ستراتفور: لهذا قد ترتد إستراتيجية الولايات المتحدة في العراق عليها

epa03037147 An image made available on 18 December 2011 shows US soldiers from the 3rd Brigade, 1st Cavalry Division depart a mission brief on their way to perform perimeter security at Camp Adder, now known as Imam Ali Base near Nasiriyah, Iraq on 16 December 2011 Around 500 troops from the 3rd Brigade, 1st Cavalry Division ended their presence on Camp Adder, the last remaining American base, and departed in the final American military convoy out of Iraq, arriving into Kuwait in the early morning hours of 18 December 2011. All U.S. troops were scheduled to have departed Iraq by 31 December 2011. At least 4,485 U.S. military personnel died in service in Iraq. According to the Iraq Body Count, more than 100,000 Iraqi civilians have died from war-related violence. EPA/MARIO TAMA / POOL
القوات الأميركية المنتشرة في قواعد عسكرية بالعراق تعيد انتشارها (الأوروبية-أرشيف)
حذر تقرير نشره موقع ستراتفور الأميركي من أن إستراتيجية الولايات المتحدة في العراق قد ترتد عليها، وقالت كاتبة التقرير إميلي هوثورن إنه على خلفية أزمة جائحة كورونا، فإن واشنطن بضغطها على الفصائل العراقية الموالية لإيران، وعلاقات طهران الاقتصادية، تخاطر بإتلاف علاقاتها المتبقية بالحكومة العراقية ودفع العراق إلى الفوضى.
 
وقالت الكاتبة إن اختيار تصعيد الضغط على إيران بينما يصارع العراق المخاطر الاقتصادية والسياسية الشديدة، يمكن أن يؤدي إلى نتائج عكسية على الولايات المتحدة.
 
وقالت إن هذه النتائج العكسية تتمثل في جعل العراق ليس فقط شريكا أقل حماسا في الحرب الأميركية لاحتواء النفوذ الإيراني، ولكن تجعله أيضا، حليفا أقل امتثالا في المعركة العالمية ضد الإرهاب، التي لا يزال العراق مركزا لها.
 
وبين التقرير أن وثائق البنتاغون التي سُربت أواخر الشهر الماضي كشفت عن جدال داخلي في الجيش الأميركي عما إذا كان سيواجه المليشيات العراقية المدعومة من إيران، التي كثفت مؤخرا هجماتها على أهداف أميركية في البلاد. ثم في 26 مارس/آذار الماضي، منحت أميركا العراق إعفاء جزئيا من العقوبات المفروضة على إيران لكي تستمر بغداد في شراء صادرات الغاز الطبيعي الإيراني. 
‪السفارة الأميركية في بغداد كانت هدفا للعديد من الهجمات الصاروخية خلال الأشهر الأخيرة‬ (رويترز)
‪السفارة الأميركية في بغداد كانت هدفا للعديد من الهجمات الصاروخية خلال الأشهر الأخيرة‬ (رويترز)
تغيير الأولويات الأميركية
ذكرت كاتبة التقرير أن الولايات المتحدة ترى أن احتواء المليشيات العراقية، التي تربطها علاقات وثيقة مع طهران، مثل كتائب حزب الله العراقي، يشكل إستراتيجية لمكافحة النفوذ الإيراني المنافس في المنطقة. في المقابل، يعد إحباط تأثير كتائب حزب الله أو أي منظمة شبه عسكرية أخرى في العراق تحديا استثنائيا. 
 
ورغم تفاوت قوة الدعم الشعبي الذي تحظى به هذه المليشيات في مختلف أنحاء البلاد، فإنها متغلغلة بعمق في السياسة والمجتمع العراقي، كما أصبحت عنصرا أساسيا لقوات الأمن والحكومة في بغداد على مر السنين. يعني ذلك أن الحكومة تتحمل تكلفة سياسية في كل مرة تهاجم فيها الولايات المتحدة إحدى المليشيات.
 
ورغم الضغوط الأميركية، ما زالت الحكومة العراقية غير قادرة على السيطرة على أعمال المليشيات المدعومة من إيران.
 
