتنياهو السياسي ومنحته طوق نجاة مؤقت بالبقاء في رئاسة الوزراء رغم وجوده في قفص الاتهام، مع ارتهان استقرار الحكومة أو سيناريو انتخابات مستقبلية إلى تطورات الملف القضائي وإدارة جلسات محاكمته بتهم الفساد التي ستبدأ في 24مايو/أيار الجاري.
مظاهرة خرجت قبل أيام في القدس المحتلة ضد الاتفاق المبرم بين نتنياهو وغانتس (الأناضول)
مظاهرة خرجت قبل أيام في القدس المحتلة ضد الاتفاق المبرم بين نتنياهو وغانتس (الأناضول)

تكليف وأزمة

وردّت المحكمة بإجماع 11 قاضيا الالتماسات ضد بنود الاتفاق الائتلافي وضد تكليف نتنياهو بتشكيل الحكومة، وكان الادعاء الإسرائيلي وجه اتهامات لزعيم الليكود تشمل خيانة الأمانة والفساد والرشوة.
 
وأبقى قرار المحكمة على الأزمة الدستورية والسياسية التي تعصف بالبلاد منذ نحو عامين تقريبا، كما أبقى الباب مفتوحا لإمكانية التوجه لانتخابات رابعة مستقبلا.
 
وذكر القضاة أن "أي تدخل خارجي بتشكيل الحكومة يتعارض مع مبدأ قرار الأغلبية"، وأنه "في هذا الوقت ليس هناك مجال للتدخل في اتفاق الائتلاف، لكنهم انتقدوا بنود الاتفاق، وكتبوا أن ذلك كان بمثابة "اتفاق استثنائي، وبعض بنوده تثير إشكاليات قانونية وصعوبات كبيرة".
 
وفي قراءة لقرار المحكمة العليا، يجمع محللون على أن قرار الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين إحالة مهمة تشكيل الحكومة لأعضاء الكنيست ينطوي على تقدير سياسي واسع، ويقصد به ترجمة قرار الناخبين بدعم أحد أعضاء الكنيست لمنصب رئيس الوزراء من خلال أغلبية النواب الذين يؤيدون الطلب.
نتنياهو مع رؤوفين (رويترز)
نتنياهو مع رؤوفين (رويترز)

انتهاك ومخالفات

ويرى مراسل الشؤون القضائية لصحيفة "هآرتس" نطعيل بندل أن قرار قضاة المحكمة العليا يصب في جوهر العملية الديمقراطية، حيث إن التدخل الخارجي في هذه العملية ينطوي على انتهاك لمبدأ قرار الأغلبية الذي يقوم عليها نظام الحكم في إسرائيل.
 
وأوضح مراسل الشؤون القضائية أن استنتاج القضاة القانوني لا يخفف حدة التهم المعلقة ضد نتنياهو بسبب الانتهاكات والمخالفات التي ارتكبها، والصعوبة الناتجة عن فترة ولايته كرئيس وزراء متهم بمخالفات جنائية، إذ يقتصر دور المحكمة على فحص أسباب المراجعة القضائية التي ينص عليها القانون.
 
لذلك، يقول بندل "عندما تمتنع المحكمة عن التدخل في أحد التعيينات أو غيرها، فلا ينبغي أن يفهم منه أن قرار التعيين لا يتعارض مع القانون. وعليه، فإن قرار العليا نتيجة للتشريعات المعمول بها، وبالتالي إدانة نتنياهو بالتهم أو إثبات براءته متروك لمسار مداولات المحكمة".
 
وفيما يتعلق بالبنود الواردة في الاتفاق الائتلافي التي تتناول التشريعات المستقبلية، أوضح مراسل الشؤون القضائية أن المحكمة العليا قضت بأنها لا تتدخل في الإجراءات التشريعية قبل استكمالها، لكن لم يستبعد القضاة التدخل مستقبلا في التشريعات التي تتعلق بالاتفاق الائتلافي في حال عرضها على الكنيست، مما يبقي على هشاشة الائتلاف الحكومي.
 
تساؤلات وإشكاليات
لذلك، ترى محللة الشؤون السياسية للموقع الإلكتروني لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، موران أزولاي، أن المحكمة العليا أوضحت بهذه المرحلة أنه ليست هناك حاجة للمطالبة بأحكام قضائية في اتفاق الائتلاف التي تتعامل مع التشريعات المستقبلية بالكنيست، لكن دون اعتبار أن قرار العليا يمنح الموافقة والشرعية لبنود اتفاق الائتلاف الحكومي التي تثير الكثير من التساؤلات وإشكاليات القانونية.
 
وتعتقد محللة الشؤون السياسية أن قرار العليا أبقى الباب مفتوحا للتدخل مستقبلا على بنود الاتفاق الائتلاف والتشريعات إذا عرضت للتصويت على الكنيست، مما يعني إمكانية الحسم القضائي، والبت ببعض البنود الإشكالية، وفتح اتفاق الائتلاف من جديد.
 
ويعني ذلك، وفقا لأزولاي، أن استقرار حكومة الوحدة الوطنية سيبقى هشا واستمرار ولايتها سيكون منوطا بقرارات واعتبارات نتنياهو وتطورات ملف محاكمته، وعليه فإن أي تدخل مستقبلي للعليا بالاتفاق الائتلافي سيمنح نتنياهو فرصة لتفكيك الحكومة والتوجه مجددا إلى صناديق الاقتراع.
 

محاكمة وانتخابات

من جانبه، يعتقد محرر الشؤون الحزبية والسياسية يوسي فيرطر أن قرار العليا بالإبقاء على نتنياهو بمهمة تشكيل الحكومة، رغم تهم الفساد التي يواجهها، يتناغم مع اهتمام زعيم الليكود بالحفاظ على منصبه وتحصين نفسه من المحاكمة.
 
وأوضح فيرطر أن اعتبارات نتنياهو تأتي بمعزل عن حالة الطوارئ وأزمة كورونا وتشكيل حكومة وحدة وطنية، حيث يسعى للبقاء في السلطة والهروب من المحاكمة، وبالتالي سيكون استقرار الحكومة واحتمال التوجه لانتخابات أخرى رهين رغبات نتنياهو ومدى تطور ملفه القضائي.
 
ويرى أن نتنياهو وظّف قبل بدء محاكته في 24/مايو/أيار الجاري مداولات المحكمة العليا بشأن شرعية تكليفه كمتهم بتشكيل الحكومة وقانونية بنود الاتفاق الائتلافي بين الليكود وأزرق أبيض، وقد أعطى تعليماته لوزرائه باتخاذ لغة تهديد ضد أعلى مؤسسة قانونية في البلاد والحد من صلاحياتها، وذلك بغرض نزع الشرعية عن المحاكمة وتعزيز مكانته في منصب رئيس الوزراء.
المصدر : الجزيرة