السودان.. تعويضات "كول" هل تكون الخطوة قبل الأخيرة للنجاة من القائمة السوداء؟

مقر وزارة الخارجية السودانية بالخرطوم
المتحدث باسم الخارجية السودانية أكد أن مفاوضات لازالت تجري فيما يتعلق بضحايا تفجيري سفارتي أميركا بنيروبي ودار السلام (الجزيرة نت)

مزدلفة محمد عثمان-الخرطوم

قطع السودان مرحلة متقدمة في اتجاه مغادرة القائمة الأميركية للدول الراعية للإرهاب في أعقاب توصله إلى تسوية مالية مع ضحايا تفجير المدمرة الأميركية "كول" في العام 2000 بميناء عدن اليمني.

وتنتظر الخرطوم تسوية قضية التفجيرات التي طالت سفارتي واشنطن في نيروبي ودار السلام، لتتمكن من الوصول معهم إلى تفاهمات تفتح لها الطريق للنجاة من قائمة الإرهاب السوداء. 

واتهمت الولايات المتحدة السودان بمساعدة تنظيم القاعدة بزعامة أسامة بن لادن في تنفيذ الهجوم على المدمرة "كول " في ميناء عدن جنوبي اليمن في أكتوبر/تشرين الأول 2000 حينما كانت تتزود بالوقود، مما أدى إلى مصرع 17 بحارا وجرح 39 آخرين. 

وبحسب المتحدث باسم الخارجية السودانية منصور بولاد فإنهم ما زالوا بانتظار التفاصيل الكاملة حول الاتفاق الذي جرى التوصل إليه.

مفاوضات أخرى
وقال بولاد للجزيرة نت الخميس إن اتصالات تجرى مع الوفد المفاوض في واشنطن لاستجلاء ما تم من تفاهمات مع أسر الضحايا. 

ولفت إلى تصريحات المتحدث باسم الحكومة السودانية التي قال فيها إنه في إطار إصلاح العلاقات مع الولايات المتحدة توجد أمور تتعلق بالأحكام القضائية التي صدرت ضد الخرطوم بشأن تعويض ضحايا تفجيرات يتهم السودان بالتورط فيها. 

وقال بولاد "من حيث المبدأ نتوقع أن يكون الأثر للاتفاق مع أسر ضحايا المدمرة كول في اليمن إيجابيا ويمهد لمزيد من الاقتراب لحل الإشكالات العالقة مع الولايات المتحدة". 

وأشار إلى أن مفاوضات أخرى ما زالت تجري في دعاوى أخرى خاصة بضحايا تفجيري سفارتي الولايات المتحدة في نيروبي ودار السلام، بينما أكد أن الاتفاق حول ضحايا المدمرة كول يعتبر نهائيا. 

‪المدمرة الأميركية
‪المدمرة الأميركية "كول" تعرضت لهجوم عندما كانت تتزود بالوقود في عدن خلال أكتوبر/تشرين الأول 2000‬ (غيتي)

المسارات الخمسة
وبرز الشرط الأميركي بشأن تعويض ضحايا التفجيرات مؤخرا بعد أن رهنت الولايات المتحدة خلال ولاية الرئيس السابق باراك أوباما رفع العقوبات عن الخرطوم بتسوية خمس قضايا فيما أطلق عليه خطة "المسارات الخمسة".

وشملت هذه المسارات تسهيل دخول المساعدات الإنسانية إلى مناطق النزاع والمساعدة في عملية السلام بجنوب السودان، ووقف القتال في دارفور ومنطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، والتعاون مع وكالات الاستخبارات الأميركية في مكافحة الإرهاب، إضافة إلى الالتزام بالعقوبات الدولية المفروضة على كوريا الشمالية، بجانب مكافحة جيش الرب للمقاومة الأوغندي. 

وفي أكتوبر/تشرين الثاني 2017، قررت واشنطن رفع الحظر المفروض على السودان منذ 20 عاما قائلة إن الخرطوم تعاونت بشكل كامل في هذه المسارات. 

وفي مرحلة لاحقة من الحوار الثنائي بين الخرطوم خلال نوفمبر/تشرين الثاني 2018، أضيف شرط سادس للتطبيع بين البلدين فيما أطلق عليه "المسارات الخمسة +1″، حيث وضع ضرورة إظهار الخرطوم احتراما للحريات الدينية وحقوق الإنسان كمقابل إضافي للتقارب. 

ومع تنفيذ الخرطوم غالب الخطوات المنصوص عليها في الاشتراطات الأميركية، أعلن رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك بعد عودته من واشنطن يوم 7 ديسمبر/كانون الأول الماضي أن الإدارة الأميركية اشترطت عليهم التوصل إلى تسوية مع ضحايا العمليات الإرهابية التي يتهم السودان بالتورط فيها كمخرج إضافي لمغادرة اللائحة السوداء. 

ووصلت المبالغ المطلوبة من أهالي الضحايا إلى مليارات الدولارات، لكن حمدوك قال يومها إن تحركات تمضي باتجاه تسوية المطالب المالية، وإنها يمكن أن تصل إلى بضعة ملايين.

‪نصر الدين عبد الباري أجرى مؤخرا مباحثات في واشنطن تركزت على رفع السودان من القائمة الأميركية للإرهاب‬ (الجزيرة)
‪نصر الدين عبد الباري أجرى مؤخرا مباحثات في واشنطن تركزت على رفع السودان من القائمة الأميركية للإرهاب‬ (الجزيرة)

إبرام تسوية
وأكدت وزارة العدل السودانية في بيان صدر فجر الخميس التوصل إلى اتفاق مع أسر ضحايا المدمرة الأميركية بعد ساعات من إعلان محامي أسر الضحايا نيلسون جونز الوصول إلى تسوية مع السودان. 

وفي وقت لاحق، وافق قاضي المحكمة الاتحادية في فرجينيا على طلب حكومة الخرطوم وأسر الضحايا والمصابين على إيقاف الإجراءات القضائية لمدة 30 يوما بعد توصل الطرفين إلى تسوية بمقتضاها يؤدي الطرفان التزاماتهما خلال هذه المدة، بما يمهد السبيل لشطب القضية دون إمكانية لإعادة فتحها مرة أخرى. 

ووصل مبلغ التسوية المتفق عليه بحسب تصريح صحفي لجونز إلى نحو 30 مليون دولار، يدفعها السودان ويتم تقسيمها بين أسر المتضررين من الهجوم. 

وقال بيان وزارة العدل إن السودان أكد في اتفاق التسوية المبرم عدم "مسؤولية الحكومة الانتقالية عن هذه الحادثة أو أي أفعال إرهاب أخرى"، وأنه توصل إلى هذه الخطوة حرصا منه على إنهاء مزاعم الإرهاب التاريخية التي خلفها نظام الرئيس المعزول عمر البشير. 

وجاءت هذه الخطوة المهمة بعد أيام قليلة من إجراء وزير العدل السوداني نصر الدين عبد الباري محادثات في واشنطن مع تيبور ناجي مساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون الأفريقية، ركزت على مناقشة مساعي الحكومة السودانية لرفع اسم البلاد من قائمة الدول الراعية للإرهاب. 

وفي منتصف يناير/كانون الثاني الماضي، أبلغ وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية ديفد هول وزيرة الخارجية السودانية أسماء عبد الله حين التقاها في واشنطن، أن تسوية تعويضات ضحايا العمليات الإرهابية التي يتهم السودان بالتورط فيها هي "آخر الخطوات" المتبقية ليغادر اللائحة السوداء.

المصدر : الجزيرة