بعد 19 عاما من التدخل الأميركي.. اتفاق الدوحة يدشن مرحلة جديدة في تاريخ أفغانستان

Mullah Abdul Ghani Baradar, the leader of the Taliban delegation, signs an agreement with Zalmay Khalilzad, U.S. envoy for peace in Afghanistan, at a signing agreement ceremony between members of Afghanistan's Taliban and the U.S. in Doha, Qatar February 29, 2020. REUTERS/Ibraheem al Omari
الملا عبد الغني برادار نائب الشؤون السياسية لحركة طالبان والمبعوث الأميركي زلماي خليل زاد وقعا الاتفاق (رويترز)
محمد بنكاسم-الدوحة 
 

بتوقيع الولايات المتحدة وحركة طالبان الأفغانية اليوم السبت في العاصمة القطرية الدوحة اتفاقا للسلام عقب مفاوضات شاقة، تكون أفغانستان قد دخلت مرحلة جديدة بعد أربعة عقود من الحروب المتعاقبة، و18 عاما من التدخل العسكري الأميركي في البلاد عقب الإطاحة بحكم طالبان.

وشكل الحضور الدولي والتغطية الإعلامية الواسعة لتوقيع اتفاق السلام مؤشرا على نجاح الوساطة في تحويل طرفين تحاربا لسنوات طويلة إلى شريكين في تحقيق اختراق جوهري، من شأنه إنهاء دوامة الحرب التي كانت لها آثار كارثية على الشعب الأفغاني.

ورغم أن توقيع اتفاق الدوحة هو خطوة تاريخية، فإن تحقيق السلام الشامل والدائم دونه العديد من العقبات، وعلى رأسها جلوس القوى الأفغانية على طاولة الحوار وتقديم تنازلات لتحقيق المصالحة الداخلية وطي صفحة الحرب.

وكان لافتا أن اتفاق الدوحة وفر ضمانات وآليات تنفيذية للمطلبين الأساسيين لحركة طالبان والولايات المتحدة، فالطرف الأول يلح على أن انسحاب القوات الأجنبية هو الشرط الأساسي لإنهاء معاناة الأفغان واتفاق الأطراف الأفغانية على خريطة طريق لمستقبل البلاد، في حين ما يهم واشنطن هو أن تقطع طالبان صلاتها مع الحركات التي تصفها أميركا بالإرهابية وتمنع استخدام الأراضي الأفغانية لشن هجمات على أميركا وحلفائها.

مواضيع أساسية
وقال المتحدث باسم المكتب السياسي لحركة طالبان وعضو فريق التفاوض سهيل شاهين للجزيرة نت إن المباحثات الأفغانية الداخلية ستتطرق إلى مواضيع أساسية، من قبيل الاتفاق على تشكيل حكومة جديدة ودستور جديد، فضلا عن إصلاحات الأجهزة الأمنية.

وأضاف شاهين أن اتفاق الدوحة "إنجاز مهم للغاية لأنه بناء عليه ستنسحب جميع القوات الأجنبية في غضون 14 شهرا، وسندخل في مرحلة أخرى وهي مفاوضات بين الأفغان ونتحدث خلالها عن مستقبل أفغانستان وكيف يمكن تشكيل الحكومة بالوسائل السلمية".

وأوضح أن الحوار الأفغاني الأفغاني سوف يبدأ بعد اتفاق اليوم، وستكون هناك فترة لتنفيذ إجراءات لبناء الثقة، ومنها إطلاق سراح 5 آلاف سجين لطالبان لدى حكومة كابل، وألف سجين للحكومة لدى طالبان.

‪سهيل شاهين: اتفاق الدوحة إنجاز مهم للغاية‬ (الجزيرة)
‪سهيل شاهين: اتفاق الدوحة إنجاز مهم للغاية‬ (الجزيرة)

وقال شاهين إنه لم يتم الاتفاق بعد على استضافة الدوحة للحوار، وإنه سيجري تحديد ذلك قريبا، مؤكدا أن المكتب السياسي لطالبان في الدوحة سيواصل عمله بشكل طبيعي.

وكان لافتا تصريح وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، في المؤتمر الصحفي الذي أعقب توقيع الاتفاق، بأن بلاده أدركت أن إرساء السلام الشامل والدائم في البلاد يجب أن يصنعه الأفغانيون أنفسهم.

وشدد بومبيو على أن بلاده ستراقب عن كثب مدى التزام طالبان بتعهداتها المنصوص عليها في الاتفاق، وعلى رأسها عدم السماح باتخاذ أفغانستان منطلقا لشن هجمات إرهابية على أميركا وحلفائها، وأضاف أن واشنطن ستنفذ مراحل الانسحاب التدريجي تبعا لما ستقوم بها طالبان.

وأضاف بومبيو أن الاتفاق المبرم في الدوحة يوفر المناخ لكي تنخرط كل القوى الأفغانية في حوار لتحديد مستقبل البلاد، محذرا طالبان من أن تصعيد العنف سيؤدي إلى إفشال أي مساع لتحقيق السلام في البلاد.

‪بومبيو يلقي كلمة خلال حفل التوقيع‬ (رويترز)
‪بومبيو يلقي كلمة خلال حفل التوقيع‬ (رويترز)

مرحلة جديدة
واتسم توقيع اتفاق السلام بحضور ممثلين عن المجتمع المدني في أفغانستان، ومنهم الكاتب والأستاذ في جامعة كابل فايز زلاند، الذي قال في تصريحات صحفية إن توقيع اتفاق اليوم سيفتح مرحلة جديدة في تاريخ أفغانستان والمنطقة، وسيعزز الأمن الإقليمي والدولي.

وحسب زلاند فإن الحضور الدولي الكبير في توقيع الاتفاق هو بمثابة ضمانة لتنفيذ الطرفين التزاماتهم المنصوص عليها في الاتفاق، مضيفا أن العالم سيراقب ما سيجري في أفغانستان.

ويضيف الأستاذ الجامعي أن الخطوات الموالية لتوقيع اتفاق اليوم هي التبادل الجزئي للأسرى، وتمديد التهدئة الحالية بين طالبان والقوات الأفغانية والأميركية، ودخول الأطراف الأفغانية في المفاوضات، مشددا على أن الدور الأميركي والدولي أمر مطلوب جدا لتحقيق المصالحة الأفغانية الداخلية.

المصدر : الجزيرة