مصر.. لماذا أثارت إجراءات مواجهة "كورونا" غضب الأهالي والأطباء؟

تجمهر الأهالي أمام مستشفى النجيلة بمطروح احتجاجا على قرار إخلائه رغم كونه الوحيد الذي يخدم أهالي المدينة
الأهالي تجمهروا أمام مستشفى النجيلة بمطروح احتجاجا على قرار إخلائه وتحويله لحجر صحي (مواقع التواصل الاجتماعي)
محمد عبد الله-القاهرة

تجددت الانتقادات الموجهة إلى وزيرة الصحة المصرية هالة زايد إثر إعلانها تخصيص مستشفى النجيلة المركزي غرب مدينة مرسى مطروح (شمال)، لاستقبال المصريين الراغبين في العودة من الصين، وتحويلها إلى حجر صحي تحسبا لوجود حالات مصابة بفيروس "كورونا".

وأثار القرار غضب الأهالي والأطباء على حد سواء، فسكان المدينة الواقعة غربي العاصمة القاهرة، يشعرون بالذعر لوجود المستشفى وسط منطقة سكنية وبجوار سوق تجاري، بينما يتهم الأطباء الوزارة بخداعهم من خلال تعاقدها مع أطباء للعمل هناك دون علمهم بطبيعة المهمة مسبقا.

وتفقدت الوزيرة مستشفى النجيلة المركزي مرتين خلال 48 ساعة في زيارتين سريتين لم يعلن عنهما، تنقلت خلالهما بين المستشفى والفندق المجاور، قبل أن تعلن بشكل مفاجئ -ودون مشاورة مع النواب الممثلين للمحافظة أو حتى إدارة الصحة- إخلاء المستشفى بالكامل.

وأثارت الوزيرة غضب الأطباء ونقابتهم وأهالي منطقة النجيلة، ونواب الدائرة الانتخابية، بسبب عدم التعامل مع الموقف بشفافية ووضوح، وفرض سياسة الأمر الواقع عليهم، دون مناقشة أو مساحة للحوار، وتوضيح استعدادات الوزارة في مواجهة الفيروس للتعامل معها بإيجابية.

وصرح المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء المصري الخميس الماضي، بأن رئيس الوزراء مصطفى مدبولي تواصل مع سفير مصر في الصين، الذي خاطب السلطات الصينية، وحصل منها على الموافقة على ترتيب عودة من يرغب من المصريين المقيمين في مدينة "ووهان".

وأعلنت وزيرة الصحة المصرية حينها أنه يتم تجهيز حجر صحي لاستيعاب المصريين العائدين من الصين وجميع المتعاملين معهم، مع إمداد الحجر الصحي بجميع الأجهزة والمستلزمات الطبية والأطقم الطبية المختصة، واتخاذ الإجراءات اللوجستية اللازمة لتوفير سبل الإعاشة والإقامة لمدة (14) يوما، دون توضيح مكان الحجر الصحي، وكيفية ندب الأطباء إليه.

آخر من يعلم
الأمين العام لنقابة الأطباء إيهاب الطاهر، أكد صحة ما أثير عبر وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي، من أن بعض الأطباء غرر بهم ولم يكن لديهم علم بطبيعة المهمة الموكلة لهم، قائلا "بعض الأطباء ذهبوا إلى هناك دون أن يعرفوا تفاصيل وجودهم هناك".

وأوضح في تصريحات للجزيرة نت، أنه بعد انتشار الخبر تراجعت الوزارة وخيرت الأطباء هناك بين الرجوع أو البقاء، وبعضهم اختار المكوث والبعض الآخر قرر العودة، وتم حل المشكلة، ولكنه استدرك بأنه لم يكن من المفترض أن يحدث ذلك منذ البداية.

