الحجر الشامل في جنوب أفريقيا.. بؤس جديد لضعفاء الحال

البائع الجالس
دينمو أحد الباعة المتجولين في جوهانسبورغ (الجزيرة)
عبد العزيز أبو بكر-جوهانسبورغ

رغم أن حالات الإصابة ما زالت غير مرتفعة في بلدان أفريقيا مقارنة ببقية دول العالم، فإن فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) أخذ خلال الأيام الماضية في الانتشار بسرعة أكبر.

وتصاعدت أعداد المصابين بالفيروس في 54 دولة في القارة، مما وضع الأنظمة الصحية المهترئة أمام معضلة كبرى، إضافة إلى نقص بيّن في التمويل، بحسب مراقبين.

وأعلنت السنغال وجارتها الواقعة في غرب أفريقيا دولة ساحل العاج، حالة الطوارئ، تبعتهما جنوب أفريقيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية والجزائر ونيجيريا، إضافة إلى عشر دول أخرى حتى اللحظة.

وفي جنوب أفريقيا، ارتفعت الإصابات إلى أكثر من 900 حالة، وهو ما حدا بالسلطات لاتخاذ إجراءات مشددة بالحجر الصحي والإغلاق التام لمرافق الدولة، بدعم من الجيش وقوات الشرطة، في محاولة للسيطرة على سرعة الانتشار.

لكن التزام قاطني المناطق العشوائية ومن يكسبون رزقهم من القطاع غير المهيكل أو عمال المياومة والنقل العمومي المزدحم، مثل تحديا كبيرا لنجاح الحجر الذاتي الذي يشمل نحو 57 مليون جنوب أفريقي.

وفي جولة قبل يوم من بدء حظر التجول في شوارع العاصمة الاقتصادية جوهانسبورغ، التقت الجزيرة نت عددا من الباعة من ذوي الدخل المحدود للتعرف على آرائهم فيما يخص الحجر الصحي الشامل لمدة 21 يوما.

‪الباعة واصلوا عرض بضائعهم على جنبات الشوارع في جوهانسبورغ‬ (وكالات)
‪الباعة واصلوا عرض بضائعهم على جنبات الشوارع في جوهانسبورغ‬ (وكالات)

وفي الشوارع وسط المدينة ما من مشاهد تشي بأن الوضع غير طبيعي، إذ لا يزال الباعة يعرضون الخضروات والغلال والقهوة والمرطبات على الأرصفة، فيما ترتدي قلة قليلة الكمامات خلال تجولها المعتاد للتبضع.

ومع ذلك، يلاحظ أن الأمور تباطأت عن ذي قبل، وأن أعدادا متزايدة من المحلات على جانب الطريق فارغة، والطريق الرئيسي الذي يصل معظم مناطق الدولة ببعضها أقل ازدحاما من المعتاد.

لا خيارات أخرى
يقول البائع المتجول دينمو إنه محبط من الهلع المنتشر بين الناس الذي أدى لانخفاض مبيعاته بشكل كبير، مشيرا إلى أن التسارع في تأزم الوضع مقلق جدا.

ويضيف بنبرة حزينة "الناس مذعورون ولا أثر للزبائن، لدي أطفال في البيت ولا أعلم ما الذي سيحصل، أتمنى أن تعمل الحكومة بشكل أسرع لإصلاح هذه المشكلة".

وفي السياق، أكدت المتحدثة باسم وزارة الصحة في مدينة جوهانسبورغ كوارا كيكانا، على ضرورة الالتزام بتعليمات وزارة الصحة والبقاء في المنازل"، مشيرة إلى أن الوزارة زادت عدد أجهزة الفحص وهيأت أماكن بديلة للحجر الصحي لمجموعات أكبر من الناس".

وعبّر منهاج جينا -وهو منسق تحالف من الحركات المجتمعية لمكافحة عدم المساواة- عن مخاوفه من أن يؤدي الحجر الشامل إلى زيادة الفقر والجوع، إذ لا تمتلك معظم البلدان الأفريقية الإمكانات المالية اللازمة لمواجهة الجائحة.

بائع متجول وسط مدينة جوهانسبورغ يبيع مستلزمات طبية للناس في الشارع (الجزيرة)
بائع متجول وسط مدينة جوهانسبورغ يبيع مستلزمات طبية للناس في الشارع (الجزيرة)

 

وأكد جينا للجزيرة نت أنهم يعملون على بناء تحالفات تكافلية اجتماعية بين المحرومين والفقراء فيما يتعلق بالماء الصالح للشرب، إضافة إلى النظافة العامة والمعقمات، مضيفا أن التضامن المجتمعي هو الأمل الوحيد للخلاص.

وأشار إلى أن الحل لن يكون سهلا، خصوصا أن نسب الفقر في جنوب أفريقيا تعتبر واحدة من الأعلى في العالم.

وفي نفس الوقت، فإن الكثير من العيادات والمستشفيات التي تخدم مناطق مثل جوهانسبورغ، تعاني من نقص في الموظفين والمعدات، وتخشى من أن تغرقها العدوى إذا خرج الفيروس عن السيطرة.

وكان المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس غيبريسوس، حث الدول الأفريقية على "الاستيقاظ" من التهديد المتزايد للفيروس، مشيرا إلى أن أفضل نصيحة لأفريقيا هي الاستعداد للأسوأ.

المصدر : الجزيرة