قطاعات أكثر تضررا من كورونا استنكرت استثناءها.. ماذا وراء الدعم الحكومي للإعلام الخاص بتونس؟

حزمة من الإجراءات الاستتثنائية أقرها الفخفاخ لفائدة الإعلام الخاص تثير جدل الجزيرة نت
حزمة من الإجراءات الاستثنائية أقرها الفخفاخ لدعم الإعلام الخاص (الجزيرة-أرشيف)

آمال الهلالي-تونس

فجّرت قرارات حكومية استثنائية تدعم قطاع الإعلام الخاص التونسي لمواجهة جائحة كورونا، موجة جدل بين مؤيد للقرار وبين من اعتبره محاولة لكسب ولاء هذه المؤسسات، على حساب قطاعات حيوية أخرى أكثر تضررا من الأزمة.

وأكد رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ خلال مجلس وزاري، حرصه على مرافقة المؤسسات الإعلامية لتجاوز تداعيات كورونا، من خلال جملة من القرارات على غرار تكفل الدولة بنسبة 50% من معلوم البث لسنة 2020 لكل الإذاعات والقنوات الخاصة، والاشتراك في النسخ الإلكترونية للصحف من قبل الدولة.

وتضمنت القرارات إنشاء صندوق بقيمة خمسة ملايين دينار (حوالي 1.5 مليون دولار) لدعم مجهودات الدولة في الحملات التوعوية، فضلا عن تخصيص اعتماد بالقيمة نفسها لتمويل برنامج تأهيل القطاع ومساندته في الانخراط في منظومة التحول الرقمي.

تدجين الإعلام
وسارعت نقابة الصحفيين في بيان رسمي للتعبير عن "صدمتها" من القرارات الحكومية لفائدة قطاع الإعلام، معلنة رفضها لما وصفته بـ"سياسة الخنوع مقابل الغذاء التي تريد الحكومة تكريسها في القطاع".

وشككت النقابة في خلفيات هذا القرار، معبرة عن خشيتها من محاولة تدجين قطاع الإعلام بهدف تلميع صورة الحكومة ورئيسها، واستغلال الوضع الاجتماعي الهش للصحفيين.

وأكدت في السياق ذاته، تشكيلها لجنة قانونية لتدارس إمكانية مقاضاة رئيس الحكومة على خلفية وجود شبهة توظيف لأموال دافعي الضرائب، بهدف الدعاية السياسية.

بدورها، عبرت أحزاب سياسية معارضة عن استنكارها لقرارات الحكومة لفائدة قطاع الإعلام الخاص، وذهب بعضها لمقاضاة رئيس الحكومة بشكل رسمي لدى المحكمة الإدارية على غرار حزب "ائتلاف الكرامة"، بحسب ما أكده النائب عنه في البرلمان عبد اللطيف العلوي.

وفي حديثه للجزيرة نت، أبدى العلوي استغرابه من استغلال رئيس الحكومة التفويض الذي منحه له البرلمان لسن قوانين "مجحفة وغير عادلة" تخدم رؤوس الأموال وأصحاب المؤسسات الإعلامية الخاصة، على حساب الفئات الهشة الأكثر تضررا من جائحة كورونا.

واعتبر النائب أن القنوات والإذاعات الخاصة، تعد في أغلبها مؤسسات ربحية على مدار السنة ولا تزال تستفيد من عائدات الإشهار حتى خلال أزمة كورونا، على خلاف قطاعات حيوية أخرى أكثر هشاشة كالسياحة والمهن الصغرى.

ولم يستبعد العلوي محاولة الفخفاخ -عبر إعلان هذه الإجراءات- شراء ذمم أصحاب المؤسسات الإعلامية، وتشكيل لوبي إعلامي من حوله لتبييض صورته سياسيا على حساب أموال الشعب وتبرعاته.

رئاسة الحكومة ترد
وفي ردها على حملة التشكيك التي لاحقت قرارات رئيس الحكومة لدعم المؤسسات الإعلامية الخاصة، أكدت الوزيرة والناطقة الرسمية باسم الحكومة أسماء السحيري أن الإجراءات المعلن عنها جاءت بطلب من أصحاب القطاع لإنقاذ المؤسسات الإعلامية والعاملين فيها.

وفي حديثها للجزيرة نت، رفضت الوزيرة الاتهامات الموجهة لرئيس الحكومة باعتماد مبدأ الانتقائية في دعم قطاع مهني على حساب آخر، مشددة على أن قطاع الإعلام من بين ثلاثة قطاعات اقتصادية تمتعت بهذه الإجراءات الخاصة وهي السياحة والمهن الصغرى.

وأكدت الناطقة باسم الحكومة أن إجراءات دعم المؤسسات الإعلامية الخاصة ستكون مشروطة بمدى التزام أصحابها للتراتيب القانونية الشغلية المعمول بها في علاقة بالصحفيين وعقود تشغليهم، وفي علاقة بالوضعية القانونية لنشاط هذه المؤسسات.

ولفتت إلى أن القرارات المعلن عنها قابلة للتعديل على ضوء جلسات التشاور التي ستعقدها الحكومة مع أهل القطاع والمتدخلين فيه، في إطار اللجنة التي ستتولى متابعة مدى تطبيق هذه الإجراءات.

ورفضت الوزيرة بشكل قاطع الاتهامات الموجهة لرئيس الحكومة بمحاولة شراء ذمم أصحاب المؤسسات الإعلامية أو مغازلتها، مشددة على أن دور الدولة يقتضي تدخلها في مثل هكذا أزمات لضمان حق دستوي، وهو الحق في الإعلام وإيصال المعلومة للمواطن.

من جهتها، ثمنت "الغرفة الوطنية النقابية للقنوات التلفزية الخاصة" في بيان رسمي الإجراءات الحكومية المتخذة لدعم القطاع الإعلامي الخاص، لافتة إلى أن القنوات التلفزية الخاصة تعيش أزمة مالية خانقة منذ سنوات، ضاعفتها جائحة كورونا.

يشار إلى أن قطاع الإعلام في تونس، لم يَسلم كغيره من القطاعات الاقتصادية من تداعيات أزمة كورونا، حيث سبق أن أطلق أصحاب المؤسسات الإعلامية الخاصة المكتوبة نداء استغاثة للحكومة لإنقاذ القطاع.

المصدر : الجزيرة