صحيفة إثيوبية: واشنطن تدعم القاهرة ولا مساومة بشأن سد النهضة

انسحاب إثيوبيا من مفاوضات سد النهضة ثاني أهم حدث في الأسبوع
إثيوبيا تواصل بناء سد النهضة رغم مخاوف مصر من تأثيره على حصتها من مياه النيل (الجزيرة)

انتقدت صحيفة إثيوبية بشدة موقف الولايات المتحدة الداعم لمصر في المفاوضات المتعلقة ببناء سد النهضة، وحذرت من العبث بسيادة بلادها، داعية الشعب الإثيوبي لعدم الرضوخ لما سمته الضغوط والترهيب الذي تمارسه "القوى ذات النفوذ".

واعتبرت صحيفة "ذا ريبورتر" التي تصدر في العاصمة أديس أبابا باللغتين الإنجليزية والأمهرية، في إحدى افتتاحياتها البيان الذي أصدرته مؤخرا الحكومة الأميركية بشأن سد النهضة، "تغولا على السيادة الإثيوبية أغضب كثيرا من الإثيوبيين".

وخلال الأسبوع الماضي، تصاعدت أزمة سد النهضة بعد إعلان إثيوبيا انسحابها من المفاوضات مع مصر والسودان برعاية أميركية، مؤكدة حقها في مياه النيل، وأنه لا توجد قوة تمنعها من استغلال مواردها في التنمية، وهو ما رفضته القاهرة، واعتبرته تصعيدا غير مبرر.

وقالت الصحيفة إن الدعم الذي أبدته الولايات المتحدة تجاه مصر خلال المفاوضات لن يكون له تأثير إذا كف الشعب الإثيوبي عن التناحر فيما بينهم وأظهروا توحدهم.

وأسهبت الصحيفة في التذكير بما وصفتها "بطولات الإثيوبيين" عبر التاريخ، لا سيما النصر الذي حققه الشعب في معركة عدوة التي وقعت في الأول من مارس/آذار 1896 على الإيطاليين.

ونوهت إلى أن الإثيوبيين أبانوا موقفهم بوضوح، وهو أنهم لن يتساهلوا إزاء التشويش المستمر على سد النهضة "الذي بنوه بجهدهم وحر مالهم ودون دعم من أحد" ولن يتفاوضوا بشأنه.

وأوضحت الصحيفة أن الإثيوبيين لم يساوموا قط بشأن سيادة بلدهم في أي مكان أو أي زمان، مشيرة إلى أنه رغم وجود قضايا خلافية فيما بينهم فإنهم لم ينفصلوا عن بعضهم بعضا عندما يتعلق الأمر بالسيادة، وسرعان ما يقفون موقفا موحدا ضد "الأعداء الأجانب".

وتباهت الصحيفة بتصدي الشعب الإثيوبي مرارا وتكرارا "للمعتدين وأصحاب النزعة التوسعية" على مختلف الجبهات، مشددة على أن إثيوبيا هي الدولة الوحيدة في أفريقيا التي خضعت لأقصر حكم أجنبي إبان الحقبة الاستعمارية.

ولما كان سد النهضة يمثل رمزا لوحدة الإثيوبيين وثروتهم القومية -برأي صحيفة ذا ريبورتر- فإنهم لن يتراجعوا عن مشروعهم المشترك تحت ضغط من قوى أجنبية.

عراقيل مصرية
ووفقا للصحفية، فإن أديس أبابا عندما قررت بناء السد من أجل إنتاج الكهرباء مستفيدة من ثرواتها المائية، واجهت العديد من العراقيل من مصر "التي تستمر في اختبار مدى صبر وعزم" إثيوبيا.

وتابعت بلهجة حادة "لا بد من إبلاغ كلا الطرفين -الولايات المتحدة ومصر-  بضرورة الكف عن تلك الأفعال الدنيئة، والإظهار لهما أن الإثيوبيين لن يتراجعوا لأن لديهم كرامة، ولا يحبذون تدخلا من أي أحد".

وأردفت الصحيفة القول إن إثيوبيا لن تسمح بتفوق مصر باتكائها على اتفاقية أبرمت في عهد الاستعمار، بينما الإثيوبيون نادوا بالاستغلال العادل للمياه وتقاسمها بين دول الجوار باعتبارها ثروة مشتركة.

لكن الافتتاحية تعود مرة أخرى لاستخدام نبرة عالية بالتشديد على أنه سيكون لزاما على الفرقاء إما مواجهة هذا الوضع سلما أو بروح الوطنية، قبل أن تستدرك قائلة إن هذه ليست دعوة للحرب بل تحذير لاحترام السيادة.

وخلصت إلى القول إن على الحكومة الإثيوبية إشراك المجتمع الدولي تفاديا لحرب حول المياه في أفريقيا "التي تتسبب فيها السياسة الخارجية الأميركية المعوجة".

وأضافت الصحيفة أن سد النهضة يعد مصلحة قومية أساسية للإثيوبيين، ومن ثم لا يمكن تقديمه "كبش فداء" لإرضاء القوى الأخرى.

وتقول مصر إن من شأن تشغيل سد النهضة وملء خزانه دون التوصل إلى اتفاق نهائي أن يقلصا إمداداتها من النيل الذي يوفر 90% من المياه التي تحتاج إليها للشرب والري.

في المقابل، تنفي إثيوبيا نيتها المساس بحصة مصر من مياه النيل، وتؤكد أهمية المشروع لتنمية اقتصادها، حيث إن السد -الذي يتوقع أن تنتهي أعماله عام 2021- سيلبي حاجتها من الكهرباء.

المصدر : الجزيرة