آخرها خلية الأمل.. السلطات المصرية تجمع شتات المعارضة في قوائم الإرهاب

كومبو لي زياد العليمي و رامي شعث
الناشط المصري زياد العليمي ورامي نبيل شعث نجل وزير الخارجية الفلسطيني الأسبق، من المدرجين على قوائم الإرهاب (مواقع التواصل)

محمود رفعت-القاهرة

يبدو أن المعارضة المصرية المشتتة والمتفرقة اجتمعت أخيرا، لكن هذه المرة في قوائم الإرهاب التي يصدرها نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، ولم تعد تفرق بين إسلامي ويساري وليبرالي.

فلم يعد وصف الإرهاب في مصر -بحسب قرائن ومراقبين- مقتصرا على آلاف المعارضين والكيانات الإسلامية، إذ طالت "قوائم الإرهاب" ناشطين ليبراليين ويساريين بارزين، كان آخرهم من عرفوا بـ"تحالف الأمل".

وكان من المقرر الإعلان عن "تحالف الأمل" صيف العام الماضي، بمشاركة نواب بالبرلمان ورؤساء أحزاب وشباب وصحفيين، وهو تحالف كان يستهدف الاستعداد للانتخابات البرلمانية المقبلة، لكن السلطات اعتقلت أبرز رموزه الشبابية، وأدرجتهم في قضية أثارت سخرية مواقع التواصل الاجتماعي، حيث قال بعضهم إن التهمة الرئيسية هي امتلاكهم "الأمل".

ومطلع الأسبوع الجاري، نشرت الجريدة الرسمية قرار محكمة جنايات القاهرة الصادر الخميس، بإدراج 13 ناشطا وسياسيا -أغلبهم يساريون في قضية الأمل- على قوائم الكيانات الإرهابية لمدة 5 سنوات.

وفي العام الماضي وقبل أيام من الذكرى السادسة لانقلاب 3 يوليو/تموز 2013، نفذت الداخلية حملة اعتقالات واسعة شملت الأشخاص الثلاثة عشر، علما بأن بعضهم كان معتقلا حينها على ذمة قضايا أخرى.

وضمت قائمة الاعتقال آنذاك: البرلماني السابق زياد العليمي، واليساري رامي نبيل شعث نجل وزير الخارجية الفلسطيني الأسبق، بتهمة التعاون المالي مع جماعة الإخوان المسلمين، وإسقاط الدولة تحت مسمى "خطة الأمل".

وآنذاك ذكرت الداخلية أنها تمكنت من تحديد أبرز العناصر الهاربة خارج البلاد والقائمة على تنفيذ المخطط، وفي مقدمتهم الأمين العام لجماعة الإخوان محمود حسين، والمرشح الرئاسي السابق أيمن نور، والإعلاميان معتز مطر ومحمد ناصر.


إرهاب معنوي
"هذه أكثر القضايا هزلية وعبثية كما أنها ابتزاز قانوني وسياسي"، هكذا وصف السياسي المعارض أيمن نور، ما عرف إعلاميا بقضية الأمل.

وفي حديث للجزيرة نت، أشار نور إلى أنه "المتهم الأول في هذه القضية"، متهكما بالقول "لا أعرف أحدا من أعضاء هذه المجموعة ولا التهمة الموجهة إليَّ أو ما هي علاقتي بهذه التهمة وقرائنها".

واعتبر المعارض المصري القضية "شكلا من أشكال الإرهاب المعنوي لبعض القيادات السياسية، قائلا "كنت أتصور أن تتم مراجعتها بعد أن تحولت إلى حصالة يتم فيها جمع أسماء لا يوجد بينها رابط أو فعل مفهوم أو مبرر".

واتهم نور النظام بـ"إدمان مثل هذه القضايا القائمة على مذكرة تحريات شرطية لا علاقة لها بالواقع، وتتسم بمحدودية الفهم والخيال".

