كورونا والتستر على حقيقة انتشاره.. مصر تحارب على جبهتين

يشير تقرير نشره موقع ميدل إيست آي البريطاني إلى أن السلطات المصرية تتستر على الحقائق المتعلقة بتفشي فيروس كورونا (كوفيد-19)، ويقول إن البلاد تواجه حربا على جبهتين.

ويقول عمرو خليفة في تقريره إن ضابطا عسكريا مصريا رفيع المستوى أخبر الموقع أن تفشي المرض في البلاد أوسع انتشارا مما تعترف به الحكومة، ومما هي مستعدة للتعامل معه.

ويضيف موقع ميدل إيست آي أن الشكوك تزايدت على مدى أسابيع بشأن موقف الحكومة المصرية، واعتقد كثيرون أنها إما تتستر على مدى تفشي وباء (كوفيد-19) في البلاد، أو أنها لم تفتح المجال لمعرفة مستوى انتشاره في هذا السياق.

ويؤكد التقرير أن الأحداث المتعددة التي شهدتها مصر الأسبوع الماضي -بما في ذلك مقتل اثنين من كبار القادة العسكريين ثم تسريب وثيقة عسكرية تشير إلى أن الفيروس أكثر انتشارا في البلاد مما تم الكشف عنه سابقا- كلها رسخت هذا الرأي المتمثل في التستر.

السيسي والشفافية
وظهر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أخيرا بعد غياب طويل ليقول إن حكومته تتعامل مع الأزمة بشفافية كاملة، داعيا المصريين إلى البقاء في منازلهم لمدة أسبوعين.

غير أن الحكومة لم تقم بتطبيق الإغلاق، وأشارت إلى الصعوبات الاقتصادية التي قد تترتب على الملايين، حتى لو كان ذلك سيكون أكثر منطقية في ما يتعلق بالصحة العامة، حيث لا يمكن توظيف التباعد الاجتماعي لـ50٪ فقط من الوقت.

وفي حين واصلت وسائل الإعلام الموالية للدولة توقعها بتحقيق النجاح في السيطرة على تفشي الوباء فإنه بحلول الوقت الذي كسر فيه السيسي وآخرون صمتهم أخيرا كانت الحكومة المصرية قد خسرت بالفعل المعركة ضد المرض وثقة الجمهور في قدرتها على مواجهة الوباء.

ويشير التقرير إلى أن مراسلة صحيفة غارديان البريطانية روث مايكلسون كانت قد أجبرت على مغادرة مصر قبل أيام، وذلك بعد أن كتبت مقالا استشهدت فيه بأبحاث جامعة تورنتو، والتي أشارت بدورها إلى أنه بينما كانت الحكومة المصرية تبلغ رسميا عن ثلاث إصابات بفيروس كورونا كان الرقم الحقيقي أعلى بكثير، إذ إنه كان من المحتمل أن يصل إلى ما بين 19 ألفا و60 ألف إصابة.

مغادرة مصر
ويضيف موقع ميدل إيست آي أن إجبار المراسلة على مغادرة مصر يعكس الرغبة العميقة للقيادة المصرية في الهيمنة على المعلومات المتعلقة بتفشي كورونا في البلاد.

لكن في غضون ساعات من ظهور السيسي مرة أخرى كان فيروس كوفيد-19 قد وجه ضربة كاملة لإستراتيجية السلطة المصرية، وذلك عندما اضطرت الحكومة إلى الاعتراف بوفاة اثنين من كبار القادة العسكريين المصريين في غضون 24 ساعة.

ويشير التقرير إلى وفاة اللواء خالد شلتوت ثم اللواء أركان حرب شفيع عبد الحليم داود متأثرين بإصابتهما بفيروس كورونا، وإلى إصابة 15 ضابطا عسكريا آخرين بهذا الوباء، مما يشير إلى أن الفيروس كان أكثر انتشارا مما تم الاعتراف به على المستوى الرسمي.

وجاءت هذه الاعترافات الرسمية المصرية بعد أسبوع من بدء وسائل الإعلام الأجنبية بالتساؤل عما إذا كانت مصر تتستر على مدى تفشي الفيروس، حيث عاد السياح الأميركيون والفرنسيون والهنود الذين كانوا يقضون إجازاتهم في مصر إلى بلدانهم وهم مصابون بفيروس كورونا، وأن مئات آخرين ربما تعرضوا للإصابة.

ويشير التقرير إلى أن العدوى بفيروس كورونا في مصر قد تتضاعف كل يومين إلى ثلاثة أيام، بينما يتم تصنيف المتوفين أنهم قضوا بداء تنفسي وليس بوباء فيروس كورونا (كوفيد-19)، وفقا لمصادر طبية معنية لم تكشف عن هويتها.

انتشار العدوى
وعلى الرغم من أنه كان معروفا داخل الدوائر العسكرية أن العدوى كانت منتشرة فإن قيادة الجيش كانت تتجاهل الأمر، وأبدت إهمالا لبعضها البعض، حيث كان الضباط يستقبلون بعضهم البعض بالعناق بحسب ما هو معروف من عادات في البلاد، كما فشلوا في الحفاظ على مسافة كافية عن المجندين.

ويشير التقرير إلى توقعات بانتشار أكبر لأزمة كورونا، سواء داخل الجيش أو على صعيد مصر، حيث يقول ضابط مصري إن الجيش استقر على سياسة حصانة القطيع، وإنه لا يتم إجراء فحوص حتى لأعضاء القيادة العسكرية العليا ما لم تكن لديهم حمى والتهاب في الحلق أو صعوبة في التنفس، الأمر الذي يشي بإصابة مئات الآلاف.

في الأثناء، يشعر المصريون بقلق عميق وهم يتساءلون إزاء بقاء معدلات الإصابة المبلغ عنها والوفيات المرتبطة بها في بلادهم منخفضة للغاية مقارنة بارتفاعها لدى الدول التي لديها رعاية صحية أفضل بكثير.

واختتم التقرير بالتحذير من أن تستر الحكومة المصرية على حقيقة انتشار كورونا من شأنه تعريض حياة الملايين من المصريين للخطر، وبالتالي الملايين حول العالم، مؤكدا أنه يجب الآن على السيسي أن يقف أمام المصريين وأن يكون صريحا بدلا من أن يزيد ببطء الإعلان عن عدد الإصابات والقتلى يوميا بهذا الوباء.

المصدر : الجزيرة + ميدل إيست آي