معاقبة مذيع مصري حذّر من انتقال كابلات الإنترنت لإسرائيل

أسامة كمال دافع عن مصالح مصر فكان جزاؤه الإيقاف (مواقع التواصل)

فوجئ المذيع المقرّب من النظام المصري أسامة كمال بقرار من المجلس الأعلى للإعلام يمنعه من الظهور على الشاشات لمدة أسبوعين، مع تغريم قناة المحور التي تبث برنامجه عبر شاشتها مبلغ 100 ألف جنيه (الدولار نحو 15.6 جنيها).

وجاء قرار المنع والغرامة الذي صدر أمس السبت بعد تحقيقات استُدعي إليها المذيع ومسؤول الشؤون القانونية في القناة، بشأن شكوى تقدمت بها الشركة المصرية للاتصالات (حكومية)، لتضررها من إحدى فقرات البرنامج التي يكشف فيها كمال عن أضرار بليغة ستلحق بمكانة مصر، كنقطة عبور مركزية إستراتيجية للكابلات البحرية الدولية لصالح إسرائيل.

وذكر قرار الأعلى للإعلام أن "ما جاء بالحلقة من شأنه الإضرار بالمسار التفاوضي بشأن أحد مشروعات الاتصالات"، وأن مقدّم البرنامج غير مقيد بجداول العضوية في نقابة الإعلاميين، وغير حاصل على تصريح من النقابة بمزاولة النشاط الإعلامي، رغم أن كمال مذيع معروف يظهر على الشاشات المصرية منذ سنوات.

بلاغ للسيسي

وقال كمال في الحلقة التي أذيعت نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي إن شركة غوغل اتفقت على مد خط كابل بحري للاتصالات يربط بين قارتي آسيا وأوروبا، مارا بخليج العقبة، وليس بمصر كما هو معتاد.

وقال المذيع المصري إنه يتقدم بهذا البلاغ لكل من يهمه الأمر، مضيفا "طالما قلت إن المسؤول الفاسد ليس فقط من يسرق، لكنه أيضا من يضيع الأموال على البلد بإهمال، أو بعدم اتخاذ قرار، أو باتخاذ قرار خاطئ".

وتحدث عن خبر منشور في صحيفة وول ستريت جورنال عنوانه "غوغل تخطط لبناء شبكة ألياف ضوئية تربط بين السعودية وإسرائيل لأول مرة"، ليربط الهند بأوروبا في أحدث جهود غوغل لإنشاء معابر للإنترنت في العالم.

منجم ذهب يضيع

ولفت المذيع المقرّب من السلطة إلى أن العالم يتكلم عن مصر التي تضيع عمدا أو جهلا منجم ذهب لا يصح أن يضيع، مطالبا بإنقاذ الوضع ومحاسبة المسؤول عن ضياع المشروع منها، رغم أنه كان من المعروف حتى وقت قريب أن إسرائيل لن يكون بمقدورها منافسة مصر.

وشرح كمال تأثير كابل غوغل على مصر فنيا بالقول إن الكابلات البحرية الجديدة ذات سعات كبيرة، مما يجعل الكابلات المارة بمصر زائدة عن الحاجة، لتفقد مصر دورها في أن تكون لاعبا رئيسيا في مجال أعمال مراكز البيانات، نظرا لتراجع مكانتها كمركز لالتقاء الكابلات البحرية.

أما اجتماعيا، فيأتي التأثير السلبي في نقص فرص تشغيل العمالة، وزيادة التكلفة المادية للإنترنت الفائق السرعة، وفقدان مصر للعائد المادي من الكابلات البحرية الجديدة التي تسلك مسارا لا يمر عبرها، بحسب المذيع.

وعلى الجانب الاقتصادي، ستفقد البلاد العائد المادي من رسوم زيادة السعات والسرعات بالكابلات الحالية، فضلا عن التأثير السياسي بفقدانها مكانتها كمركز لالتقاء الكابلات البحرية في العالم، وأن تكون رائدة في مجال أعمال التحول الرقمي للدول الأفريقية معرض للخطر.

