متى ينسحب ساندرز من سباق الترشح الديمقراطي للرئاسة الأميركية؟

Democratic U.S. presidential candidates former Vice President Joe Biden and Senator Bernie Sanders debate during the 11th Democratic candidates debate of the 2020 U.S. presidential campaign, held in CNN's Washington studios without an audience because of the global coronavirus pandemic, in Washington, U.S., March 15, 2020. REUTERS/Kevin Lamarque
حملة ساندرز (يمين) منيّت بسلسلة هزائم أمام منافسه جوزيف بايدن (رويترز)

محمد المنشاوي-واشنطن

في الوقت الذي أكدت فيه حملة بيرني ساندرز أن السيناتور الاشتراكي الديمقراطي يجري تقييما لحملته الرئاسية عقب سلسلة هزائم منيت بها حديثا، زادت الأصوات الداعية لضرورة انسحابه وبسرعة من السباق على بطاقة الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة الأميركية في نوفمبر/تشرين الثاني القادم.

ولم يعرف ساندرز طعم الانتصار منذ تقدم نائب الرئيس السابق جوزيف بايدن الكبير في ولاية كارولينا الجنوبية نهاية الشهر الماضي، إذ اكتسح بايدن الولاية بفارق يزيد عن 30 نقطة، وكسب أغلب الولايات التي شهدت انتخابات تمهيدية منذ ذلك الحين.

ولأسباب مختلفة، افتقد السيناتور ساندرز قوة الدفع التي بدأ بها حملته الانتخابية وظهرت في نتائج انتخابات أول ثلاث ولايات: أيوا ونيوهامبشير ونيفادا.

ومثلت المناظرة الوحيدة التي جرت الأحد الماضي بين المترشحين الباقيين في السباق الديمقراطي ساندرز وبايدن، فرصة أخيرة لم يستغلها ساندرز لتغيير وجهة السابق.

ويرى المسؤول السابق بوزارة الخارجية والمقرب من حملة بايدن الانتخابية ديفد أرون ميلر أن "الأمر احتاج فقط إلى 25 دقيقة خلال المناظرة الأخيرة بين ساندرز وبايدن لإقناع الشعب الأميركي بأننا نحتاج لرئيس مثل بايدن خاصة مع وجود وباء كورونا".

صعوبة مهمة ساندرز
حقق بايدن انتصارا كاسحا في آخر ثلاث ولايات تشهد انتخابات خلال هذا الشهر، وهي فلوريدا التي فاز بها بفارق أكثر من 40 نقطة، وولايتا إلينوي وأريزونا بفارق أكثر من 20 نقطة.

وكان من المفترض أن تجري الانتخابات التمهيدية في ولاية رابعة هي أوهايو، لكن سلطاتها قررت في اللحظات الأخيرة إرجاء هذا الاستحقاق إلى يونيو/حزيران المقبل بسبب تفشّي فيروس كورونا.

ووسع فوز بايدن من حجم فجوة أعداد المندوبين اللازمين للحصول على بطاقة ترشح الحزب مع منافسه السيناتور ساندرز. وضمن بايدن حتى الآن أصوات 1180 مندوبا مقابل 885 لساندرز، في وقت يحتاج فيه المرشح الفائز إلى أصوات 1991 مندوبا على الأقل للظفر ببطاقة الحزب الديمقراطي.

ويصعب بشدة، بل يستحيل تضييق الفارق في الولايات القادمة، إذ إن تخصيص المندوبين يجري على أساس نسبي وليس طبقا لقاعدة أن الفائز يحصل على كل أصوات الولاية.

ولهذا يحتاج بايدن للحصول على 47% من باقي الأصوات من أجل الفوز، في حين يحتاج ساندرز نسبة تتخطى 63% للظفر ببطاقة الحزب.

وأكد فائز شاكر مدير حملة ساندرز أنه "ليس في عجلة من أمره لاتخاذ أي قرارات بشأن مغادرة السباق".

واختار ساندرز تجاهل أنباء تراجعه الكبير في الجولات الانتخابية الأخيرة، وركز في خطاب ألقاه عقب إعلان نتائج انتخابات الثلاثاء الماضي على توصيات لمواجهة كورونا بما يمنع الوفيات ويجنب الولايات المتحدة كارثة اقتصادية غير مسبوقة.

