كورونا في الهند يقتلك دون أن يصيبك.. إستراتيجية أولوية العلاج فتكت بمرضى السرطان والحالات الحرجة

SENSITIVE MATERIAL. THIS IMAGE MAY OFFEND OR DISTURB A municipal worker disinfects the body of a man who died due to coronavirus disease (COVID-19), as it is brought for the cremation at a crematorium in Ahmedabad, India, April 12, 2020. REUTERS/Amit Dave
الهند أعلنت عن 280 وفاة جراء فيروس كورونا المستجد (رويترز)
لم يكن أمام عائلة المريضة شاهجاهان أي خيار آخر عندما أبلغها مستشفى في نيودلهي بضرورة مغادرتها، وذلك لحاجة وحدة مرضى فيروس كورونا لسريرها.
 
كانت المريضة الأمّ البالغة 40 عامًا متّصلةً بجهاز تنفّس اصطناعي بسبب إصابتها بالتهاب رئوي حادّ منذ نحو أسبوعين، ولكنها أذعنت للقرار وغادرت مستشفى لوك ناياك مساء الثلاثاء.
 
في اليوم التالي توفيت شاهجاهان في منزل عائلتها في دلهي، بعدما رفضت مستشفيات أخرى استقبالها، أيضًا بحجّة إعطاء الأولويّة لمرضى "كوفيد-19".
 
وقال قريبها محمّد خالد إنّ "السلطات تركتها تموت. حتّى حين أحالونا إلى مستشفى آخر، رفضوا إعطاءنا سيّارة إسعاف".
 
وأمام معهد الطبّ الوطني في الهند، أقامت حكومة دلهي مخيّمًا لإيواء عشرات الأشخاص الذين يعانون حالات صحية حرجة بعد إلغاء المعهد مواعيدهم وعدم تمكّنهم من العودة إلى بلداتهم وقراهم بسبب الإغلاق الذي فرضته السلطات في 25 مارس/آذار الماضي.
 
المرضى في مترو الأنفاق
كذلك، فإنّ كلّ العيادات الخارجيّة في معهد العلوم الطبّية لعموم الهند أغلقت أبوابها، ما اضطرّ مرضى السرطان وغيرهم ممّن يُعانون أمراضًا مستعصية إلى الاحتماء في مترو الأنفاق.
 
وعلى الرغم من أنّ منظّمات إغاثة تُقدّم بعض الطعام والأدوية لهؤلاء المرضى، فإنّ 12 ساعة كانت قد مرّت على آخر وجبة تناولها ساريو داس.
 
أمّا ابنه الذي يُعاني سرطان الفم، فكان ممدّدًا على فراش ووجهه مغطى بقماشة يحوم الذباب فوقها. وبعد أربعة أيام فارق الحياة.
 
وغطّت الأوساخ أرضيّة المترو الذي يؤوي أكثر من عشر عائلات غير قادرة على العودة إلى قراها. كما أنّ المرضى ممدّدون قرب بعضهم، لضيق المكان وصعوبة تطبيق التباعد الجسدي.
 
والمستشفيات في هذا البلد الكبير الذي يبلغ عدد سكّانه 1.3 مليار نسمة، باتت في حال تأهّب قصوى، وقد بلغت حصيلة الوفيّات الناجمة عن فيروس كورونا المستجدّ 280 حالة.
 
وعندما أعلن رئيس الوزراء ناريندرا مودي عن الإغلاق، لم يُعط ملايين الهنود الذين يتناولون أدوية تساعدهم في البقاء على قيد الحياة سوى مهلة أربع ساعات لتدبّر أمورهم.
 
وقالت أموليا نيدي -وهي ناشطة في مجال الصحّة في ولاية ماديا براديش- إنّ الحكومة كانت على دراية بوضع المرضى الضعفاء الذين يعانون السلّ والالتهابات الرئويّة، وهي أمراض تودي بعشرات الآلاف سنويًّا في الهند، إضافة إلى النساء الحوامل اللواتي بتن في دائرة الخطر.
   
وأضافت نيدي "أتلقّى اتّصالات استغاثة من كلّ أرجاء الهند، من أشخاص يفتقرون إلى علاجات وأدوية أساسيّة".
 
وشدّدت على أهمية "توسعة المنشآت الصحية لمحاربة كوفيد-19، على أن تكون المستشفيات وسيارات الإسعاف في الوقت نفسه متوافرةً للمصابين بأمراض أخرى".
   
وفي فبراير/شباط الماضي، شُخّص سرطان اللسان لدى مايتري لاكرا البالغة 39 عامًا، وكان السرطان في مراحله الأولى. ولأنّها حاملة فيروس الإيدز، فاقمَ ذلك مشاكلها.
   
وقد أحالها أطباء معهد العلوم الطبّية إلى حرمهم الجامعي في ولاية هاريانا، لإجراء اختبارات بدأت في منتصف مارس/آذار الماضي. لكن بعد عشرة أيام، أُبلِغت بأنّ كلّ مواعيد علاج الأشعة أرجئت.
   
ومع تدهور حالها وإصابتها بنزيف في اللسان وبألم لا يحتمل، قدّمت التماسًا إلى المحكمة العليا في دلهي لقبول إخضاعها للعلاج في المعهد.
   
وقال ابنها ديباشيش داغ "السرطان في مرحلته الثالثة الآن. لو تلقّت العلاج في وقته لما كان هذا ليحدث". 
 
نتائج عكسية.. خطر انتشار السل
أما فيناي شيتي الذي يعمل بمؤسّسة في مومباي تُعنى بمرضى الثلاسيميا وتنظّم معسكرات للتبرّع بالدم، فقال إنّ مَن يحتاجون إلى عمليّات نقل دم من بين الفئة الأكثر ضعفًا.
   
وأضاف "مَن يحتاجون أدوية قد لا يواجهون مشكلة، لكنّ أيّ مريض يحتاج إلى نقل دم سيكون في ورطة"، مطالبًا الحكومة بتشجيع التبرّع بالدم.
 
بدوره، قال خبير الصحّة العامّة "أنانت بان" إنّ تركيز الهند على وباء كوفيد-19 يمكن أن يؤدّي إلى أمراض أخرى مثل انتشار السل.
 
وأوضح أنّ "أفراد الأسرة الذين يوجد بينهم مريض سلّ، هم في خطر في ظلّ الإغلاق. وبعد رفع الإغلاق وعودة التفاعل الاجتماعي يُمكن أن تنتشر العدوى بالطريقة نفسها التي تنتشر بها عدوى كوفيد-19".
 
وقال "إنّ الوفيّات التي يتسبّب بها كوفيد-19 ولا تنتج عنه بشكل مباشر هو ما يجب أن نقلق بشأنه. نحن بحاجة إلى ضمان حصول المرضى على الخدمات الأساسيّة".
 
لكنّ الوقت ينفد بالنسبة إلى المرضى المتروكين في مترو الأنفاق وتحت الخيام أمام معهد الطبّ الوطني.
 
وقال محمد شاني علام -وهو أحد سكّان رامبور- "أخبرني الأطبّاء بأنّهم لا يستطيعون القيام بجلسة العلاج الكيميائي الآن وبأنّهم سيتّصلون بي عند رفع الإغلاق. وهذه المكالمة قد تستغرق أسابيع".
 
وأضاف "الآن لا يمكنني الذهاب إلى المنزل ولا إلى المستشفى". 
المصدر : الفرنسية