وعن حكم الإدراج بقوائم الإرهاب، قال إن "معظم المدرجين شخصيات مدنية لا علاقة لها بأي تيارات أو سبق أن وُجهت لها اتهامات الإرهاب".

واستدرك مؤكدا "أنا ضد الإدراج على قوائم الإرهاب بلا دليل حتى لو كان المتهم منتميا لجماعات سياسية اتهمت بالإرهاب".

ووصف الوضع القائم بـ"حالة التخبط والارتباك التي ليس لها معنى، غير أن النظام القانوني المصري يخلط بين نهر السياسة وبحر القانون، وينحاز إلى الرغبة السياسية في الانتقام من الخصوم بعيدا عن كل قواعد العدل والإنصاف".


دعوة للمراجعة
مستنكرا التوسع في مفهوم الإرهاب، دعا السياسي المعارض ثروت نافع، النظام إلى تنحية الخلافات السياسية جانبا، في ظل الظروف العصيبة التي تمرّ بها مصر، على إثر تداعيات فيروس كورونا.

وفي حديث للجزيرة نت، قال نافع إن "توسيع مفهوم الإرهاب لكل من يخالف الرأي يضر بفكرته ومفهومه، حيث الجميع يعلم -على سبيل المثال- أن زياد العليمي (أحد المدرجين في قضية الأمل)، ثائر يبحث عن التغيير المدني، ومختلف مع النظام في بعض الأمور وليس في أكثرها".

ولفت إلى أن التوسع في مفهوم الإرهاب يضر بالنظام نفسه، لأن مصداقيته ستصبح على المحك أمام المجتمع الدولي.

وأكد أنه "لا ينكر أن هناك إرهابا في مصر خاصة في سيناء، ولكن التوسع في إطلاق هذا اللفظ على المدنيين مخالفي الرأي يضر ولا يفيد".

ووجه نافع حديثه لمن أسماهم بالعقلاء داخل النظام، قائلا إن "هذا وقت صائب لمراجعة السياسات السابقة، بدلا من التوسع في إطلاق تعريفات الإرهاب، وأن يتم التخفيف على بعض السجناء خاصة سجناء الرأي إن لم يطلق سراحهم".


قانون الإرهاب
من جهته تطرق الباحث الحقوقي أحمد العطار إلى قانون الإرهاب المحدث الذي أقرته الحكومة مؤخرا، والمكمل لقانون الإرهاب الصادر عام 2015، قائلا إنه "سيفتح الباب لمزيد من الانتهاكات والقمع".

واستنكر العطار -في حديث للجزيرة نت- استمرار السلطات في تجاهل الانتقادات الدولية، قائلا إن "المتابع للملف الحقوقي المصري منذ إصدار القانون سيجد السلطات قد استغلته بمخالفات تمس الحقوق والحريات الأساسية".

وأشار إلى أن القانون جعل أفرادا وجماعات ومؤسسات مختلفة تحت رحمة السلطات، بل وصل الأمر إلى المساس بأهم الحقوق الإنسانية وهو الحق في الحياة.

وقال إن السلطات توسعت في استغلال القانون، عبر إنشاء محاكم خاصة بما يعرف بدوائر الإرهاب التي حكمت على المئات من المصريين بالإعدام، وتم تنفيذ الأحكام عليهم في محاكمات اتسمت بفقدان الكثير من المعايير الدولية للمحاكمات العادلة، ووصفها الكثيرون بالكارثة القضائية.

واعتبر قرار إدراج متهمي قضية الأمل يأتي "استكمالا لهذا الاستغلال السياسي من قبل السلطات في فرض مزيد من القمع والتنكيل بحق الجميع، داعيا إلى العمل على تغيير وإسقاط مثل هذه القوانين التي ستؤدي إلى نتائج كارثية.

وحذرت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان -في بيان تعليقا على حكم الإدراج في قضية الأمل- من "توظيف القوانين لمواصلة التنكيل بالمعارضين من أي خلفية يسارية وإسلامية وليبرالية وقومية، لتصبح مقاومة الإرهاب ذريعة للقمع".

المصدر : الجزيرة