في حين أكد ديفد بلوف، مسؤول الحملة الانتخابية للرئيس السابق باراك أوباما، في لقاء مع شبكة "أم أس أن بي سي" أنه "أصبح من المستحيل رياضيا فوز المرشح ساندرز في سباق المندوبين، وعليه المبادرة بالانسحاب". 

ولن يخوض المرشحان أي انتخابات خلال الفترة الباقية من هذا الشهر، وهي فترة قد يستغلها ساندرز لإجراء تغييرات هيكلية في حملته الانتخابية أو في التفكير الجدي بالانسحاب منها. كما أرجأت ولايات كنتاكي ولويزيانا وميريلاند وأوهايو وجورجيا الانتخابات التمهيدية إلى شهر يونيو/حزيران المقبل.

ولم يستطع السيناتور ساندرز تحقيق النتائج الجيدة نفسها التي حققها في انتخابات 2016 ضد المرشحة هيلاري كلينتون خاصة في ولايات مثل متشجن وأريزونا وإلينوي.

كورونا تدعم حظوظ بايدن
بطريقة غير مباشرة دعمت أزمة انتشار فيروس كورونا حظوظ ومصداقية بايدن بسبب خدمته سابقا نائبا للرئيس ومواجهته لأزمات كبيرة عديدة منها انتشار وباء الإيبولا.

وغيّرت أزمة كورونا طبيعة المنافسة الانتخابية من حيث عدم التركيز على الانتخابات، وتقييم المترشحين طبقا لقدراتهم على مواجهة هذه الأزمة أو أزمات في المستقبل.

وعّبر الناخبون عن ثقة كبرى في إدارة بايدن للأزمة مقارنة بالسيناتور ساندرز، إذ كشف استطلاع أجرته محطة "بي بي أس" وراديو "أن بي آر" ثقة كبيرة في إدارة بايدن للأزمات مقارنة بالسيناتور ساندرز، كما كشفت أن أغلبية الأميركيين لا يثقون في المعلومات الصادرة من الرئيس ترامب بشأن الأزمة.

وأشار ديفد آرون ميللر في تغريدة له إلى أن "بايدن ظهر كقائد حاسم بقوله إننا في حالة حرب ضد كورونا، وهذا ما كان يريد الديمقراطيون سماعه، في حين ظهر بيرني ساندرز كناشط اشتراكي يتحدث عن توفير الرعاية الصحية للجميع".

تحديات أمام بايدن
رغم ارتفاع حظوظ المترشح بايدن في الظفر ببطاقة الحزب الديمقراطي، يواجه نائب الرئيس السابق تحديدات واسعة أهمها مناصرو السيناتور بيرني ساندرز.

لكن يبقى أن نائب الرئيس السابق بايدن يحتاج بشدة إلى أصوات مناصري ساندرز، كما عبّر عن ذلك أحد مناصري ساندرز في منطقة شمال غرب واشنطن.

وذكر ماتيوس هيريرا، مناصر لساندرز، في حديث للجزيرة نت "نعلم أننا لن نفوز بعد كل هذه الهزائم، لكن على السيناتور ساندرز استغلال قاعدته الشعبية التي تدين له بالولاء من أجل تغيير أجندة الحزب الديمقراطي وبايدن، وربما الضغط لتعيين بعض أعضاء حملته في مناصب رفيعة بحملة وإدارة بايدن".

ويحاول بايدن استمالة مناصري ساندرز بالحديث المباشر لهم، إذ قال عقب فوزه في انتخابات الثلاثاء الماضي "إلى الناخبين الشباب الذين ألهمهم ساندرز، أنا أصغي إليكم". وحاول بايدن إظهار اقترابه من أفكار ساندرز، وأكد أنه مؤمن بضرورة توسيع نظام التأمينات الصحية ومكافحة التفاوت الاجتماعي ومحاربة التغير المناخي.

ويعتقد أن نائب الرئيس الأسبق جوزيف بايدن، اعتمد بشكل حاسم على أصوات الأميركيين من أصل أفريقي، لكن لا تكفي أصوات هذه الفئة لضمان تحقيق النصر في الانتخابات العامة. 

ولا يُعرف بعد متى ينسحب ساندرز، وكيف سيدفع ليضمن دعم الفئات الشابة ممن هم أقل من 40 عاما والرافضة لمنح صوتها لمرشح يرونه تقليديا وليس ملهما.

المصدر : الجزيرة