حالة طوارئ بالسجون المصرية.. هكذا يواجه المعتقلون خطر كورونا وتعنت السلطات

الشتاء يهدد المعتقلين فى السجون المصرية (الجزيرة).
المعتقلون في مصر اجتمع عليهم خطر فيروس كورونا وتعنت السلطات الأمنية (الجزيرة)

عبد الرحمن محمد-القاهرة

في الوقت الذي تصاعدت فيه المطالب الحقوقية بالإفراج عن السجناء في مصر خوفا من انتشار فيروس كورونا؛ كشفت مصادر من داخل سجون مصرية عن اعتماد المعتقلين "خطة طوارئ" كمحاولة للاحتراز من انتشار الفيروس بينهم، في ظل رفض السلطات الإفراج عنهم ولو مؤقتا.

وفي تصريحات خاصة للجزيرة نت، قالت مصادر من داخل ثلاثة سجون مصرية (سجن بمجمع طرة، وسجن بدلتا النيل، وسجن بمحافظة جنوبية) إن المعتقلين اعتمدوا "خطة طوارئ"، للاحتراز بما يمكن اتخاذه واتباعه من وسائل لمنع تفشي الفيروس، واعتمادهم في ذلك على الأطباء المعتقلين معهم في سجونهم. 

وأفاد مصدر في أحد سجون مجمع طرة بأنه، وبعد التأكد من عدم تجاوب السلطات مع المناشدات المتكررة للإفراج الشرْطي، أو تهيئة أجواء تساعد على الاحتراز من الوباء؛ توافق المعتقلون على اختيار لجنة إدارة أزمة مكونة في معظمها من أطباء، وأقرت خطة تعتمد على المتاح. 

وفي ظل منع السلطات إدخال الأدوية وغيرها من مستلزمات النظافة، بعد قرار تعليق الزيارت، أفاد المصدر للجزيرة نت بأن اللجنة عملت على حصر جميع ما هو متوفر من مستلزمات التعقيم والتطهير، والأدوية اللازمة مما هو متاح لدى المعتقلين، ووضعت خطة تساعد على الاستفادة منها بالشكل الأمثل للجميع.

‪(مواقع التواصل)‬ زنازين السجون المصرية تفتقد لكثير من الاشتراطات الإنسانية 
‪(مواقع التواصل)‬ زنازين السجون المصرية تفتقد لكثير من الاشتراطات الإنسانية 

واتفقت المصادر الثلاثة على أنه وفي حال فشلت محاولات إجبار سلطات السجن على عزل من تظهر عليهم أعراض يشتبه في أنها إصابة بالوباء؛ فإن المعتقلين يجتهدون في إخضاعه للعزل داخل الزنزانة لمدة أسبوعين، بعد اقتطاع ركن لهذا الغرض، يمثل في الأصل نصيب أربعة من أفراد الزنزانة. 

وأشار أحد المصادر الثلاثة إلى وجود تعاون "غير رسمي" من قبل ضباط ومجندين، للمساعدة في تنفيذ الخطة المتبعة، لما يرونه في ذلك من "تحقيق مصلحة مشتركة وحمايتهم من الإصابة بالمرض"، مشيرا إلى أن هؤلاء الأفراد يخبرونهم بأن تعليمات الإدارة المركزية تشدد على اتباع سياسة المنع وعدم التجاوب مع مطالب المعتقلين. 

وكانت وزارة الداخلية قررت، في 9 مارس/آذار الجاري تعليق الزيارات بالسجون لمدة عشرة أيام كإجراء احترازي لمنع تفشي فيروس كورونا، قبل أن تمدده إلى نهاية الشهر، وأجلت وزارة العدل نظر الدعاوى القضائية في جميع المحاكم لمدة أسبوعين. 


