رغم العنصرية والتحريض.. الأطباء من فلسطينيي 48 رأس الحربة في مكافحة كورونا

طواقم طبية عربية ويهودية في المستشفى الجليل الغربي تعمل معا لمعالجة المصابين بفيروس كورونا
طواقم طبية عربية ويهودية في مستشفى الجليل الغربي تعمل معا لمعالجة المصابين بفيروس كورونا (الجزيرة)

 

محمد محسن وتد-أم الفحم

على الرغم من الدور الريادي للطواقم الطبية العربية في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 وجهودها للحد من انتشار فيروس كورونا تمتنع وزارة الصحة الإسرائيلية -حتى الآن- عن إجراء الفحوصات الطبية لفلسطينيي الداخل لاحتمال انتشار الفيروس بصفوفهم، كما تهمش اللغة العربية في حملات التوعية بخصوص تداعيات فيروس كورونا على صحة الجمهور، وسبل الوقاية والتعليمات والإرشادات لتفادي انتشاره.

هذا الموقف لم يمنع نحو خمسة آلاف من الأطباء والممرضين من فلسطينيي 48 -من أصل أربعين ألفا من الكوادر الطبية في الجهاز الصحي الإسرائيلي- من مواجهة الفيروس بالتوعية والمتابعة حتى أكد مديرو المستشفيات الإسرائيلية أنه "لولا الطواقم المهنية العربية لانهار الجهاز الصحي ولكان من الصعب مواجهة تداعيات انتشار الفيروس".

وأعلنت وزارة الصحة الإسرائيلية تجنيد طلاب الطب والمهن الطبية -عربا ويهودا- في الحملة ليتسنى مكافحة الفيروس، وذلك في ظل النقص بالكوادر الطبية، بعد وضع نحو ثلاثة آلاف طبيب في الحجر الصحي المنزلي للاشتباه بإصابتهم بالفيروس بسبب عملهم ومخالطتهم للمرضى.

وتتقدم الطواقم الطبية العربية خط الدفاع الأول لمنع تفشي فيروس كورونا في البلاد، فيما يواصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التحريض ضد فلسطينيي 48، والدعوة إلى تشكيل حكومة "وحدة وطنية" تستثني القائمة المشتركة بحجة حالة الطوارئ لمنع انتشار فيروس كورونا.

وفي ظل هذه الأجواء نشرت مجموعة من الأطباء العرب واليهود ومنظمة "أطباء لحقوق الإنسان-إسرائيل"، عريضة بعنوان "متى أصبح الروب الأبيض شرطا للمساواة؟"، وقع عليها المئات من العاملين في المجال الصحي، على أن توجه العريضة لنتنياهو وأحزاب "كتلة اليمين" التي تشترط استثناء "المشتركة" من أي ائتلاف حكومي مستقبلي.

‪نتنياهو خلال لقاء جمعه مع كبار الأطباء العرب في المستشفيات‬ (الجزيرة)
‪نتنياهو خلال لقاء جمعه مع كبار الأطباء العرب في المستشفيات‬ (الجزيرة)

وكتب أرسلان أبو مخ -وهو طبيب مختص في جهاز الصحة العامة- وجاي شاليڤ -وهو مختص في الأنثروبولوجيا الطبية في الجامعة "العبرية"- رسالة مشتركة لنتنياهو ولأعضاء الكنيست، انتقدا من خلالها التصريحات التي تدعو لتهميش العرب وتغييبهم عن المشهد السياسي وأي ائتلاف حكومي، بحجة أنه يتم النظر إليهم إما كتهديد أمني أو كخطر ديمغرافي.

وقال أرسلان "يمكن اعتبار ما يجري في هذه الأيام تحديا لهذا التغييب والمحو الممنهج والمستمر، إذ تلوح الدوامة المضاعفة التي تعصف بالمجتمع الإسرائيلي بين دورتي انتخابات متعاقبتين والكورونا، وهو الوباء الذي يقوض الصحة العامة ومعه مبادئ اجتماعية أساسية".

وأضاف "علينا أن ننسى أن جهاز الصحة تحول في العقدين الأخيرين إلى مغناطيس جذب إليه أبناء وبنات المجتمع العربي في إسرائيل. ووفر هذا الجهاز رغم مواطِن ضعفه ونواقصه حيزا مشتركا للطواقم المهنية العربية واليهودية، لكن جدلا عنيفا وتحريضيا يدور حول شرعية المشاركة في اللعبة السياسية ".

واعتبر أن "الأزمة الصحية برزت بالضبط على هذه الخلفية السياسية، وذلك بسبب مساهمة الجمهور العربي الهائلة في الجهاز الطبي الذي يخدم جميع مواطني الدولة، يهودا وعربا"، مؤكدا أن أبناء الأقلية العربية في إسرائيل يستحقون الحصول على التمثيل السياسي والشراكة المتساوية في اتخاذ القرارات التي تؤثر على جميع المواطنين دون أي شروط مسبقة.

وتابع أن "الطبيب، والطبيبة، والممرض، والحاضنة، والمهندسة، والعامل في المصنع ومراقب الحسابات كلهم على حد سواء مواطنو الدولة، وعليه فإن مكانتهم ومكانة ممثليهم وقياداتهم شرعية، فهل نحتاج إلى وباء عالمي لنعترف بوجود الآخر؟ ومنذ متى بات إنقاذ الحياة والروب الأبيض شرطا للمواطنة؟!".

أما الطبيب سيف أبو مخ -وهو من سكان مدينة "باقة الغربية" في المثلث- فيواصل عمله في ظل حالة الطوارئ التي أعلنتها حكومة نتنياهو، ويقود الطواقم الطبية على مدار الساعة لمعالجة المرضى وتوجيه وإرشاد المواطنين -عربا ويهودا- وتحصينهم من الإصابة بالفيروس.

ويقول إنه يواصل عمله "بعيدا عن الاعتبارات السياسية لبعض قيادات الأحزاب الإسرائيلية التي توظف أزمة كورونا لأهداف شخصية وحزبية ضيقة"، مؤكدا أن" العلم والمعرفة بمثابة مظلة جامعة للبشرية بغض النظر عن الدين والقومية والجنسية".

وفي محاولة للتخفيف من وقع تصريحاته التي قوبلت بانتقادات واسعة، بادر نتنياهو لعقد جلسة مع كبار الأطباء العرب الذين يعملون في المستشفيات الإسرائيلية، والترويج "للتعاون مع المواطنين العرب والعيش والمستقبل المشترك"!

المصدر : الجزيرة