شل الحياة وأربك الجيران.. "المرض الصيني" يبث الهلع في إيران

بلدية طهران تتخذ إجراءات إحترازية للحد من تفشي فيروس كورونا (الصحافة الإيرانية) copy.jpg
بلدية طهران اتخذت إجراءات إحترازية للحد من تفشي فيروس كورونا المستجد (الصحافة الإيرانية)

الجزيرة نت-طهران

بعد تعليق الدراسة في العديد المحافظات الإيرانية إثر تزايد عدد الوفيات والإصابات بفيروس كورونا المستجد، شددت السلطات إجراءاتها الاحترازية للوقاية من تفشي الوباء الجديد، في حين ضرب "شلل كبير" المدن الكبرى.

وما إن أغلقت مراكز الاقتراع في الانتخابات التشريعية الأخيرة، حتى تسابقت وسائل الإعلام ومواقع التواصل في نشر أنباء عن ضحايا فيروس كورونا المستجد وتداعياته على حياة المواطنين، التي بدأت تتأثر شيئا فشيئا جراء "المرض الصيني" كما يصفه الإيرانيون.

وارتفعت حصيلة الوفيات الناتجة عن الفيروس في إيران حتى صباح اليوم إلى 12، بعد تسجيل وفاة خمسة أشخاص جدد، في حين ارتفع إجمالي الإصابات إلى 47، مما دفع عددا من دول الجوار إلى إغلاق منافذها الحدودية مع إيران.

وأثار قرار دول الجوار ردود فعل شعبية منددة بسبب عدم وضع السلطات الإيرانية المناطق الموبوءة تحت الحجر الصحي، وهو ما دفع تلك الدول لتضع "إيران بأكملها تحت الحجر الصحي"، وفق تغريدة للباحث والناشط سياوش فلاح بور.

خسائر اقتصادية
وفي إطار جهودها لمكافحة انتشار الفيروس، علقت السلطات الإيرانية الدراسة في العديد من المحافظات، لا سيما مدينة قم التي بدأ منها انتشار الفيروس لفترات تتراوح بين يومين وأسبوع، فضلا عن إرجاء المسابقات الرياضية وإلغاء جميع الأنشطة الفنية.

‪عامل في بلدية أصفهان خلال تعقيم مقصورات القطار‬  (الصحافة الإيرانية)
‪عامل في بلدية أصفهان خلال تعقيم مقصورات القطار‬  (الصحافة الإيرانية)

وتجاوز قرار الإغلاق المؤسسات التعليمية والرياضية إلى الأماكن العامة الثقافية مثل دور السينما والمسارح. 

وتكبد قطاع السياحة خسائر كبيرة جراء إلغاء العديد من الحملات السياحية التي كانت مقررة بعد ثلاثة أسابيع لقضاء عطلة رأس السنة الإيرانية.

وفضلا عن تراجع عدد الرحلات الجوية بين إيران وبعض الدول الأجنبية، بعد تأكيد إصابة المسافرين القادمين من إيران في لبنان وكندا وتركيا، أكد الباحث الاقتصادي ميثم رادبور أن تداعيات الفيروس على الاقتصاد الإيراني ستكون محدودة بسبب العقوبات التي تقيد المبادلات التجارية مع الدول الأجنبية.

وأشار إلى أن الاقتصاد الإيراني الذي ينطوي على نفسه ويشهد ركودا منذ فترة بسبب العقوبات الأميركية، لن يتأثر كثيرا حتى جراء تراجع أسعار النفط بسبب انخفاض صادراته للخارج.

إجراءات وقائية
ورغم طرح خيار وضع العاصمة طهران ومدينة قم تحت الحجر الصحي، فإن وزارة الصحة أحجمت حتى الآن عن تنفيذ الخطة ولم تغلق العتبات المقدسة في ربوع البلاد، مما أثار انتقادات واسعة لعدم اتخاذ خطوات عملية للحد من انتشار الفيروس.