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تؤدي محاولات السيطرة على المليشيات القوية في العراق إلى إحباط قدرة عدنان الزرفي -رئيس الوزراء المكلف الذي يحظى بتأييد نسبي من واشنطن- على تشكيل حكومة، عن طريق تأجيج الأحزاب الموالية لإيران لإحداث المزيد من الجدل ضد تنصيبه الرسمي.
 
وبالتالي، من غير المستغرب أن تضاعف الحكومة العراقية إصدار بيانات دفاعية ردا على قصف واشنطن المباشر للمليشيات واستمرارها في التهديد بالعقوبات. وفي غضون ذلك، تعيد واشنطن تغيير مواقع قواتها العسكرية في البلاد بهدف خفض انتشارها على المدى البعيد، مما أثار ردود فعل متباينة في الحكومة العراقية.   
‪الزرفي يحظى بقبول أميركي ورفض من فصائل عراقية‬ (رويترز)
‪الزرفي يحظى بقبول أميركي ورفض من فصائل عراقية‬ (رويترز)

العقوبات المفروضة

قالت الكاتبة إن التهديد المستمر للعقوبات الأميركية يتوعد بمزيد من زعزعة استقرار الاقتصاد العراقي الهش الذي يواجه صراعاته العميقة بسبب كورونا وتراجع أسعار النفط.
 
على مر سنوات عديدة، كانت الولايات المتحدة تضغط على العراق للتخلي عن إمدادات الطاقة الإيرانية. لكن واشنطن زادت هذا الضغط مؤخرا من خلال تقصير فترة الإعفاء من العقوبات الأخيرة إلى 30 يوما فقط قبل أن تبدأ في فرض العقوبات على واردات العراق من الغاز الطبيعي الإيراني. 
 
ومن المرجح أن يكون الهدف هو إرغام العراق على استبدال جميع وارداته من إيران على مدى السنوات الثلاث المقبلة، خاصة بالنظر إلى أن استهلاك العراق من واردات الغاز الإيراني ارتفع بالفعل من 24% إلى 31% بين 2018 و2019.
 
وعلى خلفية انتشار وباء كورونا، فإن القيود المتنامية التي تفرضها واشنطن لتخليص العراق من النفوذ الإيراني لا تساهم إلا في مزيد من إغراق اقتصاد البلاد والحكومة في حالة من الفوضى. ومع ذلك، فإن خفض هذا الاستهلاك بشكل كبير سيتطلب استثمارات دولية ضخمة، بالإضافة إلى زيادة استحواذ العراق على الغاز الطبيعي لتحسين الاقتصاد والاستفادة من إنتاجه المحلي. 
 
‪الاحتجاجات العراقية تراجعت بسبب كورونا‬ (الجزيرة-أرشيف)
‪الاحتجاجات العراقية تراجعت بسبب كورونا‬ (الجزيرة-أرشيف)

هدنة كورونا

أفادت الكاتبة بأنه رغم توجيه كورونا ضربة قوية للاقتصاد العراقي، فإن المخاوف بشأن احتواء تفشي المرض في البلاد تمنح بغداد هدنة من الموجة الأخيرة من الاحتجاجات المناهضة للحكومة.
 
ويفسر ذلك ببقاء المزيد من الأشخاص في منازلهم خوفا من الإصابة أو نشر العدوى، حيث خرج عدد أقل بكثير من العراقيين إلى الشوارع في الأسابيع الأخيرة للتعبير عن شكاواهم من بغداد. 
 
ولكن بعد أن تبدأ الأزمة الصحية الفورية في التلاشي، ومع ظهور النقص الحاد في المياه والكهرباء في العراق مرة أخرى خلال فصل الصيف، يرجح أن تعود المظاهرات مجددا.
 
وإذا كثفت الولايات المتحدة حملة القصف ضد كتائب حزب الله أو غيرها من المليشيات العراقية المدعومة من إيران، فقد تخاطر بعد ذلك بظهور مزيد من الاحتجاجات في العراق من خلال تأجيج غضب العراقيين الذين سئموا من الوقوع بين تبادل إطلاق النار بين الولايات المتحدة وأذرع إيران بالوكالة.
المصدر : ستراتفور