تجاهل متعمد
وأوضح الباحث والناشط الحقوقي هيثم غنيم أن هناك حالة من الخوف والذعر الشديدين من الإصابة بالفيروس بين الضباط والجنود العاملين في السجون؛ إلا أنهم لا يزالون يمارسون الإجراءات المتعنتة ذاتها في إدخال أدوات النظافة والتعقيم، وتوفير التهوية الجيدة داخل السجون. 

وشدد الناشط الحقوقي في حديثه للجزيرة نت على ضرورة تخفيض أعداد المسجونين بشكل عام داخل السجون، عبر تفعيل إجراء العفو الشرْطي والخروج بنصف المدة، وإخراج كبار السن، والمحبوسين احتياطيا، أو على ذمة قضايا ولم تصدر ضدهم أحكام؛ لتفادي انتشار الفيروس داخل السجون، وعدم انتقاله خارجها بشكل أكثر فتكا من شأنه أن يضر المجتمع بالكامل. 

بدورها، كشفت سلمى أشرف مديرة منظمة هيومن رايتس مونيتور عن توارد معلومات لمنظمتها تؤكد تجاهل إدارات السجون المصرية دعوات حماية المعتقلين، والعمل على وقايتهم من فيروس كورونا، وإصرارها على عدم إدخال المواد الطبية والمعقمات أو أدوات التنظيف؛ مما يعكس تعمد استمرار الظروف القاتلة للمعتقلين. 

وأشارت الناشطة الحقوقية في حديثها للجزيرة نت إلى أن الحملات التي أطلقتها منظمات حقوقية دولية منذ انتشار الفيروس للإفراج عن المعتقلين لاقت تجاوبا في العديد من الدول، حتى الأنظمة القمعية، إلا أنها لم تلق أي تجاوب من قبل السلطات المصرية. 

وأشارت إلى توثيق المنظمة العديد من حالات المرضى الذين يعانون حساسية الصدر وأمراض قد تؤدي بهم إلى الوفاة، مشيرة إلى أن المعتقلين يسعون بكل ما لديهم لتنظيف وتعقيم زنازينهم، إلا أن المحصلة من وراء ذلك ضعيفة، في ظل زنازين وأقفاص تفتقر إلى التهوية والأعداد المتكدسة. 

وأضافت "وصلتنا أنباء واستغاثات عن الاشتباه في إصابة عدد من المعتقلين بالفيروس، وإن حدث ذلك فستكون جريمة مروعة بحق الآلاف من الأبرياء، وستبقى وصمة عار على جبين السلطات الحالية، ولن تسقط هذه الجريمة". 

 
وبث ناشطون مصريون الخميس رسالة مسربة من أحد السجناء في سجن العقرب داخل مجمع سجون طرة، تكشف عن إصابة بعض السجناء بفيروس كورونا، وأن أعراض المرض ظهرت قبل أسبوع على عدة سجناء، وأنهم خاطبوا إدارة السجن لإنقاذهم من دون جدوى، في حين أصاب الضباط والحرس والأطباء الذعر، وتعمدوا تجنب الاحتكاك بالسجناء.

وقبل عشرة أيام، تحدثت مصادر للجزيرة نت عن رصد أول حالة إصابة بفيروس كورونا في السجون المصرية، وتحديدا داخل سجن وادي النطرون (شمالي القاهرة)، لكن الأجهزة الأمنية رفضت كشف اسم السجين والقضية المحبوس فيها.

بدورها، كشفت التنسيقية المصرية للحقوق والحريات أمس عن مصادر خاصة وجود ثلاث حالات اشتباه في الإصابة بكورونا داخل سجن تحقيق طرة، حيث تم نقلهم إلى مستشفى حميات العباسية، في ظل إغلاق مستشفى السجن وخوف الأطباء من التعامل معهم.

كما نقلت التنسيقية عن المصادر أن نزلاء ثلاثة عنابر بالسجن دخلوا في إضراب جزئي عن الطعام منذ يومين احتجاجا على عدم توافر مواد مطهرة أو معقمة، ورفض إدارة السجن تطهير الزنازين.

المصدر : الجزيرة + مواقع التواصل الاجتماعي