وذكر كمال أن السعودية سوف تمدّ الكابل الجنوبي القادم من الهند مرورا بالمحيط الهندي إلى نقطة بخليج العقبة، ليلتقي بآخر شمالي قادم من أوروبا وصولا إلى إسرائيل عبر البحر المتوسط، ثم يكمل الكابل الشمالي الطريق بريا حتى خليج العقبة ليلتقي بالكابل السعودي، ليبدو الأمر وكأن الكابلين منفصلان ولا علاقة للسعودية بالكابل المار بإسرائيل، لكنهما في الحقيقة كابل واحد، بحسب كمال.

 

وعلى مدى السنوات الماضية، كان واضحا أن أسامة كمال يحظى بدعم رسمي كبير من أعلى سلطة في البلاد، حيث عمل مترجما في رئاسة الجمهورية وقت الرئيس الراحل حسني مبارك، وبات من المذيعين القلائل الذين حاوروا السيسي تلفزيونيا، كما حرص الرئيس المصري على افتتاح المعرض السنوي "القاهرة للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات"، وهو من تنظيم الشركة التي يتولى كمال رئاستها التنفيذية.

وفي الدورة الأخيرة للمعرض -والتي انعقدت الشهر الماضي- فضلت وزارة الاتصالات بهيئاتها وشركاتها ومنها المصرية للاتصالات، عدم المشاركة بدعوى الخشية من انتشار فيروس كورونا بين منتسبيها، وهو ما فسره البعض بوجود خلاف بين كمال ووزير الاتصالات عمرو طلعت، وهو ما دفع صاحب المعرض لاستغلال برنامجه في التعريض بالوزارة ملمحا لفشلها في قضية الكوابل لصالح إسرائيل.

وكان من مظاهر الدعم الرسمي الكبير للمعرض في دورته الحالية مشاركة وزارة النقل بجناح كبير يضم شركاتها المتعددة، علاوة على حرص وزير النقل اللواء كامل الوزير -العسكري السابق المقرب من السيسي-على زيارة المعرض وافتتاحه لفعالياته رفقة السيسي.

ثمار التطبيع

وتمثل الكوابل البحرية أحد أهم مصادر دخل الشركة المصرية للاتصالات، حيث تتولى عمليات تركيب الكوابل في مصر بالاتفاق مع شركات عالمية، وتعد كوابل الشركة هي المصب الرئيس لنقل البيانات والاتصالات القادمة من الخارج، والمخرج الوحيد للاتصالات لنقل البيانات الخارجة من مصر للعالم، إذ تحتكر تقديم هذه الخدمة في البلاد، فضلا عن تقديم خدمات أخرى للاتصالات ونقل البيانات.

ويعتبر المشروع نتيجة سلسلة من الصفقات التي توسطت فيها الولايات المتحدة وخلقت علاقات دبلوماسية وتجارية جديدة بين دول الخليج العربية وإسرائيل، حيث قامت كل من الإمارات والبحرين والسودان بتطبيع علاقاتها مع إسرائيل، بتنسيق من إدارة الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترامب.

وتخشى مصر من تأثير التطبيع الخليجي على مكانتها السياسية، فضلا عن التأثيرات الاقتصادية السلبية على غرار مشروع الكوابل البحرية، ومن قبلها ما تحدثت عنه تقارير صحفية غربية وإسرائيلية، حول مناقشات بين الإمارات وإسرائيل بشأن إحياء خط أنابيب يتجنب المرور بقناة السويس، ويمتد من أبو ظبي مرورا بالأراضي السعودية إلى ميناء إيلات في خليج العقبة بالبحر الأحمر (على الحدود المصرية)، ومنه إلى ميناء أشكلون بالبحر المتوسط.

 

جدير بالذكر أن قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر، الصادرة أمس السبت، شملت أيضا وقف برنامج "صبايا الخير" الذي تقدمه ريهام سعيد على قناة النهار، بعد حلقة عن صيد الثعالب لقيت انتقادات كثيرة بسبب سوء معاملة الحيوانات.

المصدر : الجزيرة + مواقع التواصل الاجتماعي