فلسطينيو 48 والكنيست.. تحالف المشتركة ودعوات المقاطعة

بوستر يحمل 16 مرشحا عن القائمة المشتركة، حيث تمنحها الاستطلاعات الحصول على 14 إلى 16 مقعدا. من تصوير الطاقم الإعلامي للقائمة المشتركة وصلتني كصحافي مشارك بالصور والبيانات الصادرة عن تحالف المشتركة".
16 مرشحا عن القائمة المشتركة (الجزيرة)

محمد محسن وتد-أم الفحم

بين مشارك ومقاطع للعبة السياسية في البرلمان الإسرائيلي، تتجه القائمة المشتركة الممثلة بـ13 نائبا إلى تعزيز قوتها بـ16 نائبا، حيث يحق لمليون من فلسطينيي 48 التصويت بانتخابات الكنيست التي ستجري في الثاني من الشهر المقبل.

وساهم تعديل قانون أساس الكنيست في 2014 برفع نسبة الحسم في انتخابات الكنيست، من 2% إلى 3.25%، في دخول الأحزاب والحركات العربية الممثلة بالبرلمان الإسرائيلي بمفاوضات للوحدة والتحالف، علما أن هذا التعديل يمس بشكل رئيسي الأحزاب السياسية العربية التي لا يمكنها بشكل منفصل تجاوز هذه النسبة.

وشكل شهر يناير/كانون الثاني 2015 محطة فاصلة في تاريخ التمثيل العربي في الكنيست للأحزاب التي تشارك في الانتخابات، حيث خاض تحالف المشتركة الانتخابات التشريعية الـ20 وحصل على 13 مقعدا، بعد أن اقتصر تمثيل الأحزاب العربية دون التحالف على تسعة مقاعد.

ورغم تعزيز قوة المشتركة من خلال التحالف الانتخابي الذي ثبت هشاشته في انتخابات أبريل/نيسان 2019، حيث انقسمت المشتركة وخاضت الانتخابات بقائمتين توقف تمثيلها على عشرة مقاعد، فإن موضوع المشاركة والمقاطعة يبقى مثارا للجدل، علما أن معدلات المشاركة بالتصويت لا تتعدى 60% من أصحاب حق الاقتراع بالداخل الفلسطيني.

ما الأحزاب المركبة للقائمة المشتركة؟
تتألف القائمة المشتركة من تحالفات مؤلفة من حزب الجبهة الديمقراطية، والحزب الشيوعي الإسرائيلي، والتجمع الوطني الديمقراطي، والقائمة الإسلامية الموحدة والحركة العربية للتغيير، وتجمع في ثناياها التيار الشيوعي ودعاة التعايش العربي اليهودي، والتيار القومي العلماني إلى جانب الموحدة التي تمثل الحركة الإسلامية الجنوبية.

ومع تعزيز تمثيلها البرلماني، تتطلع المشتركة في هذه المرحلة لمضاعفة الحضور النسائي العربي في الكنيست الممثل بالنائبتين عايدة توما وهبة يزبك، وسعيا لتطوير النضال من أجل حقوق المرأة، تتوجه المشتركة للنساء العربيات باستغلال القوة الهائلة التي يمتلكنها، فمن خلال أصواتهن سيتضاعف تمثيلهن بدخول المرشحتين سندس صالح وإيمان ياسين.

هل تحالف المشتركة إستراتيجي أو محطة لعبور الكنيست؟
في انتخابات الكنيست الـ22 التي جرت في أبريل/نيسان 2019، تفككت المشتركة وتم خوض الانتخابات البرلمانية في قائمتين منفصلتين، إحداها تضم الجبهة الديمقراطية والعربية للتغيير والثانية تضم الحركة الإسلامية الجنوبية والتجمع الوطني.

ومع ازدياد واتساع دائرة حركة المقاطعة بلغت نسبة التصويت بانتخابات أبريل/نيسان في صفوف المواطنين العرب 49%، حيث حصل تحالف الجبهة والتغيير على ستة مقاعد، بينما تحالف الموحدة والتجمع على أربعة مقاعد، أقل بثلاثة مقاعد عن مجمل ما حصلوا عليه في تحالف المشتركة بالسابق، لتعود المشتركة بتحالف موحد في انتخابات سبتمبر/أيلول 2019 وتحصل على 13 مقعدا.

 

‪جبارين: يجب إعادة بناء الجماهير العربية تحت مظلة لجنة المتابعة العليا‬ (الجزيرة)
‪جبارين: يجب إعادة بناء الجماهير العربية تحت مظلة لجنة المتابعة العليا‬ (الجزيرة)

ما أهمية وجدوى التمثيل العربي في الكنيست؟
يولي النائب عن القائمة المشتركة، الدكتور يوسف جبارين، وهو أستاذ في القانون الدولي، أهمية قصوى لتمثيل الأقليات في برلمانيات بلادها، ويعتقد أن الاهتمام بالتمثيل العربي بالكنيست يجب أن يكون مضاعفا لفلسطينيي 48 باعتبارهم أصحاب الأرض الأصليين.

ويرى جبارين الممثل عن حزب الجبهة، الكنيست منصة سياسية للنضال وتحقيق الحقوق لفلسطينيي 48 ونصرة للشعب الفلسطيني وقضاياه، لكنه يؤكد أنه منبر من مجمل منابر وساحات النضال والعمل الجماهيري، الذي يلتقي أيضا مع التيارات والحركات التي تدعو للمقاطعة.

كيفية التوافق بين المشتركة وتيار المقاطعة؟
يشدد جبارين على ضرورة العمل والبحث معا عن بدائل إلى جانب العمل البرلماني، من خلال إعادة بناء الجماهير العربية تحت مظلة لجنة المتابعة العليا، وذلك بالتوازي مع العمل والنشاط البرلماني للأحزاب والحركات المشاركة بالانتخابات.

