الأردن وخطة ترامب للسلام.. ما أوراق الضغط لدى المملكة لمواجهة الصفقة؟

محمود الشرعان_ مسؤولون أردنيون_ الأردن تمتلك أدوات سياسية تناور من خلالها لمواجهة تداعيات خطة السلام الأميركية_ الجزيرة نت.
مظاهرة في وقت سابق بعمان تندد باتفاقية الغاز بين الأردن وإسرائيل (الجزيرة نت)
 
تتسارع الخطوات الأردنية السياسية الساعية لمواجهة خطة السلام الأميركية، في حين يطرح بصمت داخل الغرف السياسة عدد من الأوراق بإمكان عمان الضغط بها تجاه أية قرارات أحادية تضر بها.

الموقف الصامت والمتصاعد تجاوز جدران الصالونات السياسية، بعد كشف الحكومة الإسرائيلية عن عزمها ضم غور الأردن وشمال البحر الميت، وفرض سيادتها على المنطقة.

وتنظر المملكة بعين الحذر للخطوات الإسرائيلية الرامية لضم غور الأردن، في حين تكشف مصادر أردنية رسمية للجزيرة نت عن امتلاك المملكة أوراقا سياسية وقانونية ودبلوماسية إذا تعرضت مصالحها وأمنها الوطني للتهديد.

وترى مصادر أن من المبكر الحديث عن أي إجراءات أردنية في الوقت الحالي، إلا أن الأردن قد يستخدم ما يمتلك من أدوات مفتوحة، في حال تنفيذ أي قرار لا يصب في مصلحته.

التلويح بمعاهدة السلام
"الأدوات الأردنية المفتوحة"، التي ألمحت إليها مصادر أردنية، قد تتضمن التلويح بدراسة جدوى معاهدة السلام مع إسرائيل (وادي عربة) الموقعة عام 1994، وهو ما يختلف بشأنه مسؤولون سابقون.

ويقول وزير الإعلام الأردني الأسبق محمد المومني إن "الأردن معني تماما باستخدام أوراقه بحكمة واتزان، لا سيما أنه يتعامل مع أميركا، الدولة العظمى والمانح الأكبر للمساعدات الأردنية".

ويضيف المومني للجزيرة نت أن الأردن وقع معاهدة السلام لقناعته بالسلام، وإيمانه الراسخ بالقانون الإنساني الدولي، ولأن المعاهدة تحافظ على مصالحه السيادية العليا. 

ويوضح الوزير الأسبق أنه من الطبيعي إذا عجزت المعاهدة عن تحقيق أهدافها أن يفكر الأردن في مراجعتها، أو تعليق أجزاء منها، ووقتها لن يلومه أحد، لأنه يحافظ على مصالحه العليا. 

ويتزامن الحديث عن إعادة دراسة جدوى معاهدة السلام كرد فعل جاد للتصدي للخطوات الإسرائيلية، مع الأصوات الشعبية والنيابية المطالبة بإلغاء المعاهدة، بيد أن المصادر ذاتها استبعدت التلويح بالمعاهدة في الوقت الحالي، لاعتبارات سياسية وأمنية لدى الأردن.

موقف أردني صعب
ويتزايد الحديث داخل أروقة صنع القرار في عمّان عن ضغوط دولية وعربية تتعرض لها المملكة جراء مواقفها الداعمة للقضية الفلسطينية، التي أشار إليها الملك الأردني عبد الله الثاني في أكثر من مناسبة رسمية وشعبية. 

ويؤكد الأردن موقفه الواضح أنه لن يقبل أي خطة سلام لا تتضمن حل الدولتين الذي يضمن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية المحتلة على خطوط 4 يونيو/حزيران 1967، لتعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل، وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية. 

ويؤكد وزير الخارجية الأردني الأسبق كامل أبو جابر أن موقف المملكة صعب جدا في هذا الوقت، خاصة مع وجود أزمة اقتصادية تعاني منها البلاد، وارتباط الأردن باتفاقات اقتصادية طويلة المدى مع الولايات المتحدة الأميركية، في ظل انقطاع المنح القادمة من الخليج. 

وينوه أبو جابر خلال حديثه للجزيرة نت إلى أن الأردن يناور حاليا من خلال أدواته الدبلوماسية والسياسية لمواجهة الخطة الأميركية، مستبعدا تلويح عمّان بإيقاف أو التراجع عن اتفاقية الغاز الإسرائيلي، لما لها من كلف سياسية واقتصادية.

وتعتبر المساعدات الخارجية القادمة من الولايات المتحدة أحد أهم الموارد المالية في اقتصاد الأردن، إذ يحصل على مليار وربع مليون دولار سنويا، حسب اتفاق غير ملزم وقع عام 2018، تُستخدم في خفض عجز الموازنة.

وتحدث جاريد كوشنر مستشار الرئيس الأميركي للشرق الأوسط عن موقف الأردن من خطة السلام الجديدة، وقال في تصريحات صحفية إن "الخلاف حول أين تقع عاصمة الدولة الفلسطينية في خطة السلام الأميركية لم يكن من الأساس خلافا فلسطينيا، لكن الأردن هو أثار ذلك".

ولقيت خطة السلام الأميركية (المعروفة إعلاميا بصفقة القرن) رفضا رسميا وشعبيا أردنيا، إذ احتضنت عمّان يوم السبت الجلسة الطارئة لمؤتمر اتحاد البرلمانيين العرب لمناقشة تداعيات خطة السلام. 

من جهته، يرى رئيس الديوان الملكي الأسبق جواد العناني أن الأردن يعمل دبلوماسيا بشكل مكثف لتشكيل رأي عربي دولي رافض للخطة الأميركية، الأمر الذي قد يكلفه في الوقت القادم. 

ويوضح العناني للجزيرة نت أن الأردن لا ينظر لمعاهدة السلام (وادي عربة) بعين الأهمية، فهي مجمدة على أرض الواقع، إذ إن هناك خطوات حساسة وأكثر أهمية، مثل إيقاف التبادل التجاري بين الطرفين، منوها إلى أن عمان تدرس تكلفة الصمود في وجه "صفقة القرن" للتعامل معها وفق رؤيتها، في ظل ترحيب عربي واسع بها.

ولا يتجاوز حجم التبادل التجاري بين عمان وتل أبيب مئة مليون دولار سنويا، بنسب متفاوتة.

المصدر : الجزيرة