جدّد انفتاح قطر على الحوار.. العطية: مفهوم الدولة الصغيرة القديم لم يعد مطروحا

العطية أكد أن الغرض من الحصار تركيع قطر من خلال حرب هجينة وهمجية متعددة الأوجه (الجزيرة نت)
العطية (يسار) تحدث عن حصار قطر والواقع الذي فرضه (الجزيرة نت)

محمد الشياظمي-الدوحة

جدّد نائب رئيس مجلس الوزراء القطري وزير الدولة لشؤون الدفاع خالد بن محمد العطية دعوة دول حصار قطر للحوار والتفاوض من دون شروط لإنهاء الأزمة، متحدثا عن تغير مفهوم "الدولة الصغيرة" إستراتيجيا. 

وأكد العطية في ندوة بجامعة جورج تاون بالدوحة مساء أمس الثلاثاء بعنوان "أمن الدول الصغيرة.. قطر والدروس المستفادة بعد ألف يوم من الحصار"، أن أي خطوة إيجابية من قبل دول الحصار سنقابلها بخطوتين، لكننا لن نستسلم للترهيب أو أي شروط.

وأوضح أن ما عاشته قطر يصعب على أي دولة أن تعيش مثله، وعوض تسميتها بألف يوم من الحصار يجب أن نسميها ألف يوم من النصر، وذكر أن ما أثر فينا لم يكن الحصار بقدر ما آلمتنا الخيانة التي لم نتعود عليها وليست في حمضنا النووي، وأن ما تسببت به دول الحصار من شرخ للنسيج الاجتماعي الخليجي سيحتاج أجيالا لتجاوزه.

وقال العطية إن دول الحصار اليوم ليست لديها النية للحوار، كما أنها لا تريد خروج قطر من مجلس التعاون ليس حبا في المجلس، بل لأن قطر تضمن لهم الحماية من الملاحقات القضائية والقانونية الدولية لما ارتكبوه بحق قطر، وبقاؤها داخله عذر لهم بأن كل الخلافات يمكن حلها داخل المجلس وليس خارجه.

وأضاف "هم يريدون أن يحاصرونا 50 عاما كما حوصرت كوبا"، ودول الحصار لديها مخاوف من تحوّل قطر إلى هونغ كونغ أو سنغافورة، وهي ماضية في التطور والابتكار.

العطية أكد أن ما حدث لقطر لم يؤثر عليها وحدها فقط، بل مسّ العالم أجمع(الجزيرة نت)
العطية أكد أن ما حدث لقطر لم يؤثر عليها وحدها فقط، بل مسّ العالم أجمع(الجزيرة نت)

بدايات الحصار
وأشار العطية إلى اللحظات الأولى لبدء الحصار على قطر، وقال إن الغرض منه كان تركيع قطر من خلال حرب هجينة وهمجية متعددة الأوجه، ابتدأت سيبرانيا واجتماعيا، وحشدت لها كافة الأدوات والوسائل، لكن قيادة قطر واجهت ذلك بحكمتها، ومن خلال "مثلث ذهبي" يضم أيضا الحلفاء والأصدقاء الذين رفضوا ما تعرضنا له واجهت "مثلثا شريرا" أراد كسر قطر من الداخل، دون إغفال الالتحام الداخلي ودور المواطنين والمقيمين في مواجهة ذلك العدوان، وكل هذا مكّننا من تجاوز الحصار.

واندلعت الأزمة الخليجية إثر قطع السعودية والإمارات والبحرين ومصر في 5 يونيو/حزيران 2017 علاقاتها مع قطر، بالإضافة إلى فرض حصار بري وجوي، عقب حملة افتراءات وأكاذيب، قالت الدوحة إن هدفها المساس بسيادتها واستقلالها.

وأشار العطية إلى أن 72 ساعة كانت كافية للتكيف مع تحدي الواقع الذي فرضه الحصار، حيث أرسل الأصدقاء من مختلف دول العالم البضائع ولبوا كافة الاحتياجات التي غص بها ميناء حمد، واليوم الشعب القطري حي وحكومته قفزت قفزات عملاقة نحو المستقبل، وحققت اكتفاءها من كافة المنتجات، وستواصل قطر تحقيق رؤيتها الوطنية 2030.

وقال إنه خلال شهور قليلة قادمة سيعلن عن مشروع إستراتيجي مهم في قطر، مشيرا إلى أن أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أعطى توجيهاته في هذا الشأن.

أمن الدول الصغيرة
وتحدث العطية عن الدول الصغيرة وطرق تحديدها انطلاقا من الحدود الجغرافية وعدد السكان والقوة العسكرية، واعتبر أنه في ظل السياسات المعاصرة لم تعد هذه المعايير حاسمة لتصنيف الدول، إذ هناك القوة الناعمة وقوة الردع، اللتان تلعبان دورا مهما في إعادة تعريف الدول أهي صغيرة أم كبيرة، إلى جانب العاملين الاقتصادي والاجتماعي، وبالتالي يمكن القول إن الفهم القديم المرتبط بالدول الصغيرة لم يعد مطروحا حاليا.

لحظة تكريم العطية من طرف عميد جامعة جورج تاون بالدوحة(الجزيرة نت)
لحظة تكريم العطية من طرف عميد جامعة جورج تاون بالدوحة(الجزيرة نت)

وعبّر عن إيمانه بضرورة تعزيز القوة الناعمة والرادعة التي لا تحصر فقط في الإعلام، بل أيضا في الخطط الاقتصادية والاجتماعية الشاملة، وما يستتبع ذلك من تثقيف للشعب ورفع الوعي لديه لتحصينه وتعزيز مناعته، وخلق رؤى مستنيرة قادرة على مواجهة التحديات.

وقال إن ما حدث لقطر لم يؤثر عليها وحدها فقط، بل مس العالم أجمع، إلا أنها حرصت رغم ظروف الحصار على طمأنة العالم وتلبية احتياجاته من الغاز الطبيعي بما يمثل 30% من الإنتاج العالمي، وهذا ليس للحلفاء والأصدقاء فقط، بل حتى دول العدوان أظهرنا لهم التزامنا بمواصلة مدّهم بالطاقة، وقد كانت توجيهات القيادة في قطر حاسمة، ما دام أن المستشفيات تعمل بالغاز فإنه لا يمكن الإضرار بالشعوب في هذه الحالة، وغلبنا المنطق الإنساني.

وقال العطية إن الخطأ الذي ارتكبته دول الحصار عندما دعت الولايات المتحدة الأميركية للقمة الإسلامية الأميركية بالرياض أنها تناست أن أميركا دولة مؤسسات، وأنها دولة حليفة وعلاقاتنا مع الأصدقاء هناك ممتازة، سواء في وزارة الخارجية أو الكونغرس أو في البيت الأبيض، وبالتالي أجهضت خططهم لتركيع قطر وجعل شروطهم الـ13 لا تحقق أي نجاح.

ولفت إلى أن قطر لا تتبع سياسة المحاور، بل استطاعت أن تخلق أرضية للحوار للأطراف التي لا تنتمي إلى المحاور، معززة بذلك انفتاحها على العالم الخارجي ودورها كوسيط موثوق به، وأحد أمثلة هذا قرب التوقيع عن اتفاق سلام بين أميركا وحركة طالبان، رغم ما بذلته بعض الأطراف من أجل إفشال جهود تحقيق السلام بسبب أن قطر تتبنى تلك الجهود وتؤلف بين الأطراف، وهذه إحدى وسائل القوة الناعمة التي لدى قطر.

المصدر : الجزيرة