الموقف ذاته، عبر عنه النائب عن التجمع الوطني سامي أبو شحادة، وهو أول فلسطيني من يافا يدخل الكنيست الإسرائيلي، حيث شدد على ضرورة بناء مشروع وحدوي للجماهير العربية بالداخل الفلسطيني خارج الكنيست أيضا، تكون ركيزته تجربة المشتركة، على أن يجمع المشروع مختلف الحركات والتيارات السياسية والقوى الوطنية والإسلامية والحركات المقاطعة للعمل البرلماني في الكنيست.

 

‪أبو شحادة: ضرورة بناء قاعدة مشتركة للوحدة داخل وخارج الكنيست‬  (الجزيرة)
‪أبو شحادة: ضرورة بناء قاعدة مشتركة للوحدة داخل وخارج الكنيست‬  (الجزيرة)

مشاركة أم مقاطعة؟
إلى جانب المشاركة في الانتخابات، يؤكد أبو شحادة ضرورة العمل والتوافق مع التيارات والحركات المقاطعة، التي تعتبر ركيزة في العمل السياسي والجماهيري بالداخل، مع المشاركة في الانتخابات والحفاظ على تمثيل عربي وطني بالكنيست ليكون رافعة لتثبيت وجودنا في الوطن وحضورنا في كل محفل لمواجهة إسرائيل وسياساتها تجاه الشعب الفلسطيني.

ويعتقد أنه في ظل المتغيرات يجب أن يحدث تغيير جوهري بكل ما يتعلق بالوزن السياسي والانتخابي لفلسطينيي 48، مؤكدا أنه على الرغم أن الحديث يدور عن أقلية بقيت في وطنها بعد أن هجر غالبية شعبها وما زالت تناضل لنيل الحرية والاستقلال والحقوق، فإن هذه الأقلية مليون صوت يمكنها الوصول إلى 16 مقعدا حتى في ظل المقاطعة المبدئية مع التأكيد على ضرورة بناء قاعدة مشتركة للوحدة السياسية والوطنية تضم مختلف ألوان الطيف السياسي الفلسطيني بالداخل.

ومع سعي تحالف المشتركة لتعزيز قوته ونفوذه في انتخابات الكنيست المقبلة، عبر الحصول على 16 مقعدا، ما يعني استحالة حصول نتنياهو، الذي يواجه محاكمة بملفات فساد، على ثقة 61 عضو كنيست وبالتالي عدم قدرته على تشكيل حكومة يمين ضيقة، تتعالى الأصوات ويزداد نشاط التيارات والحركات التي تدعو للمقاطعة، وهذه الحركات ممثلة بالحركة الإسلامية برئاسة الشيخ رائد صلاح، المحظورة إسرائيليا، وحزب الوفاء والإصلاح، وهو حزب سياسي جماهيري غير برلماني، وحركة أبناء البلد، وهي حركة تحرر وطني، وحركة كفاح، وهي تعرف نفسها بالحركة الوطنية الفلسطينية في الداخل.

لماذا المقاطعة، وما الخيارات والبدائل لتنظيم فلسطينيي 48؟
يجزم القيادي في الحركة الإسلامية عضو حزب الوفاء والإصلاح، المحامي زاهي نجيدات، أن الكنيست ومنذ النكبة لم يحق حقا لفلسطينيي 48 وكان ماكينة للتشريعات العنصرية ضدهم وضد وجودهم في وطنهم، بل إن الغالبية من أبناء الدخل لا يثقون باللعبة السياسية الإسرائيلية ولا بجدوى البرلمان الإسرائيلي ولا يعولون عليه لنصرة حقوقهم.

 

‪نجيدات: الكنيست لن يرفع الظلم عن الفلسطينيين ولن يحرر القدس‬  (الجزيرة)
‪نجيدات: الكنيست لن يرفع الظلم عن الفلسطينيين ولن يحرر القدس‬  (الجزيرة)

ويعتقد نجيدات أن نشاط تيار المقاطعة بهذه المرحلة المفصلية التي تمر بها القضية الفلسطينية وتحديات "صفقة القرن" والسلام الأميركي المزعوم في الشرق الأوسط، يحتم على الداخل الفلسطيني الذي عاش ويعيش ويعاني تجربة السياسة الإسرائيلية أن يرفع صوته عاليا ليبني. ويؤكد أن الكنيست لن يرفع الظلم عن الفلسطينيين ولن يحرر القدس ولن يسهم باستقلال فلسطين.

وعن البدائل، يؤكد نجيدات ضرورة التمسك بالثوابت الوطنية والخطاب السياسي الوحدوي، بالذات في هذه المرحلة التي يشهد بها الخطاب السياسي الفلسطيني بالداخل هبوطا حادا وخطرا وانحسارا نحو الأمور المطلبية والخدماتية بفعل الانغماس بلعبة البرلمان الإسرائيلي.

وبعيدا عن منبر الكنيست الإسرائيلي، يعتقد القيادي بالوفاء والإصلاح أن البديل هو إعادة بناء الجماهير العربية وانتخاب لجنة متابعة عليا مباشرة من فلسطينيي 48 كنموذج لبرلمان يدير شؤونهم ويتابع قضاياهم من خلال إنشاء صندوق قومي عربي من تبرعات أموال الداخل الفلسطيني، وكذلك إعادة بناء المؤسسات الأهلية وجمعيات العمل المدني على أسس وطنية سليمة ركيزتها يكون العمل الشعبي والجماهيري.

المصدر : الجزيرة