إطلاق نار ودكات عشائرية وعبوات ناسفة.. الناصرية العراقية مدينة لا تنام

لحظة تجمع العشائر في محافظة ذي قار
تجمع عشائري في الناصرية (الجزيرة نت)
الجزيرة نت-ذي قار

قبل أيام، تعرض أحد المحامين المدافعين عن المتظاهرين في المحاكم بمحافظة ذي قار (جنوبي العراق) لمحاولة اغتيال باءت بالفشل، بعد أن أطلق مسلحون مجهولون النار عليه ولاذوا بعدها بالفرار، أمام أنظار المارة في أحد شوارع مدينة الناصرية (مركز المحافظة).

وفي مدينة الشطرة شمال الناصرية، تعرض مواطن لإطلاق نار وسط الشارع من قبل مجهولين، بسبب خلاف مالي، توفي على إثره، كما أطلق مسلحون مجهولون النار على منزل جنوب الناصرية بسبب خلاف على قطعة أرض، واستهدف مجهولون منزلين أحدهما لمعلم والآخر لناشط بقنابل يدوية، تسببت بأضرار مادية.

تتكرر هذه الحوادث في ذي قار منذ اندلاع المظاهرات الشعبية في العراق في أكتوبر/تشرين الأول، وسط صمت أمني، رغم تبليغ الجهات الأمنية عنها لاتخاذ الإجراءات المناسبة، وفي أغلب الحالات تبقى القضية معلقة حتى إشعار آخر.

ويشهد ليل المحافظة عادة نزاعات عشائرية مسلحة، أو ما تعرف محليا بـ"الدكة العشائرية"، كما تحصل حوادث اغتيال لناشطين، كذلك انتشار لعصابات الجريمة المنظمة وتجار المخدرات، واستفحال ظاهرة الثأر الشخصي التي تنتهي بعمليات قتل.

العشائر لها مكانتها الكبيرة والمؤثرة في العراق خاصة في الجنوب (الجزيرة نت)
العشائر لها مكانتها الكبيرة والمؤثرة في العراق خاصة في الجنوب (الجزيرة نت)

مشاجرات مسلحة
حصل في ذي قار ما يقارب 15 استهدافا بعبوات محلية الصنع، لناشطين ومعلمين ومواطنين ومسؤولين سابقين ومطلوبين بثأر عشائري، في حين وقعت حوالي عشرة حوادث اغتيال بعموم المحافظة أيضا.

ومنذ انسحاب عناصر الشرطة من الشوارع الرئيسية في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، اتسعت جرائم القتل والسرقة ونشط ترويج المخدرات، وإطلاق النار في المناسبات العامة.

يقول ضابط أمن إن المواجهات التي وقعت بين المتظاهرين والقوات الأمنية وسقوط قتلى وجرحى جرائها دفع الدولة لتوجيه قوات الأمن بعدم حمل السلاح، الأمر الذي ساهم في استفحال ظاهرة القتل وظهور الجماعات المسلحة.

ويضيف للجزيرة نت، أن الأجهزة الأمنية ليست غافلة، ولكن ما حدث في التظاهرات سبب إرباكا للقوات الأمنية ومنع الشرطة من تنفيذ واجباتها، وتمرد بعض العشائر في نزاعاتها التي عادت للواجهة من جديد.

جانب من إحدى المظاهرات الشعبية التي تشهدها الناصرية منذ شهور (الجزيرة نت)
جانب من إحدى المظاهرات الشعبية التي تشهدها الناصرية منذ شهور (الجزيرة نت)

النظام العام
القانون العراقي يجرم حمل السلاح الشخصي غير المرخص واستخدامه، وأقر عقوبات متباينة، وأصدر مجلس القضاء الأعلى قرارا باعتبار ظاهرة "الدكة العشائرية" جريمة إرهابية تصل أحكامها إلى عقوبات السجن المؤقت أو المؤبد أو حتى الإعدام، بحسب الأحوال، كما يقول الحقوقي علي حسين جابر للجزيرة نت.

ويضيف، لكن غياب تطبيق القانون سيجعل من القوانين بلا مخالب، من السهل انتهاكها، لا سيما أن القوانين، منها قانون أصول المحاكمات الجزائية النافذ وقانون السلامة الوطنية وكذلك قانون الادعاء العام رقم 49 لسنة 2017، ألزمت رجال الشرطة إنفاذ القانون وتطبيقه.

ويضيف جابر أنه لا يجوز لأي مكلف أمني التقاعس عن أداء واجباته بحجة عدم وجود أمر أو غير ذلك، لأن القوانين مُلزمة وهي أعلى مرتبة من التعليمات التي تصدرها الوزارات، وتعرض رجل الأمن للمساءلة القانونية والجزائية عند التقصير في الواجبات.

فقدان التوازن
واعتبر الناشط حسين الغرابي، أن استمرار التدهور الأمني من خلال تغيير قيادات أمنية بقرار غير مدروس، خاصة إذا كان بعض القيادات متحزبة، من شأنه زيادة الأمر سوءا.

من جهته، بين شيخ إحدى قبائل ذي قار محمد العبودي أن هناك عشائر لا تخشى السلطة، وعمدت إلى تجهيز نفسها بالسلاح على مدى أشهر خشية انهيار الأوضاع الأمنية، خاصة بعد العنف الذي شهدته مظاهرات الناصرية.

وفي حديث للجزيرة نت، قال إن العشائر جزء مساند للقوات الأمنية ولها مواقف كثيرة تؤكد ذلك وبرزت مؤخرا في ساحات التظاهر، وإن هناك عشائر تحاول استغلال الأوضاع الراهنة لتصفية حساباتها، وهو أمر مرفوض بين القبائل الكبيرة بالمحافظة، وتدعو القوات الأمنية لأخذ دورها لمحاسبة من يحاول الإخلال بالأمن، وفق قوله.

المصدر : الجزيرة