أهالي الشهداء: الإعدام لا يكفينا.. إدانة مستوطن لحرقه عائلة الدوابشة

نصر الدوابشة يحمل أحمد ابن شقيقه الشهيد سعد (الجزيرة نت)

عاطف دغلس-نابلس

في قرار أولي وبعد عشرات من جلسات المحاكمة، أدانت المحكمة المركزية الإسرائيلية في مدينة اللد داخل فلسطين المحتلة المستوطن الإسرائيلي عميرام بن أوليئيل بقتل ثلاثة من أفراد عائلة الدوابشة في قرية دوما قرب مدينة نابلس شمالي الضفة الغربية.

وأدين بن أوليئيل صباح اليوم الاثنين بثلاث تهم قتل للأب سعد الدوابشة والأم ريهام وطفلهما الرضيع علي، فضلا عن اتهامه بالشروع في قتل ابنهما الأكبر أحمد، ومحاولة حرق منزل مأمون الدوابشة القريب من منزل عائلة سعد.

واتهم المستوطن الإسرائيلي الذي أحضر إلى قاعة المحكمة بربط علاقة مع آخرين للقيام بجريمة من "دوافع عنصرية"، وتمت تبرئته من العضوية في منظمة إرهابية تدعى "عصابة تدفيع الثمن"، وهي مجموعات استيطانية تشن اعتداءات ضد الفلسطينيين.

ووفق وصف المحامي عمر خمايسة من مركز "الميزان" لحقوق الإنسان في مدينة الناصرة، الذي يتولى الدفاع عن عائلة الدوابشة، فإن الإدانة طالت أوليئيل بشكل رئيسي ولم تشمل مستوطنا آخر (قاصر) كان مشاركا فعليا في الحرق والقتل، وأدين فقط بالتخطيط "انتقاما لقتل مستوطنين على أيدي مقاومين فلسطينيين".

منزل عائلة الدوابشة بعد حرقه (الجزيرة نت)

ثلاثة مؤبدات
واعتبر خمايسة أن القرار "مهم" ولبنة أساسية في بناء الحكم النهائي للمحكمة المركزية في القدس، وقال في حديثه للجزيرة نت عبر اتصال هاتفي إن هذا القرار "مهم في ملاحقة الاحتلال وجرائمه، وواضح أن العقوبة ستكون ثلاثة مؤبدات للمستوطن بن أوليئيل".

وذكر أنهم كمحامين تقدموا كذلك بدعوة "تغريمية" لدولة إسرائيل لكونها محتلة الأرض الفلسطينية، لا سيما في مناطق "سي"، وعليها تقع مسؤولية حماية السكان هناك.

ولفت المحامي الفلسطيني إلى أن محامي الدفاع عن المستوطن الإسرائيلي صرحوا بأنهم سيتوجهون إلى المحكمة العليا للطعن في الإدانة، "سيطعنون في العقوبة مستقبلا"، ورغم ذلك توقع أن القرار النهائي سيصدر "بما لا يقل عن ثلاثة مؤبدات".

وطوال خمس سنوات من المداولات والجلسات في المحاكم الإسرائيلية، يصدر هذا القرار بشكله الأولي، لكنه غير كاف لعائلة الدوابشة التي التاعت بالفقد الكامل لأبنائها مرة، وبسبب محاكم الاحتلال وتحريض قادته عليهم مرات عدة.

أحمد الدوابشة داخل صفه يعي تماما الجريمة بتفاصيلها (الجزيرة نت)

تحريض مستمر
ويقول نصر الدوابشة شقيق الشهيد سعد "حتى الإعدام لا يكفي"، وإنهم كعائلة يمثلون شعبا بأكمله يتعرض لاعتداءات لا حصر لها من الاحتلال ومستوطنيه، ويريدون عبر المحاكمة "ردع" الاحتلال والمستوطنين عن أية جرائم مستقبلا بحق الفلسطينيين.

ويضيف نصر في حديثه للجزيرة نت أنهم ما زالوا يتلقون تهديدات من المستوطنين بحرقهم وقتلهم، وأن آخرها كان اليوم أمام المحكمة بعد أن تظاهر إسرائيليون وأطلقوا هتافات "عنصرية" ضدهم، وطالبوا بحرية المستوطن القاتل بن أوليئيل ودعوا إلى الانتقام له.

وانتقد الدوابشة تبرئة بن أوليئيل من عضوية المنظمة الإرهابية رغم مشاركته فيها وخطه شعارات عنصرية للانتقام من العرب، بما يعني أن الخطر كعائلة لا يزال يتهددهم من هذه العصابات التي تتلقى دعما من "جهات عليا" والتي تضغط أساسا لتبرئة بن أوليئيل.

ورفضت عائلة الدوابشة محاولات الاحتلال السابقة بإغرائهم بالمال، وأصرت على ملاحقة المستوطنين المتسببين في الجريمة وإيقاع أشد العقوبة عليهم. ويقول نصر إنهم سيتوجهون إلى المحاكم الدولية ما لم ينصفهم القضاء الإسرائيلي "الذي لا نثق به أصلا".

سعد وريهام وطفلهما الرضيع علي الذي أحرقه المستوطنون (الجزيرة نت)

المعاملة بالمثل
وفي الوقت نفسه، طالب نصر الدوابشة السلطة الفلسطينية بالعمل بالمثل ورفع قضايا ضد الاحتلال الذي يعاقب الأسرى والشهداء ويصادر أموالهم، وذلك برفع "قضايا تعويض" لجميع العائلات التي استهدفها جيش الاحتلال والمستوطنون.

أما حسين الدوابشة والد الشهيدة ريهام فقال إن جلسة المحكمة التي لم تطل أكثر من نصف ساعة، تدل على عدم جدية الاحتلال وتهاونه في دماء الفلسطينيين، وقال إن القرار -على أهميته- لن يعيد ابنته وطفلها وزوجها أو يجيب على أسئلة حفيده "الشهيد الحي" الطفل أحمد عن والديه واستفساراته الدائمة عنهما "رغم أنه يعي ويتذكر ما جرى بأدق تفاصيله".

ويضيف حسين أن "الفقدان" أمر جلل لا يشعر به إلا من عاشه، ولهذا فإن الردع والعقاب يجب أن يكونا بحجم الجريمة، فالجرح لم يندمل بعد هذه السنوات والمعاناة مستمرة بجميع شواهدها.

كتابات على منزل عائلة الدوابشة المحروق (الجزيرة نت)

أهمية القرار
وسيشكل قرار المحكمة اليوم -وفق المحامي عمر خمايسة- دافعا قويا للعائلات الفلسطينية لتستمر في ملاحقة الاحتلال ومستوطنيه، كما هو الحكم بالسجن لسنوات متفاوتة والمؤبد على قتلة الطفل محمد أبو خضير في القدس، وما تنتظره عائلة عائشة الرابي (47 عاما) التي قتلها المستوطنون قبل أكثر من عام قرب نابلس.

ومطلب خمايسة -كما هو بالنسبة لعائلة الدوابشة- أن تستمر ملاحقة "المجرمين" الإسرائيليين بمثل هذه الملفات، وعدم الاستسلام لكل الضغوط الممارسة من الاحتلال الذي هو جزء من المشكلة أصلا.

ويقول إن من يقوم بالاعتداءات سواء أكان مستوطنا أو أكثر، إنما ينفذ مخططات تحريضية شاملة يطلقها ويدعمها سياسيون ورجال دين وأعضاء كنيست وقادة إسرائيليون على كل ما هو فلسطيني.