كما حددت الوزارة عددا من المستشفيات لتقديم الخدمات للموبوئين في جميع المحافظات، 14 منها في العاصمة طهران.

وفي السياق، نصحت السلطات مواطنيها بالبقاء في بيوتهم وعدم التردد على المناطق العامة إلا للضرورة القصوى وبعد اتخاذ التدابير الوقائية اللازمة، كما بدأت توزيع الكمامات ووضع السوائل المعقمة في محطات المترو والأماكن العامة الأخری.

من جانبه، أعلن عمدة العاصمة بيروز حناتشي أن الأماكن العامة في طهران بما فيها حافلات النقل العام ومحطات قطار الأنفاق ومقصورات المترو، تغسل وتعقم كل ليلة للحد من تفشي الفيروس.

كما اتخذت وزارة الصحة إجراءات وقائية في المطارات والمنافذ الحدودية، لتشخيص المشتبه بإصابتهم بالفيروس القاتل ووضعهم تحت الحجر الصحي لفترة أسبوعين.

لجنة مختصة
وفي حين أصدر الرئيس حسن روحاني أمرا رئاسيا بتشكيل لجنة وطنية لمكافحة تفشي الفيروس، كشفت مينو محرز عضو اللجنة الوطنية للأمراض المعدية بوزارة الصحة عن فرضية انتقال الفيروس عن طريق عمال صينيين في مدينة قم، كما أكد وزير الصحة سعيد نمكي أن إحدى الوفيات في المدينة كان تاجرا سبق أن زار الصين عبر دولة ثالثة.

‪إيرانيون يرتدون أقنعة خشية الإصابة بالفيروس‬  (الصحافة الإيرانية)
‪إيرانيون يرتدون أقنعة خشية الإصابة بالفيروس‬ (الصحافة الإيرانية)

في السياق، وجه نائب رئيس لجنة الصحة بالبرلمان الإيراني محمد حسين قرباني، أصابع الاتهام إلى الخطوط الجوية لعدم الامتثال لنصائح وزارة الصحة بتعليق الرحلات من وإلى الصين، مؤكدا أن الفيروس دخل إيران جراء استمرار الرحلات من الصين وآسيا الشرقية.

ولم يقف الفيروس عند عامة الشعب بل كثرت الأخبار مؤخرا عن إصابة المسؤولين في إيران بالوباء الجديد، ومنهم رئيس بلدية المنطقة 13 وأحد مساعدي رئيس بلدية المنطقة 15 بالعاصمة طهران ومنتخبي دائرة رشت في الانتخابات التشريعية الأخيرة علي آقا زاده ومحمد علي رمضاني، فضلا عن عدد آخر من الكوادر الطبية وبعض الریاضیین.

نفاد الكمامات
ورغم إغلاق عدد من الصيدليات التي استغلت حاجة الناس للأقنعة والسوائل المعقمة لرفع أسعارها، فإنه لا تزال هناك حاجة كبيرة لهذه المواد الصحية وتكاد تكون معدومة في الكثير من المناطق خاصة الفقيرة منها. كما تحدث الإعلام الرسمي عن ضبط عدد من المستودعات في طهران وقم كان یستغلها أصحابها لاحتكار الأقنعة.

‪البلديات في إيران تواضب على تعقيم مقصورات المترو كل ليلة‬ (الصحافة الإيرانية)
‪البلديات في إيران تواضب على تعقيم مقصورات المترو كل ليلة‬ (الصحافة الإيرانية)

أما في المناطق الراقية شمالي العاصمة، تعرض الكمامات بأسعار السوق السوداء وقد يبلغ سعرها مئات أضعاف سعرها الحقيقي.

ويتراوح سعر علبة أقنعة الأطفال من نحو دولارين قبل تفشي فيروس كورونا إلى نحو 10 دولارات في اليوم الأول من إعلان وفاتين بالوباء في قم، ثم ارتفع إلى 20 دولارا حتى الليلة الماضية في منطقة سعادت آباد شمالي طهران.

المصدر : الجزيرة