ورأى أن الجميع يدرك أن هناك مشكلة صحية تتطلب تضافر الجهود، فمن باب أولى أن تكون هناك شفافية، وهناك خطوات كان لا بد من اتباعها مثل إعلام الأطباء بطبيعة المهمة الموكلة لهم، ثم تدريبهم بشكل صحيح للتعامل مع المرض، حتى يكون الطبيب مطمئنا.

غضب الأهالي
أما على المستوى الشعبي، فقد تناقلت وسائل إعلام مصرية وشبكات التواصل الاجتماعي اعتراض أهالي منطقة النجيلة على تحويل المستشفى المركزي الخاص بهم، والوحيد في المنطقة التي تبعد نحو سبعين كيلومترا عن مدينة مطروح، إلى مكان حجر صحي للعائدين من الصين.

وأعربوا عن غضبهم بسبب عدم إبلاغهم بإخلاء المستشفى قبل يومين، وأبدوا مخاوفهم من وجود أو اكتشاف حالات مصابة بفيروس كورونا، وانتقال العدوى لهم، كون المستشفى يقع وسط بلدتهم، ويهدد حياة آلاف المواطنين، مطالبين السلطات بالعدول عن قرارها.

في هذا الصدد، أكد أحد الصحفيين طلب عدم ذكر اسمه للجزيرة نت، أن اختيار المستشفى كان مفاجئا للأهالي، وأن هناك حالة امتعاض وغضب بينهم بسبب عدم مكاشفتهم ومصارحتهم بحقيقة الأمر، إلا أن هذا لا يمنع أن الدولة اتخذت كافة الاحتياطات.

واستبعد أن يكون لغضب الأهالي تأثير على مجريات الأمور، مضيفا أن الحياة تسير بشكل طبيعي، وأن عدد سكان البلدة لا يتجاوز 15 ألف نسمة.

بدوره، أكد النائب عن دائرة النجيلة وسيدي براني والسلوم، سليمان فضل، وجود لغط وعدم وضوح بشأن تصريحات وزيرة الصحة الغامضة في بداية الأمر، ولكن بعد ذلك تمت إزالة كل اللبس، حيث ذكرت أن الأشخاص الذين سوف يتم إجلاؤهم من الصين ليس من بينهم أي حالة مصابة بفيروس كورونا، وسيتم التحفظ عليهم في فندق المشير بمرسى مطروح، وفي حال ظهور أي حالة سيكون هناك مستشفى جاهز لاستقبالها.

وأوضح في تصريح للجزيرة نت، أنه اشترط ألا تتجاوز فترة استقبال العائدين من الصين أكثر من 21 يوما، بعدها يعود المستشفى إلى خدمة الأهالي، وخلال تلك الفترة توفر وزارة الصحة الرعاية الصحية الكاملة للأهالي، وبالفعل تم توفير خمس وحدات صحية مع سيارات إسعاف لنقل الحالات الطارئة إلى مستشفى مطروح وتوفير عيادات متنقلة لخدمة الأهالي، وسيارات لنقل مرضى الغسيل الكلوي من بيوتهم.

وبشأن اختيار مستشفى النجيلة المركزي تحديدا دون غيره، أكد النائب أن أي مكان سيكون داخل مصر سيثار بشأنه السؤال نفسه، إضافة إلى أن الأمر جاء خلال 72 ساعة عندما وجهت القيادة السياسية بإجلاء المصريين هناك على وجه السرعة.

وتواجه وزيرة الصحة المصرية هالة زايد انتقادات واسعة منذ توليها منصبها وإعادة تكليفها مجددا في حكومة مصطفى مدبولي الثانية، بسبب تصريحاتها تارة تجاه الأطباء والصيادلة، وطريقة تعاملها مع الأزمات التي تقع من وقت لآخر، مثل حادث طبيبات المنيا الذي أسفر عن وفاة وإصابة عدد منهن أثناء توجههن من المنيا إلى القاهرة لحضور تدريب تم إبلاغهن به بشكل مفاجئ.

المصدر : الجزيرة