أمن المعلومات بتشاد.. مواجهة الجريمة والإرهاب أم حماية النظام؟

كاميرات مراقبة في تقاطع بالعاصمة إنجمينا تم ركيبها حديثا
كاميرات مراقبة في تقاطع بالعاصمة إنجمينا رُكبت حديثا (الجزيرة)

فضل عبد الرازق-إنجمينا

اعتاد سكان العاصمة التشادية إنجمينا ممن فقدوا هواتفهم المحمولة التوجّه إلى إدارات الشرطة المختلفة للإبلاغ عن هواتفهم المفقودة.

فقد تحسنت كفاءة وقدرة الشرطة على حل مشاكل المبلغين عن هواتفهم المفقودة، وهي تملك الآن تقنية تمكّنها من تتبع الهواتف المحمولة.

فبمجرد تزويد الشرطة برقم شريحة هاتف سبق استخدامها في الهاتف المفقود يمكنها، بالتعاون مع شركات الاتصالات، معرفة موقع الهاتف ومن يستخدمه.

ورفعت الحكومة كفاءة مؤسسات أخرى في جمع البيانات إلكترونيا، فقد أشرف وزير الدفاع والأمن محمد أبا صلاح الشهر الماضي على إطلاق جواز سفر جديد أكد أنه رُعيت فيه كل الإجراءات المطلوبة لتأمين البيانات.

حماية معلومات وبيانات المواطنين الشخصية وتتبع بيانات المجرمين والإعلام عنهم  أمور تزايدت أهميتها لدى الحكومة التشادية، مؤكدة أن الهدف الأساسي هو مكافحة الجريمة المنظمة، سواء بمنع المجرمين من سرقة المعلومات أو تزويرها، أو التعرف على هويات مرتكبي الجرائم ممن يستخدمون أي وسيلة تكنلوجية انطلاقا من تشاد.

‪محمد أوار: الهدف من الوكالة الوطنية لأمن المعلومات هو حماية بيانات المواطنين‬ (الجزيرة)
‪محمد أوار: الهدف من الوكالة الوطنية لأمن المعلومات هو حماية بيانات المواطنين‬ (الجزيرة)

مخاطر متزايدة
فتشاد تواجه الآن مسلحي بوكو حرام في بحيرة تشاد، وهي هدف لتنظيمات أخرى مسلحة في المنطقة توعدت الحكومة الشادية بالرد عليها لأنها تهاجم مواقعها في مالي وفي مناطق أخرى.

وأنشأت الحكومة لهذا الغرض الوكالة الوطنية لأمن المعلومات والتوثيق الإلكتروني، التي بدأت العمل فعليا في 2018، بعد ثلاث سنوات من مصادقة البرلمان على القانون المنشئ للوكالة.

لكن الحكومة التي يصفها معارضوها بالعاجزة عن تطبيق القوانين التي دعت إلى سنّها، تُتهم من المعارضة بأنها لم تعمل إلا على استحداث مؤسسة جديدة ولن تقدم شيئا مفيدا للمواطنين وأمنهم.

في مقابلة خص بها المدير العام للوكالة الجزيرة، شرح لنا محمد أوار نايسا المهمة الأساسية للمؤسسة الجديدة، قائلا إنهم وظفوا خبراء تشاديين دُرّبوا في عدد من الدول كاليابان وجنوب أفريقيا وفرنسا والولايات المتحدة، وسيسهرون على وضع التشريعات واقتراح الإجراءات الفنية للحكومة لحماية بيانات المواطنين الشخصية من أن تستغل بطريقة غير شرعية.

ولتحقيق هذا الهدف، يوضح نايسا تم الشروع في إنشاء مركز للبيانات في تشاد مهمته جمع البيانات وحفظها محليا، لأنه لا يتوفر مركز بيانات محلي لحفظ بيانات المواطنين الشخصية كتلك المتعلقة بالصحة أو بالهويات، مما يعرض أمن هذه المعلومات للخطر، إذ إن الخيار المتوفر حتى الآن هو حفظها في الخارج فقط. 

أما المهمة الثانية، بحسب مدير الوكالة الوطنية لأمن المعلومات والتوثيق الإلكتروني، فهي محاربة الجرائم الإلكترونية، حيث أنشأت الوكالة قسما مختصا بمتابعة هذه الجرائم، يضم في عضويته متخصصين من القضاء والاتصالات والشرطة. 

غير أن رئيس حزب الاتحاد الوطني للديمقراطية والتجديد صالح كبزابو لا يثق في الإجراءات التي تقوم بها المؤسسة، وقال كبزابو -النائب البرلماني والمنافس للرئيس إدريس ديبي في الانتخابات الرئاسية الماضية- إن الحكومة لم تقدم أي معلومات للجمهور عن مشروعها الجديد الذي نشرت بموجبه كاميرات مراقبة في التقاطعات الرئيسية بالعاصمة.

 

‪صالح كبزابو: الهدف من المشروع تتبع المعارضين‬ (مواقع التواصل)
‪صالح كبزابو: الهدف من المشروع تتبع المعارضين‬ (مواقع التواصل)

قمع المعارضين
ويرى كبزابو أن المشروع يندرج في إطار ما تقوم به الحكومة من قمع للحريات، وهي تستهدف هذه المرة المظاهرات التي تندلع في الشوارع من خلال تصوير المشاركين فيها ومعرفة هوياتهم، وليس القصد منه مكافحة الجرائم. 

صالح كبزابو قال في مقابلة مع الجزيرة إن الرئيس ديبي في سعيه للحصول على معلومات تثبت حكمه وتقمع معارضيه أنشأ علاقة سرية مع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية قبل أن تأخذ هذه العلاقة طابعا رسميا توج بتطبيع العلاقات في بداية 1019.

والهدف من إقامة تشاد علاقة مع إسرائيل، كما يقول كبزابو، هو أن توفّر تل أبيب لتشاد أجهزة إلكترونية وخبراء للتنصت على مكالمات المعارضين واختراق اتصالاتهم وسجلات بياناتهم الشخصية، معتبرا أن كل ما تضمنه الاتفاق له هدف واحد هو توفير الحماية والاستمرارية لحكم الرئيس. 

لكن مدير الوكالة الوطنية لأمن المعلومات والتوثيق الإلكتروني نفى حديث كبزابو عن استعانة الحكومة بإسرائيليين لاختراق بيانات المواطنين والتنصت عليهم، وقال إن إدارته جاهزة لاستقبال المعارض كبزابو أو أي شخص آخر لتقديم ما لديها بهذا الخصوص.

واعتبر أن الوكالة تعمل بحياد تام ومستعدة حتى لإيصال الأمر إلى بيوت خبرة أجنبية إذا عجز الخبراء المحليون عن التعامل مع الأمر، لأن القانون في تشاد -بحسب قوله- يحمي المعلومات الشخصية، مشيرا إلى أن الدولة أناطت بهم تقديم كل ما يلزم في هذا الشأن.

المصدر : الجزيرة