بالفيديو.. حين يكون الفساد أخطر على المصريين من التنين

الجزيرة نت-خاص

كأنها الحرب وكأنهم مهاجرون يحملون ما تبقى من أمتعتهم المتهالكة بحثا عن يابسة تقلهم وسماء تظلهم.

ربما تظن الأمر كذلك عندما تراهم للوهلة الأولى، لكن بقليل من الصبر ومع تفحص الوجوه الحزينة وتفاصيل الصورة من خلفهم ستكتشف أنهم ضحايا عاصفة وأمطار ضربت مصر نهاية الأسبوع الماضي، لكنهم يعتبرون أنفسهم ضحايا الإهمال الحكومي، قبل أن يكونوا ضحايا "التنين"، وهو اسم العاصفة التي عانت منها مصر خلال الأيام الماضية.

هناك في قرى مدينة الصف -التي تبعد نحو 30 كيلومترا فقط عن جنوب العاصمة القاهرة- باتت مئات الأسر المصرية بلا مأوى، وتبدل بها الحال من قرى تفوح برائحة الأراضي الزراعية إلى ما يشبه قرى الأشباح، بعدما هلكت المحاصيل ودمرت عشرات المنازل إثر اجتياح السيول المنهمرة من أعلى جبل متاخم للمنطقة.

وخلال تجوله بالمنطقة المنكوبة -خاصة في قريتي الودي والديسمي- شاهد مراسل الجزيرة نت نزوح عشرات الأسر التي لا تجد ما تحمله في يدها سوى قطع الملابس المبللة، فضلا عن استخدام بعض الأهالي مراكب الصيد الصغيرة، وذلك للهرب بعيدا عن المنطقة التي اختفت منها أبسط متطلبات الحياة الضرورية من كهرباء وماء.

‪منازل كثيرة في القرية لم تصمد أمام سيول عاصفة التنين‬ (الجزيرة)
‪منازل كثيرة في القرية لم تصمد أمام سيول عاصفة التنين‬ (الجزيرة)

الفساد والإهمال
"الإهمال هو السبب" هكذا بحسم وغضب يؤكد عبد الخالق أن المنطقة كان فيها مخرج للسيل تقع فيه مياه الأمطار باستمرار ويصرفها في أماكن الصرف المخصصة، لكن هذه المرة خرجت المياه عن المسار بسبب إهمال صيانته رغم تحذيرات الأرصاد الجوية قبلها بأيام.

وفي حديثه لمراسل الجزيرة نت، تساءل عبد الخالق بغضب عن المعدات المكدسة في مخزن السلطات المحلية، والتي لم تتحرك قبل الكارثة، مضيفا "ماذا نفعل الآن، ربنا يعوض علينا".

وبعيون تملؤها الحسرة تناشد أم سيد المسؤولين ضرورة إيجاد حل لما يمر به الأهالي، خاصة في ظل انقطاع الكهرباء وغياب أي مصدر للطاقة، إلى جانب شح الماء الذي بات يأتي في صورة مساعدات للإغاثة فقط.

وفي محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه دفعت الشرطة المصرية بعناصرها لمساعدة الأهالي العالقين وسط المياه، كما فتحت المساجد القريبة ومراكز الشباب أبوابها لاستقبال النازحين، في حين فضل بعض الأهالي المكوث في منازلهم المتهالكة على أن يهاجروا مثل جيرانهم.

يذكر أن منخفض "التنين" الجوي المصحوب بأمطار غزيرة ورياح شديدة عطل كل مناحي الحياة في مصر خلال الأيام الماضية، وألقى الضوء مجددا على تدهور البنية التحتية على مستوى البلاد رغم إنفاق قرابة 4 تريليونات جنيه (250 مليار دولار تقريبا) على مشروعات البنية الأساسية خلال السنوات الخمس الماضية، وفق تصريحات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.

المصدر : الجزيرة